logo-img
السیاسات و الشروط
سجاد محمد عبد ( 26 سنة ) - العراق
منذ سنتين

رواية

ما هي قصة درع امير المؤمنين (علية السلام ) الذي وجد بيد رجل يهودي؟


السلام عليكم أهلاً وسهلاً بالسائل الكريم.. في البداية لابد أن نعلم أن على أساس ما ذكر في المصادر التأريخية بعض المؤرخين قالوا إن طرف الدعوى كان مسيحياً.. وقال البعض إنه كان يهودياً.. ولكن على أي حال سواء كان الرجل مسيحياً أو يهودياً، كان من أهل الذمة.. إن خلاصة القصة على أساس ما نقل في الكتب التأريخية والروائية ـ بغض النظر عن الإختلاف اليسير الموجود بين النصوص ـ كالتالي: فُقد درع أمير المؤمنين (ع) في زمن خلافته وحكومته في الكوفة، و بعد فترة وجدها بيد رجل مسيحي أو يهودي.. فقال له علي (عليه السلام): إن هذا الدرع لي، فأنكر الرجل و قال: إنه بيدي فإذا كنت مدعياً جئني بدليل.. فذهب علي (عليه السلام) به إلى القاضي و أقام دعواه عليه وقال أن هذا الدرع لي، لم أبعه و لم أهده و إذا بي الآن أجده عند هذا الرجل.. فقال شريح، القاضي إلى الرجل: لقد أقام الخليفة دعواه، فما تقول أنت؟ قال: إن هذا الدرع لي ولكن مع هذا لا أكذّب قول صاحب مقام الخلافة، أمير المؤمنين، (قد يكون مشتبهاً).. ثم التفت القاضي إلى أمير المؤمنين و قال له: إنك مدع و هذا الرجل منكر، فعليك أن تأتي بشهود.. فضحك علي (عليه السلام) وقال: صدق القاضي، علي أن آتي بشهود و لكن ليس لي شهود.. فحكم القاضي لصالح الرجل المسيحي أو اليهودي على أساس أن المدّعي ليس له شهود، فأخذ الرجل الدرع و ذهب.. و لكن كان الرجل المسيحي أعلم بصاحب الدرع، فخطى خطوات ورجع وقال: إن هذا النوع من الحكم والسلوك ليس من نمط سلوك بشر عادي، إنه من نوع حكومة الأنبياء، فأسلم وأقرّ بأن صاحب الدرع هو أمير المؤمنين (عليه السلام) وسقط من يد أمير المؤمنين أثناء مسيره إلى صفّين.. عند ذلك فرح أمير المؤمنين (عليه السلام) من إسلامه و وهب له درعه.. و بعد أيام قليلة جاهد هذا الرجل بشوقه وإيمانه تحت راية أمير المؤمنين (عليه السلام) ضد الخوارج في النهروان ... المزید إذن: 1. لم يكن النزاع بين أمير المؤمنين (عليه السلام) وبين الرجل المسيحي أو اليهودي كما يصوّره السؤال المطروح، بل إنما تحاكما إلى القاضي بإحترام متقابل وبدون نزاع ظاهري من أجل اتضاح الدعوى وإحقاق الحق.. وهنا لابد من كلمة : إذاً لا ينبغي أن نتصور من أجل إحقاق الحق لابد أن نخوض نزاعاً وعراكاً وأن لا نحترم الآخر ونسحق الأصول الإنسانية أثناء نزاعنا وأن نفضحه ونشوه سمعته في المجتمع، بل يمكن أن نقيم دعوانا على الآخر باحترام وودّ.. في هذا الموقف لم يمارس أمير المؤمنين العنف من أجل استيفاء حقه ولا انفعل وغضب الرجل بعد ما سمع دعواه عليه.. 2. في هذه القصة، الشاكي والمدعي هو أمير المؤمنين (عليه السلام)، والرجل المسيحي أو اليهودي منكر، ولا شك في أن بداية الدعوى تبدأ من قبل المدعي.. 3. مع أن حكم المحكمة قد صدر على أساس القرائن والشواهد الظاهرية التي تأخذ بعين الاعتبار في باقي الدعاوي والمحاكم، وفي الواقع لم يصل الحق إلى صاحبه في هذا الحكم، ولكن بعد إسلام الطرف الآخر عندما شاهد مدى جمال سلوك الأمير (عليه السلام)، أدت المحكمة عملياً إلى نتيجة أفضل من النتيجة المطلوبة.. 4. كان موقف أمير المؤمنين هذا يعدّ احتراما للأقليات الدينية ومراعاة لحقوقهم المدنية، كما أنه تكرر هذا السلوك من أمير المؤمنين في مواقف أخرى.. إن مراعاة أمير المؤمنين (عليه السلام) لحقوق الأقليات ليس بأمر عجيب و إلا فكان بإمكان الأمير أن يأخذ درعه من هذا الرجل من دون مراجعة المحكمة.. ودمتم موفقين.

2