بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
اهلاً وسهلاً بكم في شؤون الاسرة
هذا الحال الذي تعاني منه كثير من الاسر وللاسف الشديد لم يكن وليد الساعة وانما جذوره تمتد الى اصل العلاقة بين الزوجين وطريقة تربيتهم لابنائهم وغرس القيم والمفاهيم الاخلاقية والدينية في نفوسهم منذ اول نشأتهم والوالدان يتحملان المسؤولية الاجتماعية الاكبر في ذلك فاذا ما فقد الوالدان موقعهم في الاسرة مع كونهم لم يحرصوا على الطريقة المثلى لتربية الابناء كانت النتائج بالشكل الذي تذكرينه .
وعلى كل حال فالاخطاء يمكن معالجتها ان كان لدينا الهمة والعزيمة والاصرار على ذلك وانتهجنا الاسلوب الاصح لذلك ،
* ان معرفة اسباب المشاكل بين افراد العائلة لا سيما التي تتكرر منها والسعي الجاد للقضاء عليها يساهم في عدم وقوع المشكلة اصلاً اذن فالخطوة الاهم هو معرفة لماذا تقع المشكلة بين افراد العائلة ؟
* ان تجاهل المشاكل وعدم وضع الحلول لها يعطيها فرصة اكبر لان تتكرر وتعاد ولو بطريقة اخرى
* ان التسرع في اتخاذ المواقف واطلاق الالفاظ لاسيما مع حدوث مشكلة ما يساهم في اعطاء المشكلة زخماً اكبر فينبغي عدم التسرع بل اللجوء الى الهدوء والانسحاب من جو المشكلة
* ان اشاعة المودة والمحبة بين الافراد من شأنه ان يؤدي الى التسامح وغض النظر عن اخطاء الاخرين والذي يدعو الى المحبة والمودة قضايا بسيطة يمكننا فعلها دون ان تكلفنا شيئاً كثيراً فالهدية تجلب المودة والكلمة الطيبة والابتسامة في وجه الاخر والابتداء بالسلام والتحية وتقديم المساعدة والمعونة كلها تدعو الى المحبة وتساهم في تقوية الرابطة بين افراد الاسرة الواحدة .
* ان استغلال بعض المناسبات واشاعة بعض الاجواء الممتعة في البيت له الاثر الكبير في خفض مستوى التوترات النفسية لدى افراد الاسرة فمثلا استذكار بعض المناسبات والاحتفال بها وان كان احتفالاً بسيطاً الا ان له الاثر في تقريب النفوس وازالة التوترات واضافة شيء من البهجة والسعادة لدى الجميع فمثلا حينما تحل ذكرى ميلاد الام او الاب او اي واحد من افراد العائلة يمكن استغلال ذلك الامر لاضافة شيء جديد وممتع لجو العائلة ، كذلك الخروج من المنزل بصحبة الام والاب في سفرة عائلية له الاثر على اضافة اجواء جديدة ممتعة تنعكس على طبيعة العلاقة بين الجميع
* يمكنكِ ايضاً الاستعانة باحد افراد الاسرة الذي يشارككِ هذا الهم لوضع الحلول التي تساهم في خفض التوترات
* والاهم من ذلك كله هو تعزيز الشعور بالمسؤولية الدينية والاخلاقية لدى الجميع ومعرفة الحكم الشرعي المتعلق بافعالنا ومحاولة تذكير الجميع بما هو جائز شرعاً وما هو غير جائز خصوصاً في ما يتعلق بمسألة التعامل مع الوالدين
* ان لم تتمكني من اخذ الدور في تخفيف المشاكل وتصحيح الاخطاء وبيان التكليف الشرعي ازاء هذه التصرفات فيمكنكِ الاستعانة باحد المقربين للقيام بهذا الدور على ان يكون من اهل الحكمة والعقل والحرص على مصلحة العائلة وسلامتها واستقامة سلوكها
روي عن الامام الصادق عليه السلام ( اتقواالله وكونوا إخوة بررة، متحابين في الله، متواصلين، متراحمين، تزاورواو تلاقوا وتذاكروا أمرنا وأحيوه.)
وعنه عليه السلام في حديث اخر ( تواصلوا وتباروا وتراحموا وكونوا إخوة بررة كما أمر كم الله عزوجل.)
وكان عليه السلام يقول لاصحابه (يحق على المسلمين الاجتهاد في التواصل والتعاون على التعاطف والمؤاساة لاهل الحاجة و تعاطف بعضهم على بعض حتى تكونوا كما أمركم الله عزوجل: " رحماء بينهم " متراحمين، مغتمين لما غاب عنكم من أمرهم على ما مضى عليه معشر الانصار على عهد رسول الله عليه السلام. )
ان البعض منا يترك هذه المعاني الاسلامية الانسانية الجميلة خلفه وينساق خلف رغباته ونزواته فتحصل عندنا تقاطعات لاختلاف الامزجة وتفاوت مستوى التفكير والوعي والتدين ، لكن ينبغي على المؤمن المتدين الواعي ان يحتوي هذا الامر قدر ما يستطيع ويعمل على تحبيب الاخرين من نفسه لانه بحسب الفرض يمثل جزء من المنظومة القيمية والاخلاقية للدين فيعكس اخلاق وثقافة الدين للاخرين من خلال سلوكه واخلاقه وثقافته ، وحتماً ليس المطلوب ان نتعامل بالحسنى مع من هو مثلنا في الدين والوعي والاخلاق فقط بل ان هذا يسري حتى مع من يخالفنا في ذلك قال تعالى ( ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ السَّيِّئَةَ نَحْنُ أَعْلَمُ بِما يَصِفُونَ ) المؤمنون الاية ٩٦ وقال ايضا في اية اخرى ( وَ لا تَسْتَوِي الْحَسَنَةُ وَ لا السَّيِّئَةُ ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَ بَيْنَهُ عَداوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ ) فصلت الاية ٣٤ ان التعامل بالمثل مع المسيء قد لا يزيده الا اصراراً وعناداً وتمسكاً بمواقفه ولكنا اذا كنا حريصين على ان نكسب الاخرين الينا فلنجرب ان نتعامل معهم بتلك الطريقة التي اشار لها القران الكريم في الايات السابقة ( ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ ) وغالبا ما تكون النتيجة لصالحنا وهي ( فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَ بَيْنَهُ عَداوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ ) مع الالتفات الى ان الاخر لنا معه مشتركات كثيرة من اهما الدين والعقيدة وهذا يدفعنا الى السعي لبذل الجهد في سبيل اصلاح علاقتنا به ودفعه على اصلاح علاقته بنا .
وقد ورد عنهم عليهم السلام الكثير من الروايات الشريفة في هذا المعنى فقد روي عن رسول الله صلى الله عليه وآله ( ارغب فيما عند الله عز وجل يحبك الله، وازهد فيما عند الناس يحبك الناس )
وروي عن الإمام علي (عليه السلام) انه قال ( ثلاث يوجبن المحبة : حسن الخلق، وحسن الرفق، والتواضع ) وجاء عن الامام الإمام الصادق (عليه السلام): (ثلاثة تورث المحبة: الدين، والتواضع، والبذل ) وروي عن الإمام الباقر (عليه السلام): (البشر الحسن وطلاقة الوجه مكسبة للمحبة وقربة من الله، وعبوس الوجه وسوء البشر مكسبة للمقت وبعد من الله )
دمتم في رعاية الله وحفظه