زينة صلاح عبد الهادي ( 21 سنة ) - العراق
منذ 4 سنوات

لعن الصحابة

هل يجوز لعن بعض الصحابة أو حرام؟ لقد سمعت عدة محاضرات مسجلة لأحد شيوخ الشيعة (الشيخ الراحل أحمد الوائلي) يقول: أنه لعنهم حرام؛ لأن الصحابة كانوا رفقاء سلاح للإمام علي (عليه السلام )، وكانت معاملة الإمام معهم حسنة، و لكن هذا لا يعني أن الإمام لا يستنكر بعض أفعالهم كأخذ حقه بالخلافة و خروج عائشة علية؛ لذلك لا يجوز لعنهم و إنما فقط يجب استنكار بعض أفعالهم بل يجب احترامهم و عدم الإساءة لهم. و هذا تماماً عكس ما يقال من شيوخ الشيعة في الوقت الحالي، بل الشيوخ الآن ومعظم الشيعة يشجعون على لعن الخلفاء، ويقولون: أنهم في نار جهنم، فهل هذا هو الصحيح أو هدفهم نشر الطائفية لا أكثر؟- مع العلم أني شيعية لكن أريد أعرف ماهو الصح مع الدلائل-.


١-من حيث المطلب العلمي اللعن وارد في الشريعة المقدسة قرآناً وسنة، ولا يمكن لأحد أن يغالط في هذه الحقيقة العلمية . ولكن من باب تقديم المصلحة الإسلامية على المصلحة المذهبية ينبغي الكف عن تناول رموز الطرف الآخر من المسلمين والعمل على تعزيز المشتركات بين المذاهب، بما يعزز وحدة الأمة ويجعلها قوية صامدة أمام تيارات الشرك والإلحاد والتبعية والفساد. ٢-نحن لا نعمل شيئا، ولا نفعله إلّا على طبق ما ورد في القرآن الكريم أو السنّة الشريفة. فنحن لا نلعن أحداً من الصحابة إلّا من لعنه الله تبارك وتعالى في كتابه العزيز، أو لعنه الرسول العظيم (صلّى الله عليه وآله) وأهل بيته الميامين (عليهم السلام) في السنّة الشريفة. فقد لعن الله سبحانه وتعالى المنافقين والمنافقات في كتابه الكريم بقوله:{ وَيعَذّبَ المنَافقينَ وَالمنَافقَات وَالمشركينَ وَالمشركَات الظَّانّينَ باللَّه ظَنَّ السَّوء عَلَيهم دَائرَة السَّوء وَغَضبَ اللَّه عَلَيهم وَلَعَنَهم وَأَعَدَّ لَهم جَهَنَّمَ وَسَاءت مَصيرًا} (الفتح: 6). وعليه حقّ لنا أن نلعن كلّ من ثبت بالأدلّة القطعيّة نفاقه وفسقه. كما لعن سبحانه وتعالى أيضاً الذين في قلوبهم مرض بقوله: {أولَئكَ الَّذينَ لَعَنَهم اللَّه فَأَصَمَّهم وَأَعمَى أَبصَارَهم } (محمّد:23). ولعن أيضاً الظالمين بقوله: { ... المزید أَلاَ لَعنَة اللّه عَلَى الظَّالمينَ } (هود: 18). فنحن أيضاً نلعن كلّ من ظلم رسول الله (صلّى الله عليه وآله) وأهل بيته (عليهم السلام) وبالأخص أبنته المظلومة المغصوب حقّها فاطمة الزهراء (عليها السلام). ولعن أيضاً كلّ من آذى رسول الله (صلّى الله عليه وآله) بقوله: { إنَّ الَّذينَ يؤذونَ اللَّهَ وَرَسولَه لَعَنَهم اللَّه في الدّنيَا وَالآخرَة وَأَعَدَّ لَهم عَذَابًا مّهينًا } (الأحزاب: 57). ولا شكّ ولا ريب أنّ المتخلّف عن جيش أسامة متخلّف عن طاعة رسول الله, والتخلّف عن طاعة رسول الله يوجب أذى رسول الله, وأذيّة رسول الله توجب اللعنة بصريح الآية. ومن المجمع والمسلّم عليه بين الكلّ أنّ بعض الصحابة قد تخلّف عن جيش أسامة