السلام عليكم ورحمة الله و بركاته ، مرحبًا بك أيها السائل الكريم
جاء في مقاتل الطالبيين لأبي الفرج الأصفهاني 284 - 356 قدم له وأشرف على طبعه كاظم المظفر الطبعة الثانية الناشر مؤسسة دار الكتاب للطباعة والنشر قم - إيران منشورات المكتبة الحيدرية ومطبعتها في النجف ت (368) 1385 ه - 1965 م، ص ١٤-١٥:
وأبو الفرج كان شيعي الهوى والعقيدة، على مذهب الزيدية المعروف، وقد نص على تشيعه أكثر مترجميه، ومنهم معاصره القاضي التنوخي، فقد ذكر في كتابه نشوار المحاضرة انه من المتشيعين الذين شاهدهم، وقال ابن شاكر في عيون التواريخ انه كان ظاهر التشيع، وكذلك نص على تشيعه الحر العاملي في أمل الآمل والخونساري في روضات الجنات.
اما ابن الأثير في كتابه الكامل فقال إنه كان شيعيا، ولكنه رأى في تشيعه مدعاة للاستغراب، فقال: " وهذا من العجب. " ولعل موضع العجب عند ابن الأثير كون أبي الفرج من صميم الأسرة الأموية، فكيف صار إذن على مذهب الشيعة؟ مع كل ما عرفه التاريخ من ألوان العداء ثم الخصومة السياسية والدينية التي اشتجرت نيرانها طويلا بين الأمويين والعلويين.
وفي الواقع ان الرأي - أي رأي - لا يعرف وطنا ولا جنسية، كما أن العقيدة لا دخل لها في نسب المرء أيا كان هذا النسب. فمهما كان العداء التقليدي بين شيعة الأمويين وشيعة العلويين متين الأسباب طويل الآماد، فهو لا يحول ابدا دون ان نجد بين الفريقين من يعطف أحدهما على الآخر. ولقد رأينا في الأمويين أكثر من واحد لا يرى رأى أهله ولا يعتقد عقيدة قبيله.
وظاهرة التشيع عند أبي الفرج واضحة الدلالة كل الوضوح في كتابه (مقاتل الطالبيين) الذي نقدمه للقارئ على هذه الصفحات.
ترجم أبو الفرج في هذا الكتاب جميع الشهداء الطالبيين اي من كان من ذرية عبد المطلب بن عبد مناف، منذ عصر النبوة إلى الوقت الذي الف فيه أبو الفرج كتابه في عام 313 هج " سواءا كان المترجم له قتيل الحرب أو صريع السم في السلم وسواء أكان مهلكه في السجن، أم في مهربه أثناء تواريه من السلطان " كما أوضح أبو الفرج هذا المعنى في مقدمة الكتاب.
وأبو الفرج في تصويره لمصارع الطالبيين وعرضه لتراجمهم وتقديمه لمناقبهم وفضائلهم يبدو شديد العطف عليهم، لا يرى في مصائبهم إلا كل فضيلة ومجد، بل يراهم دائما يسلكون سبيل الحق في نهضاتهم ضد الدولة الأموية، مع أن خلفاء هذه الدولة هم آباؤه الصلبيون الذين لا ينكر أبو الفرج نسبته إليهم، وان كانت هذه النسبة - كما لاحظت - لم ترد عنده في موضع الفخر والاعتزاز.
دمتم في رعاية الله