"أن النكرة اذا اعيدت كانت غير الأولى"
اللهم صل على محمد وآل محمد ، السلام عليكم في البدأ هنالك قاعدة في اللغة العربية مجملا لا نصا "أن النكرة اذا اعيدت كانت غير الأولى" ولدينا الآية 84 من سورة الزخرف (وهو الذي في السماء إِله وفي الأرض إِله وهو الحكيم العليم) فكيف يكون هنالك إله في السماء وإله في الأرض ، فالسؤال يكون ان لفظة (إله) اعيدت مرتين نكرتين وحسب القاعده ف إله السماء غير إله الأرض، ارجوا ان لا يكون جوابكم مثل جواب الشعراوي وهو أن( الذي ) اسم معرفة فَعُرف إله السماء لان هنا تكون( الذي) صلة موصول لا محل لها من الإعراب
السلام عليكم ورحمة الله و بركاته ، مرحبًا بك أيها السائل الكريم نُجيب عن سؤالكم بعدة نقاط : اولا: ذهب بعض المحققين إلى أن هذه القاعدة ليست مطردة ولا مطلقة، بل خطَّأ عددٌ من المحققين القول بإطلاق هذه القاعدة، ومنهم أبو علي الجرجاني في كتابه (نظم القرآن)، وابن هشام في (مغني اللبيب) حيث قال في الباب السادس: "فِي التحذير من أُمُور اشتهرت بَين المعربين وَالصَّوَاب خلَافهَا، وَهِي كَثِيرَة وَالَّذِي يحضرني الْآن مِنْهَا عشرُون موضعا" ثم ذكر هذه القاعدة في الموضع الرابع عشرة فقال: "أوْلهم إِن النكرَة إِذا أعيدت نكرَة كَانَت غير الأولى وَإِذا أُعِيدَت معرفَة أَو أُعِيدَت الْمعرفَة معرفَة أَو نكرَة كَانَ الثَّانِي عين الأول" ثم استشكلها وذكر بعض ما يرد على هذه القاعدة، ومن أبرز ما يعترض الاطراد المطلق في هذه القاعدة ورود مواضع قرآنية لا يمكن تطبيقها عليها، ومنها: 1) قَوْله تَعَالَى {اللَّهُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ ضَعْفٍ ثُمَّ جَعَلَ مِنْ بَعْدِ ضَعْفٍ قُوَّةً ثُمَّ جَعَلَ مِنْ بَعْدِ قُوَّةٍ ضَعْفًا وَشَيْبَةً}(الروم:54) فتكرر النكرة (ضعف-قوة) لا يعني أن لهما المدلول ذاته كما هو واضح. 2) قوله تعالى {وَهُوَ الَّذِي فِي السَّمَاءِ إِلَهٌ وَفِي الْأَرْضِ إِلَهٌ}(الزخرف:84) فلو أعملت القاعدة لكانت النكرة الثانية غير الأولى، ويكون هناك إلهان-تعالى الله- فالله سبحانه إِلَه وَاحِد، والضمير في أول (وهو) يغني عن التكلف الذي ذكره بعضهم حول توجيه الآية عند الإصرار على إعمال القاعدة المذكورة، فالمبتدأ (وهو) هو المسند إليه، وما بعده خبر عنه فهو المسند بما يحويه من الاسم الموصول وجملة صلته وكلها تعبر عن إله واحد سبحانه أشير إليه بقوله (وهو)، والمعنى ألوهيته سبحانه ثابتة في السماء كما هي ثابتة في الأرض. وما ذكر في توجيه هذه الآية يكفي لعدم إيراد إشكال بناء على تقعيد القاعدة المذكورة، ثم البحث عن سبيل حلِّه. إنما يَكون ذلك إذا لم تتعارَض الحقيقة اللغوية مع الحقيقة الشرعية ، فإذا تعارَضَت الحقيقة اللغوية مع الحقيقة الشرعية ، قُدِّمَت الحقيقة الشرعية ؛ لأن قواعد اللغة تابِعة للقرآن , ولا عكس ، وقواعد اللغة إنما وُضِعَت حينما ظَهَر اللحن في اللغة .بالإضافة إلى قيام الأدلة الكثيرة على وحدانية الله . والحقيقة انه لاتعارض هنا.فعند قولنا،محمد استاذ في البيت واستاذ في المدرسة. لايعني تعدد محمد وانما تعدد المهام والتصرفات ووحدة الاستاذية والهوية. ثانيا: إن معنى الاية الكريمة يشير إلى وحدانية اللّه تعالى ،فقد جاء في الأمثل في تفسير كتاب الله المنزل - الشيخ ناصر مكارم الشيرازي - ج ١٦ - الصفحة ١٠٥: فتقف الآية بوجه المشركين الذين كانوا يعتقدون بانفصال إله السماء عن إله الأرض، بل ابتدعوا للبحر إلها، وللصحراء إلها وآخر للحرب، ورابعا للصلح والسلم، وآلهة مختلفة ومتعددة بتعدد الموجودات، فتقول: وهو الذي في السماء إله وفي الأرض إله لأن كونه إلها في السماء والأرض يثبت كونه ربا ومعبودا فيهما - وقد مر ذلك في الآيات السابقة - لأن المعبود الحقيقي هو رب العالم ومدبره، لا الأرباب المختلفة، ولا الملائكة، ولا المسيح ولا الأصنام، فكلها ليست أهلا لأن تكون أربابا وآلهة، إذ ليس لها مقام الربوبية، فكلها مخلوقة في أنفسها ومربوبة، وتتمتع بأرزاق الله، وكلها تعبده سبحانه. ثالثا :ذكر المفسر الكبير العلامة الطبرسي في تفسير مجمع البيان - ج ٩ - الصفحة ٩٧،لتكرار لفظ الإله، في هذه الآية علتين: إحداهما: التأكيد على كون الله تعالى إلها في كل مكان. والأخرى: أنه إشارة إلى أن ملائكة السماء تعبده، والبشر في الأرض يعبدونه أيضا، وعلى هذا فإنه إله الملائكة وبني آدم وكل الموجودات في السماوات والأرض دمتم في رعاية الله