السلام عليكم و رحمة الله
قرأت في الكافي ج١ص١١٢ رواية عن الامام الصادق عليه السلام قال و ما كان من الاسماء الحسنى حتى تتم ثلاث مائة و ستين اسما. فضلاً و ليس امراً اريد شرح هذه الرواية بالتفصيل
شكراً جزيلاً
تحياتي
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته
اهلا وسهلا بالسائل الكريم
روى هذه الرواية الكليني (رحمه الله) في كتابه الكافي، جزء (١)، باب، (حدوث الاسماء)، حديث (١١٢) .
عن ابن أبي حمزة عن إبراهيم بن عمر عن أبي عبد اللَّه عليه السّلام قال: « إن اللَّه تعالى خلق اسما بالحروف غير متصوت وباللفظ غير منطق وبالشخص غير مجسد وبالتشبيه غير موصوف وباللون غير مصبوغ منفي عنه الأقطار مبعد عنه الحدود محجوب عنه حس كل متوهم مستتر غير مستر فجعله كلمة تامة على أربعة أجزاء معا ليس منها واحد قبل الآخر فأظهر منها ثلاثة أسماء لفاقة الخلق إليها وحجب واحدا منها وهو الاسم المكنون المخزون - فهذه الأسماء التي ظهرت فالظاهر هو اللَّه تعالى وسخر سبحانه لكل اسم من هذه الأسماء أربعة أركان فذلك اثنا عشر ركنا ثم خلق لكل ركن منها ثلاثين اسما فعلا منسوبا إليها فهو الرحمن الرحيم الملك القدوس الخالق - البارئ المصور الحي القيوم لا تأخذه سنة ولا نوم العليم الخبير السميع البصير الحكيم العزيز الجبار المتكبر العلي العظيم المقتدر القادر
السلام المؤمن المهيمن البارئ المنشئ البديع الرفيع الجليل الكريم - الرازق المحيي المميت الباعث الوارث فهذه الأسماء وما كان من الأسماء الحسنى حتى يتم ثلاثمائة وستين اسما فهي نسبة لهذه الأسماء الثلاثة وهذه الأسماء الثلاثة أركان وحجب الاسم الواحد المكنون المخزون بهذه الأسماء الثلاثة وذلك قوله تعالى « قُلِ ادْعُوا اللَّهَ أَوِ ادْعُوا الرَّحْمنَ أَيًّا ما تَدْعُوا فَلَهُ الأَسْماءُ الْحُسْنى » .
وذكر الفيض الكاشاني (رحمه الله)، بياناً على هذه الرواية في كتابه (الوافي)، جزء (١)، صفحة (٤٦٣) ما هو لفظه :
((الاسم ما دل على الذات الموصوفة بصفة معينة سواء كان لفظا أو حقيقة من الحقائق الموجودة في الأعيان فإن الدلالة كما تكون بالألفاظ كذلك تكون بالذوات من غير فرق بينهما فيما يؤول إلى المعنى بل كل موجود بمنزلة كلام صادر عنه تعالى دال على توحيده وتمجيده بل كل منها عند أولي البصائر لسان ناطق بوحدانيته يسبح بحمده ويقدسه عما لا يليق بجنابة كما قال تعالى « وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلَّا يُسَبِّحُ بِحَمْدِهِ» .
بل كل من الموجودات ذكر وتسبيح له تعالى إذ يفهم منه وحدانيته وعلمه واتصافه بسائر صفات الكمال وتقدسه عن صفات النقص والزوال قوله عليه السّلام مستتر من الاستتار غير مستر من التستير على البناء للمفعول إشارة إلى أن خفاءه وعدم نيله إنما هو لضعف البصائر والأبصار لا أنه جعل عليه ستر أخفاه وكأن الاسم الموصوف بالصفات المذكورة إشارة إلى أول ما خلق اللَّه الذي مر ذكره في باب العقل أعني النور المحمدي والروح الأحمدي والعقل الكلي وأجزاؤه الأربعة إشارة إلى جهته الإلهية والعوالم الثلاثة التي يشتمل عليها أعني عالم العقول المجردة عن المواد والصور وعالم الخيال المجرد عن المواد دون الصور وعالم الأجسام المقارنة للمواد .
