السلام عليكم ورحمة الله و بركاته ، مرحبًا بك أيها السائل الكريم
من الأفعال الشنيعة التي قام بها جيش بني أمية ،هو التمثيل بقطع الرؤوس والطواف بها في الطرقات وصلبها وإرسالها إلى الشام،وفي ذلك طوائف من الروايات هي:
الطائفة الأُولى: الروايات الدالة على التصريح بقطع الرؤوس وإرسالها إلى ابن زياد:
وهي كثيرة، منها:
أ ـ عن قرّة بن قيس التميمي: «وقطف رؤوس الباقين، فسرّح باثنين وسبعين رأساً مع شمر بن ذي الجوشن، و ... المزید حتّى قدِموا بها على عبيد الله بن زياد».
ب ـ عن البلاذري: «واحتُزَّت رؤوس القتلى، فحُمل إلى ابن زياد اثنان وسبعون رأساً مع شمر بن ذي الجوشن، و...».
جـ ـ عن ابن سعد: «ونزل معه ـ أي: مع سنان بن أنس ـ خوليّ بن يزيد الأصبحيُّ، فاحتزّ رأسه ـ أي: الحسين ـ ثمّ أُتي بهِ عبيد الله بن زيادٍ، فقال: أوقر ركابي فضة أو ذهباً...».
د ـ عن ابن كثير: «ما قُتل قتيل إلّا احتزوا رأسه وحملوه إلى ابن زياد، ثمّ بعث بها ابن زياد إلى يزيد بن معاوية إلى الشام».
هـ ـ ما دلّ على قطع رأس مسلم بن عقيل، وهو ما جاء في الإرشاد: «فقال ابن زياد: أين هذا الذي ضرب ابن عقيل رأسه بالسيف؟ فدُعي بكر بن حمران الأحمري، فقال له: اصعد فلتكن أنت الذي تضرب عنقه، فصعد به وهو يُكبّر ويستغفر الله، ويصلّي على رسوله، ويقول: اللّهمّ، احكم بيننا وبين قوم غرّونا وكذبونا وخذلونا. وأشرفوا به على موضع الحذّائين اليوم، فضُربت عنقه، واُتبِع جسده رأسه».
ورواه أيضاً في (الأمالي) للشجري[61]، وفي (الحدائق الوردية).
و ـ ما عن أبي مخنف: «وما هو إلّا أن قُتل الحسين فسُرّح برأسه من يومه ذلك مع خوليّ بن يزيد، وحميد بن مسلم الأزدي إلى عبيد الله بن زياد، فأقبل به خولّي، فأراد القصر، فوجد باب القصر مغلقاً، فأتى منزله، فوضعه تحت إجانة في منزله».
ز ـ عن المفيد: «سرّح عمر بن سعد من يومه ذلك وهو يوم عاشوراء برأس الحسين عليه السلام مع خولي بن يزيد الأصبحي، وحميد بن مسلم الأزدي إلى عبيد الله بن زياد، وأمر برؤوس الباقين من أصحابه وأهل بيته فقُطِّعت، وكانت اثنين وسبعين رأساً، وسرّح بها مع شمر بن ذي الجوشن، وقيس بن الأشعث، وعمرو بن الحجاج، فأقبلوا حتّى قدِموا بها على ابن زياد».
وهذه الطائفة ـ بالإضافة إلى دلالتها على قطع الرؤوس ـ تدلّ أيضاً على حمل تلك الرؤوس الزكية إلى الطاغية ابن زياد.
الطائفة الثانية: الروايات الدالة على صَلْبِ الرأس الشريف وجثتي مسلم وهاني
وقد ورد في ذلك الموارد التالية:
أ ـ ما ذكره الذهبي، عن أبي حمزة الحضرمي: «وقد حدّثني بعض أهلنا أنّه رأى رأس الحسين مصلوباً بدمشق ثلاثة أيام».
ب ـ عن الخوارزمي قال: «إنّ يزيد أمر أن يُصلب الرأس الشريف على باب داره».
جـ ـ عن القلقشندي: «وعُلّقَ رأس الحسين عليه السلام في دمشق عند قتله، في المكان الذي عُلّق عليه رأس يحيى بن زكريا».
