امي تفرق بيتي وبين اخوتي مع اني كرست حياتي لخدمتهم وعزفت عن الزواج للعنايه بيهم وبذلت كل مااملك لراحتهم ونيل رضاهم ولكن دون جدوى لا تحب الحديث او الجلوس معي ولا تسال عن صحتي واحوالي عكس تعاملها مع اخوتي فأصبت بامراض نفسيه وجسديه من معاملتهم منها ضغط الدم المزمن والجلطه القلبيه وحاليا اتناول العلاجات وحالتي حرجه مع اني في الثلاثين من عمري فقررت تركهم والابتعاد عنهم كون التقرب منهم يؤذيني جدا وبحسب نصيحه الطبيب بالابتعاد عن اسباب الاجهاد كي لا اصاب بجلطه اخرى لكني اخاف الله افتوني جزاكم الله خير
بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
اهلاً وسهلاً بكم في شؤون الاسرة
صلة الرحم واجبة على المسلم ، وقطيعته من الكبائر ، والرحم كل قريب يشاركك في رحم كالوالدين والاخوة والعم والخال والعمة والخالة واولادهم.
وقد نهى الله سبحانه وتعالى عن قطيعة الرحم فقال في محكم كتابه الكريم ( فَهَلْ عَسَيْتُمْ إِنْ تَوَلَّيْتُمْ أَنْ تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ وَ تُقَطِّعُوا أَرْحامَكُمْ * أُولئِكَ الَّذِينَ لَعَنَهُمُ اللَّهُ فَأَصَمَّهُمْ وَ أَعْمى أَبْصارَهُمْ ) محمد ٢٢ — ٢٣
وقال الإمام علي عليه السلام ( إنَّ أهل البيت ليجتمعون ويتواسون وهم فجرة فيرزقهم الله ، وإن أهل البيت ليتفرقون ويقطع بعضهم بعضا فيحرمهم الله وهم أتقياء )
وروي عن الإمام الباقر عليه السلام أنه قال ( في كتاب علي ثلاث خصال لا يموت صاحبهن أبداً حتى يرى وبالهن: البغي وقطيعة الرحم ، واليمين الكاذبة يبارز الله بها، وإن أعجل الطاعة ثواباً لَصلةُ الرحم ، إن القوم ليكونون فجَّاراً فيتواصلون فتنمى أموالهم ويثرون ، وإن اليمين الكاذبة وقطيعة الرحم لتذران الديار بلاقع من أهلها ) .
فتحرم قطيعة الرحم حتى لو كان ذلك الرحم قاطعا للصلة تاركا للصلاة ، أو شاربا للخمر ، أو مستهينا ببعض أحكام الدين ، كخلع الحجاب وغير ذلك بحيث لا يجدي معه الوعظ والإرشاد والتنبيه بشرط أن لا تكون تلك الصلة موجبة لتأييده على فعل الحرام.
قال نبينا الكريم محمد صلى الله عليه واله ( أفضل الفضائل: أن تصل مَن قطعك ،وتعطي من حرمك ،وتعفو عمّن ظلمك )
وقال صلى الله عليه واله ( لا تقطع رحمك وان قطعك )
ولعلّ أدنى عمل يقوم به المسلم لصلة أرحامه مع الامكان والسهولة ، هو أن يزورهم فيلتقي بهم ، أو أن يتفقد أحوالهم بالسؤال ، ولو من بُعد.