وبعبارة أخرى إلى الحس والخيال والعقل والسر وبثالثة إلى الشهادة والغيب وغيب الغيب وغيب الغيوب وبرابعة إلى الملك والملكوت والجبروت واللاهوت ومعية
الأجزاء عبارة عن لزوم كل منها الآخر وتوقفه عليه في تمامية الكلمة وجزؤه المكنون السر الإلهي والغيب اللاهوتي قوله فهذه الأسماء التي ظهرت كذا وجدت فيما رأيناه من نسخ الكافي والصواب بهذه الأسماء بالباء كما رواه الصدوق طاب ثراه في كتاب توحيده ويدل عليه آخر الحديث حيث قال وحجب الاسم الواحد المكنون المخزون بهذه الأسماء الثلاثة فالظاهر هو اللَّه يعني أن الظاهر بهذه الأسماء الثلاثة هو اللَّه فإن المسمى يظهر بالاسم ويعرف به والأركان الأربعة الحياة والموت والرزق والعلم التي وكل بها أربعة أملاك هي إسرافيل وعزرائيل وميكائيل وجبرائيل وفعل الأول نفخ الصور والأرواح في قوالب المواد والأجساد وإعطاء قوة الحس والحركة لانبعاث الشوق والطلب وله ارتباط مع المفكرة ولو لم يكن هو لم ينبعث الشوق والحركة لتحصيل الكمال في أحد .
وفعل الثاني تجريد الأرواح والصور عن الأجساد والمواد وإخراج النفوس من الأبدان وله ارتباط مع المصورة ولو لم يكن هو لم يمكن الاستحالات والانقلابات في الأجسام ولا الاستكمالات والانتقالات الفكرية في النفوس ولا الخروج من الدنيا والقيام عند اللَّه للأرواح بل كانت الأشياء كلها واقفة في منزل واحد ومقام أول .
وفعل الثالث إعطاء الغذاء والإنماء على قدر لائق وميزان معلوم لكل شيء بحسبه وله ارتباط مع الحفظ والإمساك ولو لم يكن هو لم يحصل النشوء والنماء في الأبدان ولا التطور في أطوار الملكوت في الأرواح ولا العلوم الجمة للفطرة .
وفعل الرابع الوحي والتعليم وتأدية الكلام من اللَّه سبحانه إلى عباده وله ارتباط مع القوة النطقية ولو لم يكن هو لم يستفد أحد معنى من المعاني بالبيان والقول ولم يقبل قلب أحد إلهام الحق وإلقاءه في الروع وهاهنا أسرار لا يحتملها المقام)) .
وقال المازندراني في شرحه على الكافي، جزء (٣)، صفحة (٢٩٢)، ما هو لفظه :
((( عليّ بن محمّد ، عن صالح بن أبي حمّاد ، عن الحسين بن يزيد ، عن الحسن بن عليّ بن أبي حمزة ، عن إبراهيم بن عمر ، عن أبي عبد الله ( عليه السلام ) قال : إنّ الله تبارك وتعالى خلق إسماً ) قيل هو الله وقيل هو اسم دالٌّ على صفات ذاته جميعاً وكانَّ هذا القائل وافق الأوَّل لأنَّ الاسم الدّال على صفاته جميعاً هو الله عند المحقّقين ، ويرد عليهما أنّ « الله » من توابع هذا الاسم المخلوق أوَّلاً كما يدلُّ عليه هذا الحديث ، ويحتمل أن يراد بهذا الاسم اسم دالّ على مجرَّد ذاته تعالى من غير ملاحظة صفة من الصفات معه وكأنّه « هو » ويؤيّده ما ذكره بعض المحقّقين من الصوفيّة من أنَّ « هو » أشرف أسمائه تعالى وأنَّ « يا هو » « أشرف الأذكار لأنَّ هو إشارة إلى ذاته من حيث هو هو ، وغيره من الأسماء يعتبر معه صفات ومفهومات لها إضافة ما إلى عالم الحدوث الّذي هو عالم الكثرة والتفرقة حتّى أنَّ تلك المفهومات قد تكون حجاباً بينه وبين العبد وأيضاً إذا قلت هو الله الرَّحمن الرَّحيم الغفور الحليم كان « هو » بمنزلة الذَّات وغيره من الأسماء بمنزلة الصفات والذَّات أشرف من الصفات فهو أشرف الأسماء ، ويحتمل أيضاً أنَّ يراد به العليُّ العظيم لدلالة الحديث الآتي عليه حيث قال ( عليه السلام ) « فأوَّل ما اختاره لنفسه العليُّ العظيم » إلاّ أنَّ ذكره في أسماء الأركان ينافي هذا الاحتمال ولا يستقيم إلاّ بتكلف وهو أنّه مزج الأصل مع الفرع للإشعار بالارتباط ولكمال الملائمة بينهما ، ويحتمل أن يكون المراد منه إسماً آخر غير معروف عندنا لأنَّ له تعالى أسماء مكنونة لا
يعلمها إلاّ هو وخواصُّ أوليائه كما يظهر لمن تصفّح الآثار وحينئذ يراد بالأوَّليّة المذكورة الأوَّليّة بالإضافة إلى الأسماء الظاهرة لنا ، وأمّا حمل الاسم هنا على المسمّى يعني خلق مفهوماً عظيماً من مفهومات الأسماء وجعل ما بعده صفة له لدلالته على أنَّ ذلك الاسم ليس من باب الحرف والصوت فبعيد جداً .
