السلام عليكم ورحمة الله
كيف نستدل على عصمة الأئمة أو أهل البيت(عليهم السلام) منذ ولادتهم، فإنّ آية التطهير: (( إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذهِبَ عَنكُمُ الرِّجسَ أَهلَ البَيتِ وَيُطَهِّرَكُم تَطهِيراً )) (الاحزاب:33) جائت في حياتهم. فهل يعني هذا: أنّه لمّا نزلت الآية صاروا معصومين، وقبل نزول الآية كانوا غير معصومين، لأنّ الآية تقول: (( لِيُذهِبَ عَنكُم )) ، ولم تقل: إنّ الله أذهب عنكم الرجس.
فكيف نستدل على عصمة أهل البيت(عليهم السلام) منذ الولادة؟
الاخ علي المحترم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
إنّ الإتيان بصيغة المضارع في مقام المدح أو الذم أو الشكر ونحوه، إنّما يفيد الإستمرار في الإتصاف، وليس التقيّد بهذا الإتصاف في الحال أو الإستقبال، ألا ترى أنّ قوله عزّ وجلّ: (( اللَّهُ يَستَهزِئُ بِهِم وَيَمُدُّهُم فِي طُغيَانِهِم يَعمَهُونَ )) (البقرة:15)، ليس ناظراً إلى أنّه يستهزئ بهم في الحال أو الإستقبال، ولم يستهزئ بهم في الماضي، وإنّما يفيد أنّه سبحانه شأنه مع هؤلاء هو الإستهزاء بهم، أيّ أنّه سبحانه يجازيهم جزاء الإستهزاء، لأنّه سبحانه لا يستهزئ حقيقة, وذلك لأجل نفاقهم واستهزائهم برسوله(صلّى الله عليه وآله وسلّم)، وهكذا الحال في المقام, فإنّه تعالى شأنه، في مقام تنزيه أهل بيت النبوّة(عليهم السلام) عن الرجس, فقوله تعالى: (( إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذهِبَ عَنكُمُ الرِّجسَ أَهلَ البَيتِ )) ناظر إلى أنّه عزّ وجلّ إنّما يتصف بإرادة تنزيه أهل بيت النبيّ(صلّى الله عليه وآله وسلّم) عن الرجس, ويستمر في هذا الإتصاف, ولا نظر للكلام إلى أنّه يتصف بها في الحال, ولم يتصف بها من قبل, بل تبيين ضمير المخاطب بقوله تعالى: (( أَهلَ البَيتِ )) تنبيه على أنّه تعالى إنّما يريد إذهاب الرجس عنهم من جهة أنّهم (أهل البيت)، وهذه الخصوصية ثابتة لهم في الماضي والحال والإستقبال, فلا مجال حينئذ للتفكيك بين الأزمنة, وتعلق الإرادة بالتنزيه في الحال, دون الماضي ... المزید وأيضاً قد أجمع المسلمون سُنّة وشيعة، وكما دلّت عليه بعض الروايات أنّ النبيّ(صلّى الله عليه وآله وسلّم) داخل ومشمول في مدلول آية التطهير, وهو لا يتصور في حقّه(صلّى الله عليه وآله وسلّم) وجود الرجس قبل نزول الآية - نعوذ بالله - وأنّ الله أذهبه عنه بعد ذلك, وكذلك لا يتصور هذا المعنى في حقّ الإمامين الحسن والحسين(عليهما السلام) اللذين كانا صغيرين حين نزول الآية, إذ كيف يتصور وجود الرجس في حقهما حتى يتم إذهابه!
فإذهاب الرجس والتطهير الوارد في الآية إنّما هو على سبيل الدفع لا الرفع, إذ تارة يستعمل الإذهاب ويراد به إزالة ما هو موجود, وأخرى يستعمل ويراد به المنع من طريان أمر على محل قابل له, كقوله تعالى: (( كَذَلِكَ لِنَصرِفَ عَنهُ السُّوءَ وَالفَحشَاءَ )) (يوسف:24)، فإنّ يوسف(عليه السلام) لم يقع في الفحشاء قطعاً حتى يصرفها الله عنه بمعنى رفعها, وإنّما هو على سبيل الدفع لا الرفع. وأيضاً حين تقول في الدعاء لغيرك: ((صرف الله عنك كلّ سوء، وأذهب الله عنك كلّ محذور))، فإنّك قد تخاطب بقولك هذا من لا يكون شيء من ذلك متحققاً فيه، ولا حاصلاً له أثناء خطابك له, وإنّما الخطاب يجري على سبيل الدفع لا الرفع.
ودمتم برعاية الله