ALi Almadride ( 20 سنة ) - العراق
منذ 3 سنوات

كيف يقول الله تعالى انه خلق السموات في ستة ايام والزمن متفرع على السموات

السلام عليكم لقد سبق ان قرأت في احدى اجوبتكم على ان المادة وجدت قبل الزمان وانه لا يمكن للزمان ان يوجد ابتداءاً .. وحسب فهمي القاصر فهمت من كلامكم انه المادة وجدت بالبداية وبعدها اتى الزمان . اذ كان هذا صحيحاً فما هو تفسير قوله تعالى : «خَلَقَ السَّماواتِ وَ الْأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ‌» وهل المقصود بالسماوات والارض هي المادة؟ ارجو التوضيح وشكراً مقدما


بسم الله الرحمن الرحيم وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته اهلا بكم في برنامجكم المجيب كما تفضلتم في قضية خلق الزمان ولاجل ان يتضح للقارئ اين نتكلم اسمح لي ان ابين ما قراه جنابكم. ان الزمان ليس شيئا له تحقق ووجود انما وجوده كائن من حركة الاشياء وهذه القضية نسبية فزمن اليوم عندنا هو من تحرك الارض حول نفسها فاذا تمت لها الحركة نسميه يوما فاذا لم تكن هناك ارض لا يمكن لنا ان نوجد زمن اليوم وهكذا بقية الازمان التي تكون بالقياس للحركة المادية للاشياء وقبل وجود المادة فلا يوجد زمن فالزمن هو نتاج الحركة في الاشياء. اذا اتضح هذا ناتي لسؤال جنابكم الكريم وهو انه ورد في القران التعبير بان الله تعالى خلق السموات والارض وعبر عن زمن خلقها بستة ايام فهذا يعني انه قبل المادة يوجد شيء اسمه زمن وهذا مخالف لما اثبتناه انفا من ان الزمن يتولد من الحركة في السموات والارض فلابد من وجودها اولا كي يوجد الزمن. اذكر لكم جوابا ذكره صاحب تفسير الامثل الشيخ ناصر مكارم شيرازي عندما ذكر هذه الاشكالية، وملخص كلامه حفظه الله ان اليوم استعمل في الاية لا بمعنى الزمن بل بمعنى اخر وهو دورة متكاملة او مرحلة من المراحل فستة ايام أي ست مراحل او دورات. ولأجل الفائدة ننقل كلامه بطوله: (هل خلق العالم في ستة أيام ؟ الجواب: لقد ورد البحث عن خلق العالم وتكوينه في ستة أيام ، في سبعة موارد من آيات القرآن الكريم ( 1 ) ، ولكنه في ثلاثة موارد أضيف إلى السماوات والأرض لفظة " وما بينهما " أيضا . والتي هي في الحقيقة توضيح للجملة السابقة ، لأن جميع هذه الأشياء تدخل في معنى السماوات والأرض ، لأننا نعلم أن السماء تشمل جميع الأشياء التي توجد في الأعلى ، والأرض هي النقطة المقابلة للسماء . وهنا يتبادر هذا السؤال فورا وهو : قبل أن تخلق السماوات والأرض لم يكن ليل ولا نهار ليقال : خلقت السماوات والأرض فيهما ، لأن الليل والنهار ناشئان من دوران الأرض حول نفسها في مقابل الشمس . هذا مضافا إلى أن ظهور المجموعة الكونية في ستة أيام - يعني أقل من أسبوع - يخالف العلم ، لأن العلم يقول : لقد استغرق تكون الأرض والسماء حتى وصل إلى الواضع الحالي ملياردات من السنوات والأعوام . ولكن نظرا إلى المفهوم الواسع للفظة " يوم " وما يعادلها في مختلف اللغات ، يكون جواب هذا السؤال واضحا ، لأنه كثيرا ما يستعمل اليوم بمعنى الدورة ، سواء استغرقت مدة سنة ، أو مائة سنة ، أو مليون سنة أو ملياردات السنين ، والشواهد التي تثبت هذه الحقيقة ، وتفيد أن أحد معاني اليوم هو الدورة ، كثيرة : 1 - لقد استعملت لفظة اليوم والأيام في القرآن الكريم مئات المرات ، وفي كثير من الموارد لم تكن بمعنى الليل والنهار ، مثلا يعبر عن عالم البعث بيوم القيامة ، وهذا يشهد بأن مجموع عملية القيامة التي هي دورة طويلة الأمد والمدة ، تسمى يوم القيامة . ويستفاد من بعض الآيات القرآنية أن يوم القيامة ومحاسبة أعمال الناس يستغرق خمسين ألف سنة ( سورة المعارج الآية 4 ) . 2 - نقرأ في كتب اللغة أيضا أن اليوم ربما يطلق على الزمن بين طلوع الشمس وغروبها ، وربما على مقدار من الزمان مهما كان قدره ، قال الراغب في المفردات : " اليوم يعبر به عن وقت طلوع الشمس إلى غروبها ، وقد يعبر عن مدة من الزمان أي مدة كانت " . 3 - جاء في روايات أئمة الدين وأحاديثهم - كذلك - استعمال اليوم بمعنى الدهر ، كما روي عن أمير المؤمنين ( عليه السلام ) في نهج البلاغة أنه قال : " الدهر يومان : يوم لك ، ويوم عليك " . ونقرأ في تفسير البرهان في تفسير هذه الآية ، عن تفسير علي بن إبراهيم الإمام ( عليه السلام ) قال : " في ستة أيام ، أي في ستة أوقات " ، أي في ست دورات . 4 - كثيرا ما نشاهد في المحاورات اليومية ، وأشعار الشعراء في اللغات المختلفة ، أن كلمة اليوم وما يعادلها قد استعملت بمعنى الدورة والعهد ، مثلا نقول يوم كانت الكرة الأرضية حارة ومشتعلة ، ويوم صارت باردة وظهرت فيها آثار الحياة ، في حين أن فترة سخونة الأرض واشتعالها استغرقت ملياردات من الأعوام . أو عندما نقول غصب آل أمية الخلافة الإسلامية يوما ، وغصبها بنو العباس يوما آخر في حين أن فترة اغتصاب الأمويين للخلافة استغرقت عشرات السنين وفترة اغتصاب العباسيين لها استغرقت المئات . من مجموع الحديث السابق نستنتج أن الله سبحانه وتعالى خلق السماوات والأرض في ست دورات متوالية ، وإن استغرقت كل دورة من هذه الدورات ملايين أو ملياردات السنين ، والعلم الحديث لم يبين أي أمر يخالف هذا الموضوع . وهذه الدورات - احتمالا - هي على الترتيب : 1 - يوم كان الكون في شكل كتلة غازية الشكل ، فانفصلت منها أجزاء بسبب دورانها حول نفسها ، وتشكلت من المواد المنفصلة الكرات والأنجم . 2 - هذه الكرات قد تحولت تدريجا إلى هيئة كتلة من المواد الذائبة المشعة أم الباردة القابلة للسكنى . 3 - في دورة أخرى تألفت المنظومة الشمسية وانفصلت الأرض عن الشمس . 4 - في الدورة الرابعة بردت الأرض وأصبحت قابلة للحياة . 5 - ثم ظهرت النباتات والأشجار على الأرض . 6 - وبالتالي ظهرت الحيوانات والإنسان فوق سطح الأرض) (انتهى كلامه . كتاب الامثل، الشيخ ناصر مكارم شيرازي، ج5/ص69).

3