مهداوي ( 25 سنة ) - العراق
منذ سنتين

لماذا لَمْ يُسَلِّم الإمام عاي قتلة عثمان

لماذا لم يسلم علي بن أبي طالب (عليه السلام) قتلة عثمان؟ و هل عائشة لعنها الله خرجت بجيش الى الشام لكي تقتص لعثمان لكن علي اوقفها و بسبب هذا الشي حصل خلاف بين المؤمنين؟


السلام عليكم ورحمة الله و بركاته ، مرحبًا بك أيها السائل الكريم إنّ القصاص ليس أمراً فوضوياً يُمارسه الغوغاء من الناس ليخرجوا به عن حدود الشرع الشريف ويعتمدوا التُهم السياسية والمصالح الضيِّقة والعصبية القبلية لتصفية الخصوم والمنافسين بلا مراعاة لواقع القصاص وحدوده فيرتكبوا لأجله ما يُدخلهم نار جهنم فيخرجوا على إمام زمانهم ويُفارقوا جماعة المسلمين ويرفعوا راية عمية جاهلية ويسفكوا الدماء المحترمة…، وهذه المسلكية المنحرفة الضالّة بتراكم أفعالها القبيحة تكشف يقيناً عن كون المقصود أولاً وبالذات ليس هو القصاص بل أنَّ القوم اتخذوه ذريعة للخروج على إمام زمانهم لأهداف يطمحوا لتحقيقها وهي السلطة والمال ولا يكون ذلك إلا بإسقاط حاكمية أمير المؤمنين أو قتله تحت أيِّ ذريعة ولذا كانت دعوتهم مطالبة الإمام (عليه السلام) بتسليم قتلة عثمان الذين انضموا إليه تحت إمرته وهُم يُدركوا بأنَّ علياً (عليه السلام) بحسب علمه وعدالته وشجاعته لا يُسلِّم أحداً ممن يتهموه بالقتل ولا يُقرّ لأحدٍ منهم بشيء إلا من خلال محاكمة عادلة تنصف الجميع كما أنَّه يعلم بأنَّ عثمان لا قيمة له عند هؤلاء البغاة المفارقين للجماعة والعصاة الضالِّين ، ولو كانوا قاصدين القصاص حقيقة لسلكوا الطريق الشرعي برفع دعوى أصولية إلى الحاكم الشرعي وتسمية قتلة عثمان لمقاضاتهم وبالتالي يقوم حاكم المسلمين باتخاذ إجراءات تحقيقية لتحديد مَن هو القاتل واقعاً ؟ ، وما هي أسباب ودواعي القتل ؟ ، وهل ما فعله المقتول بالمسلمين من ظلم وجور وفساد يستحق عليه القتل أم لا ؟ ، ثُمَّ بعد ذلك يعقد جلسة قضائية أصولية لاتخاذ القرار والحكم في تلك الدعوى وفق الأدلة الحقيقية وليست التُهم السياسية والمصلحية ، ولكنَّ عائشة ومَن معها وكذا معاوية وأهل الشام لم يسلكوا الطريق الأصولي الشرعي لأنَّه لا ينسجم مع أهدافهم وتطلعاتهم بالوصول إلى السلطة والمال ولا يُغطي واقعهم السيئ ودورهم الكبير ومشاركتهم الفاعلة بقتل عثمان ولذا سلكوا طريق إحداث الفوضى والبغي على إمام زمانهم وقد خرجوا عن طاعته وفارقوا جماعة المسلمين لتضليل الناس وكانت نتائج أهدافهم الضالّة هي حرب الجمل وبعدها حرب صفين . وعلى كُلّ حال فإنَّ أسباب قتل عثمان معروفة ، كما أنَّ قتلة عُثمان معروفون أيضاً ، منهم مَنْ ساهم بقتله بشكل غير مباشر ومنهم مَنْ ساهم بقتله بشكل مباشر ، و لربما يُنسب القتل إلى السبب الأقوى من أطراف هذا الحدث ولا أقل أنَّه لا ينجو من العقاب أحد منهم إذا ثبت عدم شرعية قتل عثمان ولذا فإنْ أراد علي بن أبي طالب (عليه السلام) أن يقتص مِن قاتليه فلابد من أن يأتي بعائشة وطلحة والزبير ومَن معهم لأنَّهم حرَّضوا المسلمين تحريضاً شديداً على حصار عثمان وقتله وكانت لهم اليد الطولى بهذا الأمر ، كما لابد من محاسبة الأمويين وعلى رأسهم معاوية ومروان والوليد وعبد الله بن أبي سرح وابن عامر وغيرهم من الفاسقين والضالّين والملعونين الذين أفسدوا في الأرض وظلموا الناس وما راعوا حرمة لأحد من الصحابة والتابعين بل لم يلتزموا بالكتاب والسُنَّة وكانوا يُمثلون مجلس الشورى لعثمان واليد الحديدية الضاربة له ومع ذلك فقد خذلوا قريبهم عثمان وتركوه يُواجه مصيره ، ثُمَّ إنَّ اليَد المباشرة لقتل عثمان من الصحابة وأبنائهم لم تكن لتثور عليه ثورة شعبية عارمة وتُحاصره وتقتله إلا لكونه لا يُمثل إرادة الشارع المُقدّس وأكثر من ذلك أنَّه طغى واستعلى وقد مارس الفساد والإفساد في حاكميته بحيث لم يترك جهة إلا وكانت فاسدة إدارياً ومالياً وأمنياً وسياسياً واجتماعياً و ... المزیدحتى طفح الكيل ونفد صبر الناس مما أصابهم من الضرر البليغ فلم يقوى أحد منهم على تحمل هذه المفاسد والمظالم ولذا اجتمعت عندهم أسباب كثيرة ودوافع شديدة لقتله ، وقد حصد ما زرع . ولذا لم يرفع هؤلاء أمرهم إلى أمير المؤمنين (عليه السلام) للقضاء في قتل عثمان لأنَّ العدل يقتضي محاسبتهم باعتبار أنهم شاركوا في قتله وكانوا سبباً قوياً فيه ، بل أنَّهم خرجوا عن طاعة الإمام (عليه السلام) وفارقوا الجماعة ليس لأجل المطالبة بدم عثمان بل لأجل استكمال المشروع الدنيوي السلطوي الذي طمحوا وسعوا لتحقيقه ولكن جرت الرياح بما لا تشتهي السفن وحينئذٍ رفعوا قميص عثمان لمواصلة العمل من أجل السلطة والمال . منقول بتصرف. دمتم في رعاية الله

4