قال أمير المؤمنين عليه السلام ( صلوا أرحامكم ولو بالتسليم ، يقول الله سبحانه وتعالى( واتقوا الله الذي تساءلون به والأرحام إنَّ الله كان عليكم رقيبا )
وعن الإمام الصادق عليه السلام ( إن صلة الرحم والبرِّ ليهوّنان الحساب ويعصمان من الذنوب ، فصلوا أرحامكم وبرّوا باخوانكم ، ولو بحسن السلام ورد الجواب )
ايها العزيز مهما يكن تصرف امك تجاهك فلابد ان تعمل انت بتكلفك الشرعي تجاههما ولا يستدرجك الشيطان وسوء تصرفها معك لان تكون من اهل العقوق للاباء والامهات فان ذلك من المعاصي الكبيرة فقد قال تعالى في كتابه الكريم ( وَ قَضى رَبُّكَ أَلاَّ تَعْبُدُوا إِلاَّ إِيَّاهُ وَ بِالْوالِدَيْنِ إِحْساناً إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِنْدَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُما أَوْ كِلاهُما فَلا تَقُلْ لَهُما أُفٍّ وَ لا تَنْهَرْهُما وَ قُلْ لَهُما قَوْلاً كَرِيماً * وَ اخْفِضْ لَهُما جَناحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ وَ قُلْ رَبِّ ارْحَمْهُما كَما رَبَّيانِي صَغِيراً ) من سورة الاسراء الاية ٢٣ ،٢٤
وقال رسول الله (صلى الله عليه واله وسلم)
( ثلاثة من الذنوب تعجل عقوبتها ولا تؤخر إلى الآخرة : عقوق الوالدين ، والبغي على الناس ، وكفر الاحسان)
و قال الامام محمد بن علي الباقر (عليه السلام)
( ثلاث لم يجعل الله عزوجل لاحد فيهن رخصة : أداء الامانة إلى البر والفاجر ، والوفاء بالعهد للبر والفاجر ، وبر الوالدين برين كانا أو فاجرين )
و قال الامام أبي عبد الله (عليه السلام)
( من نظر إلى أبويه نظر ماقت وهما ظالمان له لم يقبل الله له صلاة ) ،
فالحذر من الوقوع في عقوق الوالدين فانها من اعظم المعاصي فادعو لها بصلاح الحال والهداية والاستقامة والمغفرة وحسن العاقبة فانها وان كانا مقصرة في حقك كما تقول فانها كانت محسنة لك في يوم من الايام لاسيما ايام الطفولة والصغر فلا تنسى فضلها واحسانها وبرها بك ،
اخي الكريم قد يكون هذا الذي تمر به من نوع من انواع الابتلاء فان الله تعالى يبتلي عباده ببعض الابتلاءات الدنيوية ( … لِيَبْلُوَنِي أَ أَشْكُرُ أَمْ أَكْفُرُ وَ مَنْ شَكَرَ فَإِنَّما يَشْكُرُ لِنَفْسِهِ وَ مَنْ كَفَرَ فَإِنَّ رَبِّي غَنِيٌّ كَرِيمٌ ) من سورة النمل الاية ٤٠ فيبتلي بعض عباده بالفقر وبعض بالمرض وبعض اخر بعدو وبعض اخر بزوجة سيئة الخلق واخر بزوج سيء الخلق او اولاد عاقين وبعضهم يبتليه الله تعالى بوالدين سيئين وغيرها من صور الابتلاء ولم يستثنِ الله احداً من هذا القانون فحتى الانبياء عليهم السلام قد تعرضوا للابتلاءات ولكنهم صبروا ونجحوا في هذا الاختبار والامتحان فمهم من ابتُلي بعدو ومنهم من ابتُلي بالمرض ومنهم من ابتُلي بالفقر ومنهم من ابتلي بغير ذلك من صنوف الابتلاءات وعلينا ان نتأسى بهم فننجح كما نجحوا ونصبر كما صبروا فالمطلوب من المؤمن ان يحسن التصرف حين التعرض للابتلاء وان يتحلى بالصبر على ما ابتلاه الله تعالى وان يحاول ان يغير الظروف السيئة المحيطة به مستعيناً بالله تعالى على ذلك .
حاول ان تتأمل في فقرات هذا الدعاء المروي عن الامام زين العابدين وهو من ادعية الصحيفة السجادية ( . اللهم وما تعديا ( يعني بذلك الوالدين ) علي فيه من قول، أو أسرفا علي فيه من فعل، أو ضيعاه لي من حق أو قصرا بي عنه من واجب فقد وهبته وجدت به عليهما، ورغبت إليك في وضع تبعته عنهما فإني لا أتهمهما على نفسي، ولا أستبطئهما في بري، ولا أكره ما تولياه من أمري يا رب فهما أوجب حقا علي، وأقدم إحسانا إلي وأعظم منة لدي من أن أقاصهما بعدل، أو اجازيهما على مثل، أين إذا يا إلهي طول شغلهما بتربيتي؟ وأين شدة تعبهما في حراستي؟ وأين إقتارهما على أنفسهما للتوسعة علي؟ هيهات ما يستوفيان مني حقهما، ولا ادرك ما يجب علي لهما ولا أنا بقاض وظيفة خدمتهما. فصل على محمد وآله وأعني يا خير من استعين به. ووفقني يا أهدى من رغب إليه، ولا تجعلني في أهل العقوق للآباء والامهات يوم تجزى كل نفس بما كسبت وهم لا يظلمون. )
نعم ليس من الصحيح ان يتعامل الوالدان مع اولادهم بهذا الشكل فلا يفرقوا بين بعضهم البعض ولا يشعروهم بالتمييز فيما بينهم بل عليهم ان يحفزوا المخطىء على معالجة خطأه وينبهوه دون اشعاره بالتفرقة والتمييز بينه وبين اخوته وكذلك عليهم ان يشجعوا المحسن على احسانه .
