بسم الله الرحمن الرحيم والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته . .
أنا فلسطيني من القدس أريد أن أطرح على حضرتكم بعض الأسئلة :
هل صحيح أن بعض الشيعة يحملون مسؤولية الخطأ من أن يكون علي رضي الله عنه رسولاً إلى جبريل . .
أرجو الاهتمام . .
بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين ، والصلاة والسلام على محمد وآله الطاهرين .
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته . . وبعد . .
لقد أخبر رسول الله « صلى الله عليه وآله » بأن أمته ستفترق بعده على ثلاث وسبعين فرقة ، واحدة منها ناجية ، والباقون في النار [1] .
فالفرق الإسلامية كثيرة ، سواء في ذلك الشيعي منها أم السني . .
وكل فرقة تدَّعي أنها هي الناجية . .
فمن فرق السنة : المرجئة ، والخوارج ، والظاهرية ، والأشاعرة ، والجهمية ، والمعتزلة ، و . . و . .
وفرق الشيعة أيضاً كثيرة ، ومتنوعة ، فمنهم : الإمامية الاثنا عشرية ، والزيدية ، والإسماعيلية ، ومنهم الغلاة ، ومنهم ، ومنهم . .
وليس في الشيعة الإمامية من يقول : إن جبرئيل قد أخطأ إذ نزل على النبي « صلى الله عليه وآله » دون علي « عليه السلام » ، كما أن الإسماعيلية ، والزيدية لا يقولون بهذه المقالة . .
فإن كان الغلاة يقولون بذلك ، فلا يعتد بأقوالهم ، ولا يصح جعل ذلك سبة على الشيعة بشكل مطلق ، كما لا يصح رمي الإمامية بما هم براء منه براءة الذئب من دم يوسف « عليه السلام » .
وموقف الشيعة من الغلاة معروف ، حيث يتشددون ، وخصوصاً الإمامية منهم كثيراً في أحكام الغلو وآثاره . . فإنهم يحكمون بكفرهم ، وتجد مظاهر هذا الموقف في المسائل الفقهية في كتاب الطهارة ، وفي أحكام الزواج وغير ذلك . .
ومن يراجع كتب الإمامية ، وعلماءهم ، وحتى عوامهم ، يجد : أنهم يدينون بشدة ظاهرة : مقولة تخطئة جبرئيل هذه ، ويشنعون على قائليها ، ويسخرون منهم تماماً كما يدينون ويرفضون مقولة : ما أبطأ عني جبرئيل إلا ظننت أنه بعث إلى عمر [2] .
وذلك لأنهم يعتقدون بأن جبرائيل هو أمين الله على وحيه ، ويستحيل أن يخطئ في ما بعث به ، أو في من بعث إليه ، ولو جاز هذا الخطأ للزم التشكيك بالوحي ، وبالرسل ، ورسالاتهم كلها . . بل يلزم من ذلك التشكيك بالله سبحانه ، إذ كيف يرسل من يعلم أنه سوف يخطئ في تأدية ما أوكل إليه ؟ !
وهذا هو الكفر الصراح ، والخروج من الدين .
كما أنهم يرفضون ، ويدينون سائر الروايات الكثيرة الموضوعة في حق عمر ، ومنها :
رواية : لو كان الله باعثاً نبياً بعدي لبعث عمر بن الخطاب [3] .
ورواية : لو لم أبعث فيكم لبعث عمر [4] .
ورواية : لو لم أبعث لبعثت يا عمر [5] .
ورواية : لو كان نبي بعدي لكان عمر بن الخطاب [6] .
ورواية : قد كان في الأمم محدثون فإن يكن في أمتي أحد فهو عمر [7] .
إذ من المعلوم : أن عمر قبل إسلامه قبيل الهجرة قد أشرك بالله ، وعبد الأصنام ، ومن غير المعقول أن يبعث الله أحداً نبياً إذا كان قد أشرك به برهة من حياته .
وأما اعتقاد الشيعة الإمامية في علي « عليه السلام » ، فهو أنه عبد الله وأخو رسوله « صلى الله عليه وآله » . .
وقد قال « عليه السلام » عن نفسه ، وعن النبي « صلى الله عليه وآله » : كنت أتبعه اتباع الفصيل أثر أمه [8] .
[1] المعجم الكبير ج 8 ص 273 والكافي ج 8 ص 224 وكتاب السنة لعمرو بن عاصم ص 32 ومسند أبي يعلى ج 6 ص 342 وكنز العمال ج 11 ص 114 وكشف الخفاء ج 1 ص 149 وافتراق الأمة لمحمد بن إسماعيل الصنعاني ص 48 .
[2] شرح النهج لابن أبي الحديد ج 12 ص 178 .
[3] مجمع الزوائد ج 9 ص 68 وشرح نهج البلاغة للمعتزلي ج 12 ص 178 وكشف الخفاء ج 2 ص 154 و 165 .
[4] المعيار والموازنة ص 222 وشرح نهج البلاغة للمعتزلي ج 12 ص 178 وكنز العمال ج 11 ص 581 وتذكرة الموضوعات ص 94 وفيض القدير ج 5 ص 414 .
[5] شرح نهج البلاغة للمعتزلي ج 12 ص 178 وكشف الخفاء ج 2 ص 164 وتذكرة الموضوعات ص 94 .
[6] شرح نهج البلاغة للمعتزلي ج 12 ص 178 وكشف الخفاء ج 2 ص 154 و 157 و 158 ومسند أحمد ج 4 ص 154 ومجمع الزوائد ج 9 ص 68 وفتح الباري ج 7 ص 41 وتحفة الأحوذي ج 10 ص 119 والمعجم الكبير ج 17 ص 180 و 298 والجامع الصغير ج 2 ص 435 وكنز العمال ج 11 ص 578 وتذكرة الموضوعات ص 94 وفيض القدير ج 5 ص 414 .
[7] مسند ابن راهويه ج 2 ص 479 وصحيح ابن حبان ج 15 ص 317 وتحفة الأحوذي ج 10 ص 125 وشرح نهج البلاغة ج 12 ص 178 .
[8] نهج البلاغة ( بشرح عبده ) ج 2 ص 157 ومناقب أمير المؤمنين ج 1 ص 273 ومناقب آل أبي طالب ج 2 ص 28 والعمدة ص 11 والطرائف ص 415 وبحار الأنوار ج 14 ص 475 وج 38 ص 320 والغدير ج 3 ص 240 وشرح النهج ج 13 ص 197 والمناقب ص 52 ونهج الإيمان ص 532 .