نشوان محمد ( 39 سنة ) - العراق
منذ سنتين

الثناء

لله بلاء فلان (١) فقد قوم الأود وداوى العمد. خلف الفتنة وأقام السنة. ذهب نقي الثوب، قليل العيب. أصاب خيرها وسبق شرها. هل اثنى امير المؤمنين على عمر بن الخطاب فيها جاءت في نهج البلاغة


اهلا وسهلا بالسائل الكريم اولا : ورد في العبارة (( لله بلاء فلان ))، ولم يصرح باسمه، ومَن قال: أنّه عمر بن الخطاب، كما ذهب إليه ابن أبي الحديث في شرحه على نهج البلاغة، فهو اجتهاد منه . ثانيا : تعرض لبيان ذلك المقطع، حبيب الله الهاشمي الخوئي، في كتابه (منهاج البراعة في شرح نهج البلاغة)، جزء ( ١٤)، صفحة (٣٧١)، وما بعدها . ما هو لفظه : (( وأقول : أما ما قاله القطب الراوندي فاستبعاد الشارح المعتزلي له بموقعه ، وكذلك ما زعمه الشارح البحراني فإنه أيضا بعيد ، وتقريبه له بأنه ذمّ خلافة عمر في خطبة الشقشقية ، فيه أنه عليه السّلام ذمّ هناك خلافة أبى بكر أيضا حسبما عرفت أيضا ولو لم يكن فيها إلَّا قوله عليه السّلام : فصبرت وفى العين قذى وفى الحلق شجى أرى تراثي نهبا ، لكان كافيا في الطعن والازراء المنافى للمدح والثناء فضلا من المطاعن والمذامّ الواردة عنه عليه السّلام في مقامات اخر في حقّ الأوّل كالثانى المتجاوزة عن حدّ الاحصاء وطور الاستقصاء . وأما ما زعمه الشارح المعتزلي من أنّ المراد به عمر ومبالغته فيه واستظهاره له بما فصله في كلامه ، ففيه أنه إن كان هذا الرّجل الجلف هو المراد به وأبقينا الكلام على ظاهره على ما توهّمه الظاهر من كون عمر أهلا للأوصاف المذكورة لا غير ، كان هذا الكلام مناقضا صريحا لما تقدّم عنه في الخطبة الشقشقية من مثالب عمر ومعايب خلافته ، فلاحظ المقام وانظر ما ذا ترى، بل كان منافيا لأصول مذهب الاماميّة رضوان اللَّه عليهم المتلقّى عن أئمّتهم سلام اللَّه عليهم ولأخبارهم المتواترة المأثورة عن أهل بيت العصمة والطَّهارة المفصحة عن كفر الأوّل والثّاني كليهما وكونهما منشأ جميع الشّرور والمفاسد والبدعات الجارية في الامّة المرحومة إلى يوم القيامة . قال كميت بن زيد الأسدي فيما رواه عنه في البحار من الكافي : دخلت على أبي جعفر عليه السّلام قلت : خبّرني عن الرّجلين ، قال : فأخذ الوسادة وكسرها في صدره ثمّ قال : واللَّه يا كميت ما أهريق محجمة من دم وما اخذ مال من غير حلَّه وما قلب حجر من حجر إلَّا ذاك في أعناقهما ، ونحوه أخبار كثيرة، بل المستفاد من بعض الأخبار أنّ جميع الشّرور والمفاسد الواقعة في الدّنيا من ثمرات تلك الشّجرة الخبيثة ، وقد مرّت طائفة منها في شرح الخطبة المأة والخمسين . فبعد اللَّتيا واللَّتى فاللَّازم على جعل المكنّي عنه عمر كما زعمه الشّارح هو صرف الجملات الآتية عن ظواهرها المفيدة للمدح والثّناء ، لتطابق أصول الاماميّة وقواعدهم المبنيّة على الذّم والازراء ، وعلى إبقائها على ظواهرها فلابدّ من جعل المكنّى عنه شخصا آخر له أهليّة الاتّصاف بهذه الأوصاف . وعليه فلا يبعد أن يكون مراده عليه السّلام هو مالك بن الحرث الأشتر ، فلقد بالغ في مدحه وثنائه في غير واحد من كلماته . مثل ما كتبه إلى أهل مصر حين ولى عليهم مالك حسبما يأتي ذكره في باب الكتب تفصيلا إنشاء اللَّه)) .