بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
اهلاً وسهلاً بكم في شؤون الاسرة
الاخ العزيز ، ان في الشريعة الاسلامية توجد حقوق وواجبات لابد للمسلم ان يراعي الالتزام بها وهذه الحقوق والواجبات اذا أداها المسلم بشكلها المطلوب فانه يؤجر ويثاب وان تركها متعمداً يحاسب ويعاقب ، وعادة ما تكون تلك الحقوق والواجبات بين طرفين او اكثر والغاية منها تنظيم العلاقة بينهم فاذا ما تخلف البعض عن اداء الحقوق والعمل بالواجبات التي عليه للاخر فلا يسوغ ذلك للاخر ان يفعل مثله بل يجب عليه ان يقوم بما وجب عليه ولا يترك طريق الحق بحجة عدم سلوك الاخر لهذا الطريق ، ومن تلك الحقوق والوجبات هي ما تكون بين الاولاد من جانب والاباء والامهات من جانب اخر فقد اوجب الله تعالى على الاولاد ان يحفظوا حقوق الاباء ولا يضيعوها ويؤدوا ما وجب عليهم تجاههم وكذلك بالنسبة للاباء فان عليهم واجبات ولابنائهم عليهم حقوق لابد ان يراعوها وان تخلفوا عنها او تركوها عمداً ومع قدرتهم عليها فهم آثمون ، ولو فُرض ان الاباء لم يقوموا بواجبهم تجاه ابنائهم فهذا لايبرر للابناء ان يتركوا وظيفتهم تجاه ابائهم وامهاتهم مع ملاحظة ان حق الوالدين اوجب على الابناء من حق الابناء على والديهم فقد جاء في القران الكريم وفي السنة المطهرة الكثير مما يدعوا الى رعاية حقوق الاباء وعدم التهاون بها ومما جاء في ذلك قوله تعالى ( وَ وَصَّيْنَا الْإِنْسانَ بِوالِدَيْهِ حُسْناً وَ إِنْ جاهَداكَ لِتُشْرِكَ بِي ما لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلا تُطِعْهُما إِلَيَّ مَرْجِعُكُمْ فَأُنَبِّئُكُمْ بِما كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ ) العنكبوت ٨
وقال تعالى ( وَ وَصَّيْنَا الْإِنْسانَ بِوالِدَيْهِ إِحْساناً حَمَلَتْهُ أُمُّهُ كُرْهاً وَ وَضَعَتْهُ كُرْهاً وَ حَمْلُهُ وَ فِصالُهُ ثَلاثُونَ شَهْراً ) الاحقاف ١٥
وقوله تعالى ( وَ قَضى رَبُّكَ أَلاَّ تَعْبُدُوا إِلاَّ إِيَّاهُ وَ بِالْوالِدَيْنِ إِحْساناً إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِنْدَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُما أَوْ كِلاهُما فَلا تَقُلْ لَهُما أُفٍّ وَ لا تَنْهَرْهُما وَ قُلْ لَهُما قَوْلاً كَرِيماً ) الاسراء ٢٣
وقال تعالى ( وَ وَصَّيْنَا الْإِنْسانَ بِوالِدَيْهِ حَمَلَتْهُ أُمُّهُ وَهْناً عَلى وَهْنٍ وَ فِصالُهُ فِي عامَيْنِ أَنِ اشْكُرْ لِي وَ لِوالِدَيْكَ إِلَيَّ الْمَصِيرُ ) لقمان ١٤
وقال رسول الله (صلى الله عليه واله وسلم)
( ثلاثة من الذنوب تعجل عقوبتها ولا تؤخر إلى الآخرة : عقوق الوالدين ، والبغي على الناس ، وكفر الاحسان)
و قال الامام محمد بن علي الباقر (عليه السلام)
( ثلاث لم يجعل الله عزوجل لاحد فيهن رخصة : أداء الامانة إلى البر والفاجر ، والوفاء بالعهد للبر والفاجر ، وبر الوالدين برين كانا أو فاجرين )
وعن الإمام الصادق عليه السلام ( جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وآله وسلم فقال: يا رسول الله من أبر؟ قال: أمك، قال:ثم من؟ قال: أمك، قال: ثم من؟ قال: أمك، قال: ثم من؟ قال: أباك )
وروي عن الإمام الباقر عليه السلام انه قال ( قال موسى بن عمران:يا رب! أوصني؟ قال: أوصيك بي، قال:فقال: رب أوصني؟ قال: أوصيك بي - ثلاثا - قال: يا رب أوصني؟ قال: أوصيك بأمك، قال:
يا رب أوصني قال: أوصيك بأمك، قال: يا رب أوصني؟، قال: أوصيك بأبيك )
وجاء عن الإمام زين العابدين عليه السلام في رسالة الحقوق ( فحق أمك أن تعلم أنها حملتك حيث لا يحمل أحد أحدا وأطعمتك من ثمرة قلبها ما لا يطعم أحد أحدا، وأنها وقتك بسمعها وبصرها ويدها ورجلها وشعرها وبشرها وجميع جوارحها مستبشرة بذلك فرحة موبلة محتملة لما فيه مكروهها وألمه وثقله وغمه، حتى دفعتها عنك يد القدرة وأخرجتك إلى الأرض فرضيت أن تشبع وتجوع هي وتكسوك وتعرى، وترويك وتظمأ، وتظلك وتضحى وتنعمك ببؤسها وتلذذك بالنوم بأرقها وكان بطنها لك وعاء، وحجرها لك حواء وثديها لك سقاء، ونفسها لك وقاء، تباشر حر الدنيا وبردها لك ودونك، فتشكرها على قدر ذلك ولا تقدر عليه إلا بعون الله وتوفيقه. وأما حق أبيك : فان تعلم أنه أصلك ، وأنك فرعه ، وأنك لولاه لم تكن. فمهما رأيت في نفسك مما يعجبك فاعلم أن أباك أصل النعمة عليك فيه ، واحمد اللّه واشكره على قدر ذلك. ولا قوة إلاّ باللّه. ) ومن دعاء الامام زين العابدين عليه السلام ( اللهم وما تعديا ( يعني بذلك الوالدين ) علي فيه من قول، أو أسرفا علي فيه من فعل، أو ضيعاه لي من حق أو قصرا بي عنه من واجب فقد وهبته وجدت به عليهما، ورغبت إليك في وضع تبعته عنهما فإني لا أتهمهما على نفسي، ولا أستبطئهما في بري، ولا أكره ما تولياه من أمري يا رب فهما أوجب حقا علي، وأقدم إحسانا إلي وأعظم منة لدي من أن أقاصهما بعدل، أو اجازيهما على مثل، أين إذا يا إلهي طول شغلهما بتربيتي؟ وأين شدة تعبهما في حراستي؟ وأين إقتارهما على أنفسهما للتوسعة علي؟ هيهات ما يستوفيان مني حقهما، ولا ادرك ما يجب علي لهما ولا أنا بقاض وظيفة خدمتهما. فصل على محمد وآله وأعني يا خير من استعين به. ووفقني يا أهدى من رغب إليه، ولا تجعلني في أهل العقوق للآباء والامهات يوم تجزى كل نفس بما كسبت وهم لا يظلمون. ) جعلنا الله واياكم من المحسنين والبارين بالاباء والامهات
دمتم في رعاية الله وحفظه