د. علي الموسوي - ايسلندا
منذ 4 سنوات

 تغاير آيتي التطهير والتخيير في سبب ووقت النزول

السادة المحترمون إنّ من يقرأ الآية الكريمة يجد أنّ الله عزّ وجلّ يخاطب نساء النبيّ(صلّى الله عليه وآله وسلّم) موجهاً لهنّ ومرشداً، والآيات واضحات لا تحتاج إلى تأويل ولا جدال, فالله بعد كلّ هذا التوجيه والحرص على إستقامتهن، يوضح سبب ذلك، لأنّه يريد إبعاد الرجس عنهن أمام المسلمين، وفعلاً جعلهن مطهّرات ولا يجوز لأحد النكاح منهن بعد وفاة الرسول(صلّى الله عليه وآله وسلّم). ثم وبعد الآية مباشرة، هناك استمرارية المخاطبة لهنّ إستكمالاً لنفس الموضوع ولنفس الغرض، ممّا يؤكد أنّ المقصود هنا هو أنّ نساء النبيّ(صلّى الله عليه وآله وسلّم) أهل بيته، وبكلّ ماتعنيه كلمة أهل لغة. ولا ينفي حديث الكساء أنّ نساء النبيّ(صلّى الله عليه وآله وسلّم) ليس بأهله، أمّا كون الإمام عليّ وفاطمة والحسنيين(عليهم السلام) أهل بيته، فلا يلغي حقيقة أنّ نساءه هنّ أهل بيته شرعاً وعرفاً، وأنّ الآية الكريمة تقصدهن بكلّ تأكيد، ولا تقبل التأويل لأيّ غرض أو قصد. كما أنّ الإمام عليّ(عليه السلام) وزوجه الطهور وولديه هم أطهار، فكيف لا وهم بضعة من الرسول(صلّى الله عليه وآله وسلّم)؟


الأخ د. علي المحترم السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ما قلته مجرد دعوى، وأساس الاحتجاج بها هو وحدة السياق, ووحدة السياق معارضة بأمرين، إن لم تكن أمور: أولاً: تغير ضمير الخطاب من نون النسوة إلى ميم الجمع، وهذا يعني أنّ الخطاب قد تحول من النساء إلى جهة أخرى, وإلاّ كان المناسب الإستمرار بمخاطبتهن بنون النسوة، كما هو الشأن في الآيات السابقة واللاحقة لآية التطهير. ثانياً: جاءت جملة وفيرة من الروايات تبلغ حدّ التضافر بل التواتر تشير إلى أنّ أهل بيته(عليهم السلام) هم عليّ وفاطمة والحسن والحسين(عليهم السلام)، وهذه الروايات كانت تبين سبب النزول لآية التطهير وتقرنه بفعل النبيّ(صلّى الله عليه وآله وسلّم) بإدارة الكساء حولهم(عليهم السلام), وفي الكثير منها ورد قوله(صلّى الله عليه وآله وسلّم): (هؤلاء أهل بيتي) - أيّ بتعريف الجزأين - وتعريف الجزأين كما هو المعروف بلاغياً يفيد الحصر وينفي عمّا عداه (1) , بل في بعضها تصريح واضح بإخراج النساء عن معنى أهل البيت, ومعنى الآية الكريمة. بالإضافة إلى أنّ بعض الروايات كانت تشير إلى نزول آية التطهير قبل إتمام بنائه(صلّى الله عليه وآله وسلّم) بتسع نساء, وهذا يعني أنّ هذه الآية نزلت قبل الآيات التي جاءت مخاطبة للنساء. وهناك مسألة أخرى: إنّ الذي استفاده جمع كبير من المفسرين - سُنّة وشيعة - أنّ الآية تشير إلى معنى التنزيه وإذهاب الرجس بالإرادة الإلهية، والذي يعني العصمة بحسب استفادة المتكلمين الشيعة, وهذا المعنى ينافي واقع حال بعض نساء النبيّ(صلّى الله عليه وآله وسلّم)، وهو مدلول عليه قرآناً وسنة. وإضافة إلى مسألة مهمة، أفصح عنها المحدثون وأصحاب المسانيد والصحاح من أهل السُنّة قبل الشيعة، وهي: أنّهم عدّوا هذه الآية وما ورد من سبب النزول لها، من فضائل الخمسة أصحاب الكساء دون نساء النبيّ(صلّى الله عليه وآله وسلّم). وما ذكرناه ليس من التأويل في شيء، وإنّما هو من التفسير، فلا يختلط عليك الحال! فإنّ التفسير هو بيان الظاهر، وأمّا الجدال فهو الإصرار على رأي بدون دليل أو التمسك بدليل عليل, وأمّا إذا ساق المدعي أدلّة على الخصم لا يستطيع الإجابة عليها، فلا ينجيه التشبث بالدعوى المجردة ورمي المقابل بالجدل. وأمّا أنّ معنى لفظة (أهل) يدخل فيها امرأة الرجل, فليس الكلام في هذه اللفظة، وإنّما الكلام في مصطلح (أهل البيت)، فما تجده عند البعض من الاستدلال بتسمية الله تعالى في القرآن لأهل موسى بـ(أهله) لا يجدي. ودمتم في رعاية الله