فاستحقّ اللعنة. كما لا شكّ ولا ريب أنّ أذيّة فاطمة الزهراء (عليها السلام) توجب أذيّة رسول الله لقوله (صلّى الله عليه وآله): "فاطمة بضعة منّي يؤذيني من آذاها ويغضبني من أغضبها" (صحيح مسلم: 2 / 376 ). وقد نقل ابن قتيبة في (الإمامة والسياسة 1 / 14), والمنّاوي في (الجامع الصغير 2 / 122), أنّ فاطمة ماتت وهي غضبى على قوم فنحن غضاب لغضبها. هذا كلّه بالنسبة إلى من لعنهم المولى عزّ وجل في كتابه الكريم, وهناك أصناف أخر لعنهم في كتابه فراجعوا. وأمّا بالنسبة إلى من لعنهم رسول الله (صلّى الله عليه وآله)، فقد لعن كلّ من تخلّف عن جيش أسامة, (راجعوا الملل والنحل للشهرستاني 1 / 23, وشرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد 6 / 52, وكتاب السقيفة للجوهري). ولعن أيضاً معاوية وأباه وأخاه بقوله (صلّى الله عليه وآله): < > فالراكب هو أبو سفيان ومعاوية وأخوه أحدهما قائد والآخر سائق, (راجعوا وقعة صفّين 217 طبع مصر, والنهاية في غريب الحديث والأثر 4 / 87 ). كما لعن أيضاً الحكم بن العاص وابنه مروان, (راجعوا تاريخ ابن الأثير 3 / 199 ). ولعن (صلّى الله عليه وآله) عمرو بن العاص بقوله:(( اللهم إنّ عمرو بن العاص هجاني وهو يعلم أنّي لست بشاعر, فاهجه والعنه عدد ما هجاني )) (كنز العمّال 13/ 548 ). كما أنّه (صلّى الله عليه وآله) لعن آخرين, ومن هنا جاز لنا أن نلعن من لعنه النبي الكريم (صلّى الله عليه وآله). ثمّ على فرض عدم جواز لعن بعض الصحابة, فلماذا بعض الصحابة والتابعين لعنوا بعض أكابر الصحابة ؟!! من قبيل معاوية ابن أبي سفيان, فإنّه لعن أمير المؤمنين (عليه السلام) مدّة أربعين سنة من على المنابر، مع أنّ النبي (صلّى الله عليه وآله) قال في علي(عليه السلام): "من سبّ علياً فقد سبّني" (أخرجه الحاكم وصححه, مستدرك الحاكم: 3/130ح 4615 و 4616 ). وقال (صلّى الله عليه وآله) أيضاً: < > (فرائد السمطين, للجويني الشافعي: 1/ 301 ). وقال (صلّى الله عليه وآله) أيضاً: < > (الاستيعاب: 3/37 بهامش الإصابة / دار أحياء التراث). كما بالغ مروان بن الحكم في سبّ الإمام علي (عليه السلام) ولعنه, وإنتقاصه حتّى إمتنع الإمام الحسن (عليه السلام) عن الحضور في الجامع النبوي. ( تطهير الجنان واللسان لأبي حجر الهيثمي: 142 ). ويقول ابن حجر الهيثمي في كتابه (الصواعق المحرقة ص 85 ): (أمّا الرافضة والشيعة ونحوهما إخوان الشياطين وأعداء الدين - إلى أن يقول -: فعليهم لعنة الله وملائكته والناس أجمعين). ويفسّر الرافضي في (ص 9 من الصواعق المحرقة): ( إنّ الرافضي من يقدم علياً على أبي بكر وعمر ). فإذاً يكون سلمان الفارسي وأبو ذر والمقداد وبنو هاشم حتّى النبي (صلّى الله عليه وآله) كلّهم من الرافضة، فهؤلاء يسبّونهم ويلعنونهم إلى يومنا هذا !! فحينئذ طعنهم على الشيعة بأنّها تسبّ بعض الصحابة ليس إلّا تضليلاً إعلاميّاً ضدّهم, وللشيعة على لعن بعض الصحابة برهان قاطع كما ذكرنا.

21