د ـ عن سبط ابن الجوزي : «فآمنه ـ أي: مسلم بن عقيل ـ ابن الأشعث، وجاء به إلى ابن زياد، فأمر به، فأُصعد إلى أعلى القصر، فضُربت عنقه، وأُلقي رأسه إلى الناس، وصُلبت جثّته بالكناسة، ثمّ فُعل بهاني بن عروة كذلك».
هـ ـ عن ابن أعثم: «ثمَّ أمر عبيد الله بن زياد بمسلم بن عقيل، وهاني بن عروة رحمها الله، فصُلبا جميعاً منكّسَين، وعزم أن يوجِّه برأسيهما إلى يزيد بن معاوية».
و ـ عن سبط ابن الجوزي: «إنّ ابن زياد نصب الرؤوس كلها بالكوفة على الخشب، وكانت زيادة على سبعين رأساً، وهي أوّل رؤوس نُصبت في الإسلام بعد رأس مسلم ابن عقيل بالكوفة».
الطائفة الثالثة: الدوران بالرؤوس في الأسواق والبلدان لأجل زرع الرعب في نفوس الناس:
وقد دلّت عليها بعض الروايات، وهي:
أ ـ عن أبي مخنف: «إنّ عبيد الله بن زياد نصب رأس الحسين بالكوفة، فجُعل يُدار به في الكوفة»[71].
ب ـ عن المفيد: «لما أصبح عبيد الله بن زياد بعث برأس الحسين عليه السلام ، فدير به في سكك الكوفة كلها وقبائلها».
جـ ـ ما عن (الملهوف)، عن علي بن الحسين عليه السلام أنّه قال: «إنّ الله تعالى وله الحمد ابتلانا بمصائب جليلة وثلمةٍ في الإسلام عظيمة، قُتل أبو عبد الله عليه السلام وعترته، وسُبي نساؤه وصبيته، وداروا برأسه في البلدان من فوق عامل السنان، وهذه الرزية التي لا مثلها رزية».
د ـ ما عن (شرح الأخبار): «ثمّ أمر يزيد اللعين برأس الحسين عليه السلام ، فطيف به في مدائن الشام وغيرها».
الطائفة الرابعة: الروايات الدالة على حمل الرؤوس إلى يزيد (الشام):
لم يكتفِ وَاَلْي الكوفة بالأمر ببعث الرؤوس إليه، بل أرسلها إلى طاغيته يزيد بن معاوية، وإليك بعض النصوص الموثقة لذلك:
أ ـ عن أبي مخنف: «ثمّ دَعَا ابن زياد زحر بن قيس، فسرّح معه برأس الحسين ورؤوس أصحابه إلى يزيد بن معاوية، وكان مع زحر أبو بردة بن عوف الأزديّ، وطارق بن أبي ظبيان الأزديُّ، فخرجوا حتّى قدموا بها الشام على يزيد بن معاوية».
ب ـ عن سبط ابن الجوزي: «إنّ ابن زياد حطَّ الرّؤوس في يوم الثاني، وجهّزها والسبايا إلى الشام إلى يزيد بن معاوية».
جـ ـ عن ابن أعثم: «ثمّ دعا ابن زياد زجر بن قيس الجعفي، فسلّم إليه رأس الحسين ابن علي ورؤوس إخوته، ورأس علي بن الحسين، ورؤوس أهل بيته وشيعته رضي الله عـنهم أجمعين، ودعا علي بن الحسين أيضاً، فحمله وحمل أخواته وعماته وجميع نسائهم إلى يزيد بن معاوية».
د ـ عن المفيد: «لما فرغ القوم من التطواف به ـ أي: برأس الحسين عليه السلام بالكوفة ـ ردّوه إلى باب القصر، فدفعه ابن زياد إلى زحر بن قيس، ودفع إليه رؤوس أصحابه، وسرّحه إلى يزيد بن معاوية ـ عليهم لعائن الله ولعنة اللاعنين في السماوات والأرضين ـ وأنفذ معه أبا بُردة بن عوف الأزدي، وطارق بن أبي ظبيان في جماعة من أهل الكوفة، حتى وردوا بها يزيد بدمشق».
