علي - البحرين
منذ 4 سنوات

التقليد و الدليل عليه

ما هو التقليد, ومتى بدأ التقليد, وفي عصر أي إمام بدأ التقليد, وما الدليل على التقليد؟


الاخ حسن المحترم السلام عليكم ورحمة الله وبركاته التقليد (لغة) بمعنى جعل الشخص أو غيره ذا قلادة، فيقال: تقلّد السيف، أي ألقى حمّالته في عنقه، وفي حديث الخلافة: عن الرضا(عليه السلام): (فقلّدها صلّى الله عليه وآله عليّاً عليه السلام) (1) ، أي جعلها قلادة له. ومعنى أنّ العامّي قلّد المجتهد، أنّه جعل أعماله على رقبة المجتهد وعاتقه، وأتى بها استناداً إلى فتواه. وقد أشارت جملة من الروايات إلى هذا المعنى، نذكر منها: معتبرة عبد الرحمن بن الحجّاج، قال: ((كان أبو عبد الله(عليه السلام) قاعداً في حلقة ربيعة الرأي، فجاء الأعرابي فسأل ربيعة الرأي عن مسألة فأجابه، فلمّا سكت، قال له الأعرابي: أهو في عنقك؟ فسكت عنه ربيعة ولم يردّ عليه شيئاً، فأعاد المسألة عليه، فأجابه بمثل ذلك، فقال له الأعرابي: أهو في عنقك؟ فسكت ربيعة، فقال له أبو عبد الله(عليه السلام): (هو في عنقه قال أو لم يقل، وكلّ مفتٍ ضامن) )) (2) . وهناك أخبار مستفيضة يمكنك الرجوع إليها في كتاب (وسائل الشيعة) (3) . وعلى هذا نرى بأنّ اللغة والاصطلاح والعرف متطابقة على أنّ التقليد هو: الاستناد إلى قول الغير في مقام العمل؛ فالتقليد إمّا أن يكون بمعنى: الأخذ والالتزام، أو يكون معناه: العمل استناداً إلى رأي الغير، وهو العالم الجامع للشرائط. والضرورة تقتضي التقليد؛ وذلك لأنّ كلّ مكلّف يعلم إجمالاً بثبوت أحكام الزامية فرضها الشارع المقدّس عليه، من وجوب أو حرمة، والإتيان بالواجب وترك المحرّم له طريقان: إمّا أنّه يعرف الواجب فيأتي به، والمحرّم فيتركه، وإمّا أنّه غير عالم بهما فيجب الرجوع إلى العالم بهما، وهو المتخصّص في عمله؛ لإبراء ذمّته أمام مولاه، وهذا هو معنى التقليد الذي هو: اعتماد غير المتخصّص على المتخصّصين والرجوع إليهم. ومن هنا يظهر أنّ التقليد من الأمور الارتكازية؛ إذ رجوع كلّ ذي صنعة إلى أصحاب الصنائع، وكلّ من لا يعرف أحكام الدين يعتمد في معرفته لهذه الأحكام على المجتهد المتخصّص، فيضع عمله كالقلادة في رقبة المجتهد الذي يقلّده، وهذا غير محدّد بزمان بل هو جارٍ في كلّ الأزمنة. والتقليد من فطرة العقول، والشارع قد أمضاه بعدم الردع عنه، فرجوع الجاهل إلى العالم في زمان الأئمّة(عليهم السلام) كان رجوعاً إلى من علم الأحكام بالعلم الوجداني الحاصل من مشافهة الأئمّة(عليهم السلام)، وأمّا في زماننا فهو رجوع إلى من عرف الأحكام بالظنّ الاجتهادي والأمارات. (ويكون عمله تنزيلياً تعبّدياً لا وجدانياً، فهو الطريق الأكثر عملية، والأقرب لفعل الناس؛ لاعتيادهم في كلّ مجال على الرجوع إلى ذوي الاختصاص والخبرة، وهو واجب كلّ مكلّف لا يتمكّن من الاجتهاد أو الاحتياط). ودمتم في رعاية الله

1