اخي الكريم ربما انك لم تحسن التعامل مع والدتك او انك غفلت عن بعض حقوقها او انك تعاملت مع اخوتك في يوم من الايام بشكل لم ترضاه امك ولم تحبه او انك اسمعتها او اسمعتهم كلاماً دعاهم الى النفور منك او اشعرتهم بانك صاحب فضل عليهم فيما تقدم لهم او غير ذلك من الاسباب .
جاء عن الإمام زين العابدين عليه السلام في رسالة الحقوق ( فحق أمك أن تعلم أنها حملتك حيث لا يحمل أحد أحدا وأطعمتك من ثمرة قلبها ما لا يطعم أحد أحدا، وأنها وقتك بسمعها وبصرها ويدها ورجلها وشعرها وبشرها وجميع جوارحها مستبشرة بذلك فرحة موبلة محتملة لما فيه مكروهها وألمه وثقله وغمه، حتى دفعتها عنك يد القدرة وأخرجتك إلى الأرض فرضيت أن تشبع وتجوع هي وتكسوك وتعرى، وترويك وتظمأ، وتظلك وتضحى وتنعمك ببؤسها وتلذذك بالنوم بأرقها وكان بطنها لك وعاء، وحجرها لك حواء وثديها لك سقاء، ونفسها لك وقاء، تباشر حر الدنيا وبردها لك ودونك، فتشكرها على قدر ذلك ولا تقدر عليه إلا بعون الله وتوفيقه. وأما حق أبيك : فان تعلم أنه أصلك ، وأنك فرعه ، وأنك لولاه لم تكن. فمهما رأيت في نفسك مما يعجبك فاعلم أن أباك أصل النعمة عليك فيه ، واحمد اللّه واشكره على قدر ذلك. ولا قوة إلاّ باللّه. )
وفي مقطع اخر من دعاء الامام زين العابدين لوالديه المروي في الصحيفة السجادية يقول عليه السلام ( أللَّهُمَّ اجْعَلْنِي أَهَابُهُمَا هَيْبَةَ السُّلْطَانِ الْعَسُوفِ، وَأَبَرُّهُمَا بِرَّ الاُمِّ الرَّؤُوفِ، وَاجْعَلْ طَاعَتِي لِوَالِدَيَّ وَبِرِّيْ بِهِمَا أَقَرَّ لِعَيْنِي مِنْ رَقْدَةِ الْوَسْنَانِ، وَأَثْلَجَ لِصَدْرِي مِنْ شَرْبَةِ الظَّمْآنِ حَتَّى أوثِرَ عَلَى هَوَايَ هَوَاهُمَا وَاُقَدِّمَ عَلَى رِضَاىَ رِضَاهُمَا وَأَسْتَكْثِرَ بِرَّهُمَا بِي وَإنْ قَلَّ وَأَسْتَقِلَّ بِرِّي بِهِمَا وَإنْ كَثُرَ.
أللَّهُمَّ خَفِّضْ لَهُمَا صَوْتِي، وَأَطِبْ لَهُمَا كَلاَمِي، وَأَلِنْ لَهُمَا عَرِيْكَتِي، وَاعْطِفْ عَلَيْهِمَا قَلْبِي، وَصَيِّرْنِي بِهِمَا رَفِيقاً، وَعَلَيْهِمَا شَفِيقاً أللَّهُمَّ اشْكُرْ لَهُمَا تَرْبِيَتِي وَأَثِبْهُمَا عَلَى تَكْرِمَتِي، وَاحْفَظْ لَهُمَا مَا حَفِظَاهُ مِنِّي فِي صِغَرِي. )
وعن الإمام الصادق عليه السلام ( جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وآله وسلم فقال: يا رسول الله من أبر؟ قال: أمك، قال:ثم من؟ قال: أمك، قال: ثم من؟ قال: أمك، قال: ثم من؟ قال: أباك )
وروي عن الإمام الباقر عليه السلام انه قال ( قال موسى بن عمران:يا رب! أوصني؟ قال: أوصيك بي، قال:فقال: رب أوصني؟ قال: أوصيك بي - ثلاثا - قال: يا رب أوصني؟ قال: أوصيك بأمك، قال:
يا رب أوصني قال: أوصيك بأمك، قال: يا رب أوصني؟، قال: أوصيك بأبيك )
نعم اذا كان المكان الذي تعيش فيه معهم يؤذيك ويؤثر على وضعك الصحي ولا يمكنك البقاء فيه لذلك فيمكنك الانتقال الى مكان اخر ولكن لا تقطع صلتك بامك واخوتك ولو من خلال الهاتف او التواصل معهم وزيارتهم بين الحين والاخر وتفقد احوالهم والسؤال عنهم ما امكنك ذلك لاسيما امك . البسك الله ثوب العافية وجعلك الله من المحسنين البارين بالاباء والامهات .
دمتم في رعاية الله وحفظه