الطائفة الخامسة: الروايات الدالة على قرع رأس الحسين بالقضيب وشرب الخمر عليه:
والروايات الدالة على هذا الفعل المشين والمنحط كثيرة جداً، ابتداءً من مجلس ابن زياد، وانتهاءً بمجلس يزيد بن معاوية، وهي:
أ ـ عن أنس بن مالك: «لمّا جيء برأس الحسين إلى ابن زياد، وُضع بين يديه في طشتٍ، فجعل ينكت وجنته بقضيب، ويقول: ما رأيت مِثلَ حُسنِ هذا الوجه قطّ. فقلت: إنّه كان يُشبه النبي صلى الله عليه وسلم».
ب ـ ما رواه ابن سعد: «لمّا وُضعت الرؤوس بين يدي عبيد الله بن زياد، جعل يضرب بقضيب معه على فِيِّ الحسين وهو يقول:
يُفلِّقنَ هاماً من أُناس أعزةٍ علينا وهم كانوا أعقّ وأظلَما
فقال له زيد بن أرقم: لو نحَّيت هذا القضيب؛ فإنّ رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يضع فاه على موضع هذا القضيب».
جـ ـ عن حاجب عبيد الله بن زياد: «إنّه لما جيءَ برأس الحسين عليه السلام أمر [أي: ابن زياد] فوُضع بين يديه في طست من ذهب، وجعل يضرب بقضيب في يده على ثناياه، ويقول: لقد أسرع الشيب إليك يا أبا عبد الله. فقال رجُلٌ من القوم: مَه! فإنّي رأيت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يلثم حيث تضع قضيبك. فقال: يومٌ بيوم بدر».
د ـ ما ورد في (الملهوف)، عن زين العابدين عليه السلام أنّه قال: «لمّا أتوا برأس الحسين عليه السلام إلى يزيد ـ لعنه الله ـ كان يتخذُ مجالس الشرب، ويأتي برأس الحسين عليه السلام ويضعه بين يديه ويشرب عليه».
هـ ـ عن ابن سعد: «لمّا أُتي يزيد بن معاوية برأس الحسين بن علي جعل ينكت بمخصرةٍ معه سِنَّهُ، ويقول: ما كنت أظنّ أبا عبد الله يبلغ هذا السن. قال: وإذا لحيته ورأسه قد نصل من الخضاب الأسود».
و ـ ما جاء في (عيون أخبار الرضا عليه السلام )، عن عبد السلام بن صالح الهروي: «سمعت أبا الحسن علي بن موسى الرضا عليه السلام يقول: أوّل مَن اتّخذ له الفقاع في الإسلام بالشام يزيد بن معاوية ـ لعنه الله ـ فأُحضر وهو على المائدة، وقد نصبها على رأس الحسين عليه السلام ، فجعل يشربه ويسقي أصحابه، ويقول ـ لعنه الله ـ: اشربوا، فهذا شراب مبارك، ولو لم يكن من بركته، إلّا أنّا أوّل ما تناولناه ورأس عدونا بين أيدينا ومائدتنا منصوبة عليه، ونحن نأكله ونفوسنا ساكنة، وقلوبنا مطمئنة.
فمن كان من شيعتنا فليتورع عن شرب الفقاع؛ فإنّه من شراب أعدائنا، فإن لم يفعل فليس منّا، ولقد حدّثني أبي، عن أبيه، عن أبائه، عن علي بن أبي طالب عليه السلام ، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم : لا تلبسوا لباس أعدائي، ولا تسلكوا مسالك أعدائي، فتكونوا أعدائي، كما هم أعدائي».
ز ـ عن ابن نما الحلي: «كان يزيد يتخذ مجالس الشراب واللهو والقيان والطرب، ويُحضر رأس الحسين عليه السلام بين يديه».
منقول بتصرف.
المصدر :
الشيخ أحمد العلي ،مجلة الإصلاح الحسيني – العدد الحادي عشر،مؤسسة وارث الأنبياء للدراسات التخصصية في النهضة الحسينية