( بالحروف غير متصوّت ) « غير متصوّت »
حال عن فاعل « خلق » والجار متعلّق بمتصوّت يعني خلق الله سبحانه إسماً والحال أنّه لم يتصوَّت بالحروف ولم يخرج منه حرف وصوت لتنزُّه قدسه عن ذلك ( وباللّفظ غير منطق ) بضمِّ الميم وكسر الطاء من أنطق بالكلام إذا تلفّظ به ( وبالشخص غير مجسّد ) الجسد البدن ، والمجسّد من أكملت خلقته البدنيّة وتمّت تشخّصاته والجسميّة ( وبالتشبيه غير موصوف وباللّون غير مصبوغ ) لاستحالة ذلك سبحانه ( منفي عنه الأقطار ) أي الأبعاد لاستحالة الامتداد والجسميّة عليه ( مبعدٌ عنه الحدود ) لامتناع التكريب
والانقطاع والانتهاء عليه ( محجوب عنه حسٌّ كلّ متوهّم ) لتعلّق إدراك الحسِّ بالجسم والجسمانيّات وألله سبحانه منزَّه عن الجسميّة ولواحقها ( مستتر غير مستور ) أي مستتر عن الحواسِّ غير مستور عن القلوب الصافية ، أو مستتر من غير ستر يستره ، لأنَّ الستر العرفي إنّما يستر الأجسام وتوابعها .
( فجعله كلمة تامّة )
أي فجعل ذلك الاسم كلمة تامّة لكماله وتمامه بالذَّات وعدم كونه تابعاً لغيره من الأسماء الحسنى أو لتمامه باعتبار كونه أصلاً ومبدءاً لجميع تلك الأسماء أنَّ المسمّى به وهو الله تعالى مبدء لجميع الأشياء أو لتمامه في الدَّلالة على ذاته الحقّة من غير ملاحظة صفة من الصفات معه ، وقيل : لتمامه باعتبار دلالته على ذات جامعة لجميع صفات الكمال .
( على أربعة أجزاء معاً ليس منها واحد قبل الآخر )
أي جعله على أربعة أسماء باشتقاقها وانتزاعها منه وتلك الأسماء في مرتبة ذواتها ملحوظة معاً من غير ترتّب بعض على بعض كترتّب الخالق والرَّازق على العالم والقادر ( فأظهر منها ثلاثة أسماء لفاقة الخلق إليها ) في تحصيل كمالهم وتكميل نظامهم في الدُّنيا والآخرة .
