عبد الكريم - ايسلندا
منذ 4 سنوات

 لماذا لم يعتنق أجداد النبيّ محمّد(صلّى الله عليه وآله وسلّم) اليهودية أو النصرانية

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.. من الأُمور المسلّمة أنّ آباء النبيّ(صلّى الله عليه وآله وسلّم) كانوا مؤمنين، وهذا لا نقاش فيه عندنا، ولكن حسب استقصائي القاصر وتتبّعي لم أجد من تعرّض إلى أنّهم هل كانوا يدينون لله بالمسيحية؛ لأنّ رسالة عيسى(عليه السلام) كانت عامّة لكلّ الناس، ولا يسع أحد أن يتخلّف عنها إلاّ إذا لم تصله دعوته، وليس الحال هكذا في مكّة فإنّ المسيحية واصلة إليهم كما وصلت اليهودية. نعم، ورد أنّهم كانوا على الحنيفية الإبراهيمية، ولكن لو كان هذا يكفي لكفى غيرهم، ولما احتاج الناس إلى بعث الأنبياء من جديد، فأرجو تسليط الضوء على هذا الموضوع مع إرشادي إلى المصادر التي تذكره. مع تمنياتي لكم بالتوفيق


الأخ عبد الكريم المحترم السلام عليكم ورحمة الله وبركاته من المسلّم به والثابت عندنا نحن الإمامية أنّ آباء النبيّ(صلّى الله عليه وآله وسلّم) كانوا موحّدين مؤمنين، وهناك إشارات من الروايات على أنّهم كانوا أحنافاً على ملّة أبيهم إبراهيم(عليه السلام), ولا توجد أيّ دلالة من الأخبار، أو الروايات على أنّهم كانوا يتعبّدون بشريعة موسى أو عيسى(عليهما السلام) حتى نستطيع أن نبتّ بالأمر, هذا هو حصيلة ما نحصل عليه من الروايات ونعتقد به، ويكفي المؤمن ذلك، ويتوقّف عن التفصيل أكثر. مع ملاحظة أنّ المسألة تشمل تعبّد النبيّ(صلّى الله عليه وآله وسلّم) قبل البعثة على بعض الوجوه. ولكن لا مانع من البحث العلمي حسب ما نعرفه من القواعد الكليّة, ونذكر هنا عدّة نقاط: أولاً: إنّ كلّ ديانة سماوية تعتمد على ركنين: العقيدة والشريعة، أو ما نسمّيه بـ(أُصول الدين وفروعه), ومن الواضح أنّ أُصول الدين واحدة عند كلّ الأنبياء من زمن آدم إلى نبيّنا(عليهم السلام)، والتي ينصّ القرآن على أنّها الإسلام والحنيفية، وما تتميّز الشرائع إلاّ بالفروع، ومنها ينسب الشخص إلى أنّه يهودي أو مسيحي إذا تعبّد بشريعة موسى(عليه السلام)، أي: ما جاء به من أحكام (فروع) وشريعة عيسى(عليه السلام). ثانياً: هناك بعض الروايات يدلّ ظاهرها على أنّ آباء النبيّ(صلّى الله عليه وآله وسلّم) كانوا أوصياء, وبجمعها مع الروايات التي تدلّ على أنّهم كانوا أحنافاً، يمكن أن نقول أنّهم كانوا أوصياء لإبراهيم وإسماعيل(عليهما السلام) حسب الشريعة الإبراهيمية، وعليه فقد لا يلزمهم التعبّد بالشريعة الموسوية أو العيسوية من جهة كونهم أوصياء. ثالثاً: لقد أشار السيّد جعفر مرتضى العاملي إلى أنّ الآيات والدلائل تشير إلى أنّ إبراهيم الخليل(عليه السلام) ونبيّنا الأكرم(صلّى الله عليه وآله وسلّم) هما اللذان كان لديهما شريعة عالمية وبُعثا للناس كافّة, ولم يسلم ذلك بخصوص نبيي الله موسى وعيسى(عليهما السلام)، بل أنّهما بعثا إلى بني إسرائيل خاصّة. وانّ معنى (أولوا العزم) من خلال الآية (( فَاصبِر كَمَا صَبَرَ أُولُو العَزمِ مِنَ الرُّسُلِ )) (الأحقاف:35), هو التأكيد على رسوخ وعمق درجة العصمة فيهم وقدرتهم الكبيرة على التحمل.. إلى آخر ما أشار إليه (1) . وبما ذكرناه ينحلّ الإشكال. ودمتم في رعاية الله

1