بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ سماحة السيد جعفر مرتضى العاملي . .
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته . .
لماذا سمي الإمام الحسن عليه السلام بالزكي ؟ ! . .
بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ الحمد لله رب العالمين ، والصلاة والسلام على محمد وآله الطاهرين . .
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته . . وبعد . .
فقد سألتم عن سبب تسمية الإمام الحسن عليه السلام ، بالزكي . .
ويمكن أن نجيب عن ذلك بما يلي :
إن معنى كلمة الزكي هو : الصالح ، والطاهر من الذنوب ، والزائد الخير والفضل ، وهذه ولا شك هي صفات سيدنا وإمامنا الحسن المجتبى عليه السلام ، الذي صرح القرآن بتطهيره من خلال آية التطهير ، التي نزلت فيه ، وفي بقية الخمسة أصحاب الكساء صلوات الله وسلامه عليهم . .
ومن الواضح :
أولاً : أن ألقاب الأوصياء عليهم الصلاة والسلام ، قد لقبهم بها الله أولاً ، فقد قال بعضهم :
" . . فاعلم أن أكثر أسماء رسول الله صلى الله عليه وآله ، وألقابه التي خصه الله بها ، ليست للتعريف والعَلَميَّة فقط ، وإنما هي لتعظيمه وتبجيله صلى الله عليه وآله وسلم . وكذلك الكلام في كثرة أسماء حجج الله ، أئمة المؤمنين الاثني عشر من أهل بيته ، وألقابهم التي أوحى الله تعالى بها إلى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ، فإنها كلها تنبئ عن مثابتهم ( لعل الصحيح : مثوبتهم ) عند الله ، واستحقاقهم التحميد والتشريف لديه تعالى الخ . . " [1] . .
ثانياً : لقد روى الصدوق وغيره العديد من الأحاديث عن أئمة الهدى حول أسباب تلقيب عدد من الأئمة صلوات الله وسلامه عليهم ، يظهر من بعضها : أن الناس أيضاً قد رأوا في الأئمة أسباباً تدعوهم إلى إطلاق تلك الألقاب نفسها عليهم . .
كما أن بعضها يشير إلى أن تلك الألقاب توقيفية ، أخبر بها الرسول صلى الله عليه وآله عن بعض الكتب السماوية ، أو طلب صلى الله عليه وآله منهم إطلاقها على بعض الأئمة صلوات الله وسلامه عليهم ، وفي بعضها : أن الله سبحانه هو الذي سماهم بتلك الأسماء [2] . . وفي بعضها : أن جبرئيل قد جاءهم بها . .
إلى غير ذلك مما يجده المتتبع للروايات المأثورة في ذلك . .
كما أنه يمكن مراجعة ما ورد في أسباب إطلاق ألقاب بعينها على السيدة الزهراء عليها السلام ، فإن فيها ما يشير أيضاً إلى التوقيف والنص من جهة ، وفيها ما يدل على أن بعض الألقاب قد لحقتها من خلال رؤية الناس لتلك الأمور أو المزايا فيها صلوات الله وسلامه عليها [3] . .
وملاحظة كل تلكم الأحاديث تعطينا :
1 - أن الناس كانوا يهتدون إلى تلك الألقاب ، ويطلقونها عليهم بالاستناد إلى الواقع الذي يشاهدونه ، وإلى الوقائع التي رأوها ووعوها . أو بملاحظة كلام صدر في حقهم من الله ورسوله . .
2 - أن اللقب قد جاء عن الله ورسوله بصورة مباشرة ، فتوافقت الوقائع والأحداث مع النص والتوقيف ، وبذلك ظهر المزيد من التشريف ، والتكريم ، لصفوة الخلق ، صلوات الله وسلامه عليهم . .
ثالثاً : قد روي : أن أبا جعفر عليه السلام ، قد قال لعمر بن خيثم : ما تكنى ؟
قال : ما اكتنيت بعد . وما لي من ولد ولا امرأة ، ولا جارية . .
قال : فما يمنعك من ذلك ؟ ! . .
قال : قلت : حديث بلغنا عن علي عليه السلام ، قال : من اكتنى وليس له أهل ، فهو أبو جعر [4] . .
فقال أبو جعفر عليه السلام : شوه ، ليس هذا من حديث علي عليه السلام ، إنا لنكني أولادنا في صغرهم مخافة النبز أن يلحق بهم [5] . .
ومن الواضح : أن النبز كما يكون بالكنية ، كذلك هو قد يكون باللقب ، فيحتاج لكي يجتنب ذلك إلى أن يلقب المولود ويكنى . فيكون قوله عليه السلام ، مشيراً إلى أن ألقابهم تأتيهم من قبل آبائهم منذ ولادتهم عليهم السلام . .
رابعاً : قد روي أيضاً : أنه لما ولد الإمام الحسن بن علي عليهما السلام ، هبط جبرئيل على رسول الله صلى الله عليه وآله بالتهنئة في اليوم السابع ، وأمره أن يسميه ، ويكنيه ، ويحلق رأسه ، ويعق عنه ، ويثقب أذنه . وكذلك حين ولد الإمام الحسين عليه السلام ، أتاه في اليوم السابع ، فأمره بمثل ذلك ، الخ [6] . .
وكل هذا الذي ذكرناه يدل على أن ألقاب الأئمة الطاهرين صلوات الله وسلامه عليهم أجمعين - في الأساس - توقيفية ، قد لحقتهم ابتداء من قبل آبائهم ، أو من قبل الله تعالى ورسوله . .
ثم اهتدى الناس إليها من خلال الممارسة ، أو من خلال سماع الرواية . .
وربما يكون من المناسب الإشارة هنا إلى أن الإمام الحسن العسكري ( عليه السلام ) ، كان يلقب بالزكي أيضاً ، وقد قالوا في سبب ذلك :
" هو أبو محمد الحسن الأخير . سماه الله في اللوح بالزكي ، أصح ناصح آل محمد غريزة ، أوثق أهل بيت الوحي حجة ، الخ . . " [7] . .
وفي الختام ، أسأل الله عز وجل ، أن يهدي قلوبنا ، وأن يجعل عملنا خالصاً لوجهه الكريم ، إنه خير مأمول ، وأكرم مسؤول . .
والحمد لله ، والصلاة والسلام على رسوله محمد وآله الطاهرين . .
[1] ألقاب الرسول وعترته [ مطبوع مع مجوعة نفيسة ] ص 4 نشر مكتبة المرعشي - قم .
[2] راجع : علل الشرايع ج 1 ص 272 / 275 و 277 و 282 .
[3] راجع كتاب : الزهراء بهجة قلب المصطفى ج 1 من ص 145 حتى ص 199 .
[4] الجعر : نجو كل ذي مخلب من السباع . أو ما يبس من الثفل في الدبر .
[5] الكافي ج 6 ص 19 وتهذيب الأحكام ج 7 ص 438 والوسائل ط مؤسسة آل البيت ج 21 ص 397 .
[6] الكافي ج 6 ص 34 والوسائل ج 21 ص 432 وتهذيب الأحكام ج 7 ص 444 .
[7] راجع : ألقاب الرسول وعترته ص 79 .