بغض النظر عن النصوص التي دعت لإحياء أمر أهل البيت (عليهم السلام) بشكل عام ومصيبة الإمام الحسين (عليه السلام) بشكل خاص نقول: إنّ التاريخ مليء بالأحداث المختلفة على مر العصور، إلا أن في بعض الحوادث التاريخية دروس وعبر تنفع الانسان والمجتمع بشكل عام، فيعيد العقلاء ذكرها لاغتنام ما فيها من مواعظ ودروس، وها هو قرآن ربنا يتلى آناء الليل وأطراف النهار وفيه الكثير من السرد للحوادث التاريخية والقصص، وأحد أهداف القصص في القرآن هو التفكر والاعتبار والاتعاظ والتذكير، {فَاقْصُصِ الْقَصَصَ لَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ}، { لَقَدْ كَانَ فِي قَصَصِهِمْ عِبْرَةٌ لِأُولِي الْأَلْبَابِ} {وَكُلًّا نَقُصُّ عَلَيْكَ مِنْ أَنْبَاءِ الرُّسُلِ مَا نُثَبِّتُ بِهِ فُؤَادَكَ وَجَاءَكَ فِي هَذِهِ الْحَقُّ وَمَوْعِظَةٌ وَذِكْرَى لِلْمُؤْمِنِينَ}، ومن أهم الحوادث التي مرّت في تاريخ الإسلام هي واقعة كربلاء، وفيها من الآثار والدروس والعبر الكثير مما ينفع الانسان في واقعه ومستقبله، فمن خلالها يشخص المنهج الذي لابد أن يسلكه ويدعو إليه، فمن كربلاء يعرف الحاذق أنّ هناك خللاً كبيراً حصل بعد رسول الله’ أدى إلى وصول شخص كيزيد بن معاوية رجل اللهو المتجاهر بالفسق والفجور ليجلس على منبر رسول الله (صلي الله عليه و آله) ليكون أميرا للمؤمنين وخليفة للنبي (صلي الله عليه و آله) ، نفس هذا الخلل أدى بشريحة من المجتمع إلى أن تصل إلى مستوى تتقرب إلى الله بارتكاب جريمة إنسانية كبيرة بحق ابن رسول الله وأهل بيته، بحق سيد شباب أهل الجنة، وممثل العترة الطاهرة التي أمر النبي’ باتباعها في حديث الثقلين، وعليه فالمنهج الذي أدى إلى ما حصل في كربلاء لا ينبغي للمسلم ان يتبعه، والاتجاه الذي أدى إلى تسلط أمثال يزيد وقتل أبناء الأنبياء لا يصح ان يسلك، لذلك تجد الكثير من العقلاء عرفوا منهج الحق من خلال ما حصل في واقعة الطف رغم أنه يخالف ما تربوا عليه وورثوه من آبائهم.
إضافة إلى الدروس الأخرى العظيمة التي يستفيدها المسلم من واقعة الطف من معاني الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر والتي لأجلها خرج الإمام الحسين (عليه السلام) ، ورفض الركون إلى الظالمين، والثبات على المبدأ في أحلك الظروف، والشجاعة في ذات الله وفي طريق نصرة أوليائه، والوفاء لأئمة الهدى أئمة الإنسانية، ومن واقعة الطف نعرف عاقبة الركون إلى الدنيا وما يؤدي إليه من قبيح فعل وسوء عاقبة وخسران مبين في الدنيا والآخرة، كل هذا وغيره الكثير يستفيده العقلاء من إعادة ذكرى كربلاء وواقعة الطف، وهذه المعاني متجددة ويحتاجها الانسان في كل زمان ومكان.