logo-img
السیاسات و الشروط
احمد الموسوي ( 32 سنة ) - العراق
منذ سنتين

والدي يسيء معاملتي

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.. والدي للاسف شخص يحب اعداء الله ويبغض اولياءه، يحب امريكا واذنابها ويكره السادة والمراجع والمقاومة، اخلاقه سيئة جدا معي لاني ملتزم بعقائدي، دائما ما يحاول اذيتي بالقول ( الشتم ) والفعل ايضا، وفي اغلب الاحيان احاول صرف الانتباه عن تصرفاته امتثالا لامر الله في بر الوالدين، لكن بسبب عدم الرد استفحل في اعماله السيئة وقبل فترة حاول ضربي ايضا وانا في عمر ال ٢٩ سنة ، ولم اتحمل واردت ان ارد عليه بالمثل لكن خوفي من الله منعني من ذلك، ارجوا نصيحتكم في كيفية التعامل معه !


بسم الله الرحمن الرحيم السلام عليكم ورحمة الله وبركاته اهلاً وسهلاً بكم في شؤون الاسرة اخي الكريم ان المؤمن يتعرض للابتلاء ولا ينفك عنه في اي حال من احواله بل ان الابتلاء سمة ملازمة لأولياء الله تعالى واحبائه وعباده الصالحين قال تعالى ( وَ لَنَبْلُوَنَّكُمْ حَتَّى نَعْلَمَ الْمُجاهِدِينَ مِنْكُمْ وَ الصَّابِرِينَ وَ نَبْلُوَا أَخْبارَكُمْ ) محمد ٣١ وروي عن أبي عبد الله عليه السلام قال ( إن عظيم الاجر لمع عظيم البلاء وما أحب الله قوما إلا ابتلاهم ) وأنه عليه السلام قال وعنده بعض اصحابه ( إن الله إذا أحب عبدا غته بالبلاء غتا وإنا وإياكم يا سدير لنصبح به ونمسي ) ولو لاحظت سيرة من مضى من الانبياء والمرسلين عليهم صلوات الله عليهم وكذلك لو لاحظت سيرة الاوصياء عليهم السلام لوجدت ان الابتلاء كان جزاءً بارزاً في حياتهم فالعدو والمرض والفقر وسوء اخلاق الزوجة وعدم رعاية حقوقهم من قبل المجتمع الذي عاشوا فيه واتهامهم بمختلف انواع التهم مثل الجنون والسحر والكذب وكذلك ابتلائهم بما تعرض له اهل بيتهم واوليائهم وانصارهم من مختلف انواع المكاره فكل تلك الابتلاءات قد قابلوها بالصبر ولم يخرجوا عن ذلك ابدا بل كانوا يعلمون اتباعهم على العفو والمسامحة والاحسان حتى الى من اساء اليهم ويعلموهم على ان لا يخرجهم غضبهم من حق ولا يدخلهم في باطل فاذا كانت هذه هي اخلاق القدوة والاسوة التي امرنا الله تعالى بتقفي اثرها واتباع نهجها فالواجب علينا ان نلتزم بما امرنا الله تعالى به وهو الاخذ بسيرتهم والاستنان بسنتهم فقد قال تعالى في كتابه الكريم ( لَقَدْ كانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كانَ يَرْجُوا اللَّهَ وَ الْيَوْمَ الْآخِرَ وَ ذَكَرَ اللَّهَ كَثِيراً ) الاحزاب ٢١ فالذي تمر فيه هو ابتلاء كبير والمطلوب منك ان تخرج من هذا الابتلاء بنجاح وحتى تحقق النجاح عليكِ بالصبر قال الله تعالى ( يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَ الصَّلاةِ إِنَّ اللَّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ ) واذا كان الله مع الصابر فهل ياتراه يفشل ام ينجح اخي الكريم يحتاج المؤمن وهو يعيش في وسط مجتمع مليء بالتناقضات والانحرافات والبعد عن تعاليم الشريعة يحتاج الى ان يتمسك بثوابت دينه ولا يتخلى عنها ابداً فالمبدأ الثابت عنده دوماً هو عدم الخروج عن حدود الله تعالى مهما كانت الاحوال والظروف لانه يضع نصب عينيه قوله تعالى ( …… وَ مَنْ يَتَعَدَّ حُدُودَ اللَّهِ فَأُولئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ ) البقرة ٢٢٩ وقوله تعالى ( …… وَ مَنْ يَتَعَدَّ حُدُودَ اللَّهِ فَقَدْ ظَلَمَ نَفْسَهُ لا تَدْرِي لَعَلَّ اللَّهَ يُحْدِثُ بَعْدَ ذلِكَ أَمْراً ) الطلاق ١ ويضع امام عينيه قول امامه الصادق عليه السلام ( إنما المؤمن الذي إذا غضب لم يخرجه غضبه من حق وإذا رضي لم يدخله رضاه في باطل وإذا قدر لم يأخذ أكثر مما له ) فاذا ما تقيد بقول الله تعالى وبكلام ائمته عليهم السلام ساعد ذلك في ضبط ايقاع تصرفاته فلم يمل يميناً او شمالاً ففي حالتك هذه فان الذي يعتدي عليك كما تقول هو والدك فلا بد ان يكون رد فعلك متزناً ولا يخرجك من الحق ويدخلك الباطل ، لاحظ انه في قضية هي اهم من قضيتك كيف امر الله تعالى ان يعامل الابناء اباءئهم لاحظ قوله تعالى ( وَ إِنْ جاهَداكَ عَلى‏ أَنْ تُشْرِكَ بِي ما لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلا تُطِعْهُما وَ صاحِبْهُما فِي الدُّنْيا مَعْرُوفاً وَ اتَّبِعْ سَبِيلَ مَنْ أَنابَ إِلَيَّ ثُمَّ إِلَيَّ مَرْجِعُكُمْ فَأُنَبِّئُكُمْ بِما كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ ) لقمان ١٥ فمع كون الوالدين قد يأمران ولدهما بالشرك بالله تعالى الا انه سبحانه امر بمصاحبتهما بالمعروف مع عدم الاطاعة لهما فيما يدعوانه اليه هذا من جانب ومن جانب اخر يحتاج المؤمن الى مداراة الاخرين فليس كل الناس كما نريد وهذا شيء طبيعي فالناس مختلفة الامزجة والتوجهات ونحن نعيش في هذا الوسط ولسنا بمعزل عنه اذن كيف نتعامل مع من يخالفنا ويسيء الينا لاسيما اذا كان لنا معه مشتركات كثيرة . ان مدارة الناس ومعاملتهم على قدر عقولهم وعدم الانجرار الى الوقوع في الخصومة والقطيعة لهي من الدين فقد ورد عنهم عليهم السلام التأكيد على اتباعهم بان لا تخلو سيرتهم مع الاخرين من هذا النهج فقد روي عن رسول الله صلى الله عليه واله ( أمرني ربي بمداراة الناس كما أمرني بأداء الفرائض ) وعنه صلى الله عليه وآله (إن الأنبياء إنما فضلهم الله على خلقه بشدة مداراتهم لأعداء دين الله، وحسن تقيتهم لأجل إخوانهم في الله ) وعنه صلى الله عليه وآله ( ثلاث من لم يكن فيه لم يتم له عمل: ورع يحجزه عن معاصي الله، وخلق يداري به الناس، وحلم يرد به جهل الجاهل ) وروي عن الإمام علي عليه السلام ( ليس الحكيم من لم يدار من لا يجد بدا من مداراته ) وعنه عليه السلام ( دار الناس تستمتع بإخائهم، والقهم بالبشر تمت أضغانهم ) وروي عن الامام الحسن عليه السلام (رأس الحكمة مداراة الناس ) وروي عن الإمام الصادق عليه السلام في قوله تعالى (وقولوا للناس حسنا) ( أي للناس كلهم مؤمنهم ومخالفهم، أما المؤمنون فيبسط لهم وجهه، وأما المخالفون فيكلمهم بالمداراة لاجتذابهم إلى الإيمان، فإنه بأيسر من ذلك يكف شرورهم عن نفسه، وعن إخوانه المؤمنين ) اخي الكريم اتبع مع ابيك اسلوباً اخر * لا تدخل معه في نقاش قد يجركما الى الاختلاف والخصومة وان كان لابد من مناقشته فيما تعتقد انه غير صحيح مما يرى ويعتقد فلا بد أن تراعي الهدوء والأدب في مناقشته ولا تحدّ النظر إليه ولا ترفع صوتك فوق صوته فضلاً عن تجنبك لاستخدام الكلمات الخشنة معه * لا تُظهر امامه ما لايحب او ما يكون مستفزا له * عبر عن احترامك له واكسب مودته * انت مؤمن فليرى منك دوماً اخلاق المؤمنين واخيراً ادعُ الله تعالى دوماً له بالمغفرة والرحمة والهداية وحسن العاقبة وان يعينك الله تعالى على بره وعلى هذا الابتلاء دمتم في رعاية الله وحفظه

2