logo-img
السیاسات و الشروط
محمد الشمري ( 27 سنة ) - العراق
منذ سنتين

مزاجها كِافَوَرَا

السلام عليكم ما معنى قوله تعالى(إن الأبرار يشربون من كأس كان مزاجها كافورا (5) عينا يشرب بها عباد الله يفجرونها تفجيرا (6)؟


الأمثل في تفسير كتاب الله المنزل - الشيخ ناصر مكارم الشيرازي - ج ١٩ - الصفحة ٢٥٥-٢٦٦: والآيات في هذا المقطع تتحدث المكافآت التي أنعم الله بها على الأبرار وتذكر بأمور ظريفة في هذا الباب. فيقول تعالى: إن الأبرار يشربون من كأس كان مزاجها كافورا. " الأبرار ": جمع (بر) وأصله الإتساع، وأطلق البر على الصحراء لاتساع مساحتها، وتطلق هذه المفردة على الصالحين الذين تكون نتائج أعمالهم واسعة في المجتمع، و " البر " بكسر الباء هو الإحسان، وقال بعض: إن الفرق بين البر والخير هو أن البر يراد به الإحسان مع التوجه والإرادة، وأما الخير فإن له معنى أعم. " كافور ": له معان متعددة في اللغة، وأحد معانيها المعروفة الرائحة الطيبة كالنبتة الطيبة الرائحة، وله معنى آخر مشهور هو الكافور الطبيعي ذو الرائحة القوية ويستعمل في الموارد الطبية كالتعقيم. على كل حال فإن الآية تشير إلى أن هذا الشراب الطهور معطر جدا فيلتذ به الانسان من حيث الذوق والشم. وذهب بعض المفسرين إلى أن " كافور " اسم لأحد عيون الجنة. ولكن هذا التفسير لا ينسجم مع عبارة " كان مزاجها كافورا ". ومن جهة أخرى يلاحظ أن " الكافور " من مادة " كفر " أي بمعنى " التغطية "، ويعتقد بعض أرباب اللغة كالراغب في المفردات أن اختيار هذا الاسم هو أن فاكهة الشجرة التي يؤخذ منها الكافور مغطاة بالقشور والأغلفة. وقيل: هو إشارة إلى شدة بياضه وبرودته حيث يضرب به المثل، والوجه الأول أنسب الوجوه، لأنه يعد مع المسك والعنبر في مرتبة واحدة، وهما من أفضل العطور. ثم يشير إلى العين التي يملؤون منها كؤوسهم من الشراب الطهور فيقول: عينا يشرب بها عباد الله يفجرونها تفجيرا (1) (2). هذه العين من الشراب الطهور وضعها الله تعالى تحت تصرفهم، فهي تجري أينما شاءوا، والظريف هو ما نقل عن الإمام الباقر (عليه السلام) إذ قال في وصفها: " هي عين في دار النبي تفجر إلى دور الأنبياء والمؤمنين ". نعم فكما تتفجر عيون العلم والرحمة من بيت النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) وتجري إلى قلوب عباد الله الصالحين، كذلك في الآخرة حيث التجسم العظيم لهذا المعنى تتفجر عين الشراب الطهور الإلهي من بيت الوحي، وتنحدر فروعها، إلى بيوت المؤمنين! " يفجرون ": من مادة تفجير، وأخذت من أصل (الفجر) ويعني الشق الواسع، سواء أكان شق الأرض أو غير ذلك، و " الفجر " نور الصبح الذي يشق ستار الليل، وأطلق على من يشق ستار الحياء والطهارة ويتعدى حدود الله (فاجر) ويراد به هنا شق الأرض. والملاحظ أن أول ما ذكر من نعم الجنان في هذه السورة هو الشراب الطهور المعطر الخاص. لكونه يزيل كل الهموم والحسرات والقلق والأردان عند تناوله بعد الفراغ من حساب المحشر، وهو أول ما يقدم لأهل الجنان ثم ينتهون إلى السرور المطلق بالاستفادة من سائر مواهب الجنان. دمتم في رعاية الله

1