سلام عليكم
انأ عندي مشكلة دائماً أتشاجر مع والدتي فمثلاً مرة تشاجرت معها على شيء تافه وأصبحت أعاند فغضبت مني.. وقامت لا تتحدث معي فلا أعلم ما أفعل.. فهل يوجد لي نصيحة لكي أعرف كيف أتعامل جيداً مع أمي؟
وعليكم السلام
المشكلة أنت لا تعرف قيمة وقدر والدتك فلو عرفت قيمتها عند الله لعرفت كيف تتعامل معها..
فهذا الإمام الصادق (عليه السلام) يقول: « لو علم اللّه شيئاً هو أدنى من أف ، لنهى عنه ، وهو من أدنى العقوق ، ومن العقوق أن ينظر الرجل إلى والديه ، فيحدّ النظر إليهما » .
و روي عن أمير المؤمنين (عليه السلام) عن رسول اللّه (صلى اللّه عليه وآله) : « ثلاثة من الذنوب ، تعجل عقوبتها ولا تؤخر إلى الآخرة : عقوق الوالدين ، والبغي على الناس ، وكفر الإحسان»..
فللعقوق مساوئ خطيرة ، وآثار سيئة تنذر العاق وتتوعده بالشقاء الدنيوي والأخروي..
فمن آثاره أن العاقّ يعقّه إبنه جزاءاً وفاقاً على عقوقه لوالديه.. وقد شهد الناس صوراً وأدواراً من هذه المكافأة على مسرح الحياة..
ومن آثار العقوق أنه موجب لشقاء العاق ، وعدم ارتياحه في الحياة ، لسخط الوالدين ودعائهما عليه..
وقد جاء في الحديث النبوي : « إياكم ودعوة الوالد ، فإنها أحدّ من السيف »..
ومن آثار العقوق أن العاق يشاهد أهوالاً مريعة عند الوفاة ، ويعاني شدائد النزع وسكرات الموت..
فعن أبي عبد اللّه (عليه السلام) أنه قال : « إن رسول اللّه (صلى اللّه عليه وآله) حضر شاباً عند وفاته ، فقال له : قل لا إله إلا اللّه.. فاعتقل لسانه مراراً..
فقال لإمرأة عند رأسه : هل لهذا أم ؟
قالت : نعم ، أنا أمه..
قال : أفساخطة أنت عليه ؟
قالت : نعم ، ما كلمته منذ ست حجج..
قال لها : أرض ِعنه . قالت : رضي اللّه عنه برضاك يا رسول اللّه..
فقال له رسول اللّه : قل لا إله إلا اللّه . قال : فقالها.
فقال النبي صلى اللّه عليه وآله : ما ترى ؟
فقال أرى رجلاً أسوداً قبيح المنظر ، وسخ الثياب ، منتن الريح ، قد وليني الساعة فأخذ بكظمي..
فقال له النبي : قل « يا من يقبل اليسير ويعفو عن الكثير ، إقبل مني اليسير واعف عن الكثير ، إنك أنت الغفور الرحيم » . فقالها الشاب..
فقال النبي (صلى اللّه عليه وآله) : أنظر ، ماذا ترى ؟
قال : أرى رجلاً أبيض اللون ، حسن الوجه ، طيّب الريح ، حسن الثياب قد وليني ، وأرى الأسود قد تولى عني..
قال : أعد . فأعاد .
قال : ما ترى ؟ قال : لست أرى الأسود ، وأرى الأبيض قد وليني.. ثم مضى على تلك الحال »..
وقد أوصى الله عزّ وجلّ ببرّهما والإحسان إليهما ، فقال عزّ من قائل في كتابه الكريم: (وقضى ربك ألأ تعبدوا إلا إيَّاه وبالوالدين إحسانا إما يبلغن عندك الكبر أحدهما أو كلاهما فلا تقل لهما أفّ ولا تنهرهما وقل لهما قولا كريما)»..
وروي عن الإمام جعفر الصادق (عليه السلام) «من نظر إلى أبويه نظر ماقت وهما ظالمان له لم يقبل الله له صلاة»، وغير هذه الأحاديث كثير..
وفي مقابل ذلك (برُ الوالدين) فهو من أفضل القربات لله تعالى ، قال عزَّ من قائل في كتابه الكريم: (واخفض لهما جناح الذلِّ من الرحمة وقل ربّ ارحمهما كما ربياني صغيرا)..
وقد ورد في الأحاديث الشريفة التأكيد على صلة الأم قبل الأب ، فعن الإمام الصادق (عليه السلام) أنه قال: «جاء رجل إلى النبي محمد (صلى الله عليه وآله) فقال: يارسول الله من أبر؟ قال أمك ،قال: ثم من؟ قال: أمك ، قال: ثم من؟ قال أمك ، قال: ثم من؟ قال: أباك»..
ومن آثار العقوق إنه من الذنوب الكبائر التي توعد اللّه عليها بالنار ، كما صرحت بذلك الأخبار..
فاتقي الله ولا تغضبها..
دمتم موفقين.