( وحجب منها واحداً وهو الاسم المكنون المخزون )
الّذي لا يعلمه إلاّ هو ولا ينطق به الخلق أبداً حتّى الأنبياء ( عليهم السلام ) وقد استأثره الله تعالى في علم الغيب ولم يأذن لأحد الاطّلاع عليه ، وهذا الاسم من جملة الاسم الأعظم الّذي لا يردّ سائله والاسم الأعظم كثير ففي حديث الرّاهب المذكور في مولد أبي الحسن موسى بن جعفر ( عليهما السلام ) أنّه سبعة وفي باب ما أعطى الأئمة ( عليه السلام ) من أسم الله الأعظم أنّه ثلاثة وسبعون اسماً قال أبو عبد الله ( عليه السلام ) : « إنَّ اسم الله الأعظم ثلاثة وسبعون حرفاً اُعطي محمّد رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) اثنين وسبعين حرفاً وحجب عنه واحد » . وقال أبو الحسن العسكري ( عليه السلام ) : « اسم الله الأعظم ثلاثة وسبعون حرفاً كان عند آصف حرف فتكلّم به فانخرقت له الأرض فيما بينه وبين سبأ فتناول عرش بلقيس حتّى صيّره إلى سليمان ثمَّ انبسطت الأرض في أقل من طرفة عين وعندنا منه اثنان وسبعون حرفاً وحرف عند الله مستأثر به في علم الغيب » أقول :
المراد بالحرف الاسم وإطلاقه عليه شايع والمراد بهذا الاسم المكنون هو هذا الحرف الذي عند الله تعالى مستأثر به في علم الغيب وقد سكت الناظرون في هذا الحديث وهم محقّقون في السكوت عن أمثال هذه الغوامض إلاّ أنّهم أخطأوا في تعيين هذا الاسم المكنون فقال بعضهم إنّه الهاء وقال بعضهم إنّه اللاّم وقال بعضهم إنّه الألف كذا نقل عنهم بعض الأفاضل ولا أدري ما يعنون بذلك .
( فهذه الأسماء الّتي ظهرت فالظاهر هو الله تعالى )
أي الظاهر البالغ إلى غاية الظهور وكماله من بينها هو الله تعالى ، ويؤيّد أنّه يضاف غيره إليه ويعرف به ، فيقال « الرَّحمن » اسم الله ، ولا يقال « الله » اسم الرَّحمن ، وليس المراد أنَّ المتّصف بأصل الظهور هو الله لأنَّ غيره أيضاً متّصف بالظهور كما قال ( وأظهر منها ثلاثة ) وهذا صريح في أنَّ أحد هذه الثلاثة الظاهرة هو الله وأما الآخران فلا نعلمهما على الخصوص ، ويحتمل أن يراد بهما الرَّحمن الرّحيم ، ويؤيّده آخر الحديث كما سنشير إليه ، واقترانهما مع الله في التسمية ورجوع سائر الأسماء الحسنى إلى هذه الثلاثة عند التأمّل لأنَّ بعض تلك الأسماء دلَّ على المجد والثناء فهو تابع لله ، وبعضها دلَّ على إفاضة الوجود والخيرات الدُّنيويّة فهو تابع للرَّحمن ، وبعضها دلّ على إضافة الخيرات الاُخرويّة فهو تابع للرَّحيم إلاّ أنَّ عدَّ الرَّحمن الرَّحيم في جملة ما يتفرَّع على الأركان ينافي هذا الاحتمال ولا يستقيم إلاّ بتكلّف مذكور ، وكأنَّ العبارة كانت في نسخة بعض الأفاضل هكذا « فالظاهر هو الله تبارك وتعالى » فلذلك قال يعني ، أنَّ الظاهر ما يفهم من هذا اللّفظ فأحدها : ما يفهم من لفظ الله وهو إله وثانيها : ما يفهم من لفظ تبارك وهو جواد وثالثها : ما يفهم من لفظ تعالى وهو أحد ، وأنت خبير بأنَّ هذا القول من باب الرَّجم بالغيب .
سبيل التخييل والتمثيل أو على التحقيق باعتبار حروف هذه الأسماء فإنّ الحروف المكنونة في كلِّ واحد من الأسماء المذكورة أربعة وسمّيت حروفها أركاناً باعتبار أنَّ تمامها وقوامها إنّما يتحقّقىبتلك الحروف ، ويحتمل أن يراد بالأركان كلمات تامّة مشتقّة من تلك الكلمات الثلاثة أو من حروفها وإن لم نعلمها بعينها ( فذلك اثنى عشر ركناً ) حاصل من ضرب ثلاثة في أربعة .
( ثمَّ خلق لكلِّ ركن منها ثلاثين إسماً فعلاً )
أي اسماً دالاً على فعل من أفعاله تعالى حتّى حصل ثلاثمائة وستون اسماً ( منسوباً إليها ) أي إلى الأركان الأربعة بأن يقال لها أسماء الأركان أو إلى الأسماء الثلاثة الظاهرة بتوسّط الأركان كنسبة الفرع إلى الأصل ونسبة المشتقِّ إلى المشتقِّ منهوومن علم هذه الأسماء الثلاثة وأركانها الأربعة والأسماء المتعلّقة بتلك الأركان ولا حظ المناسبات .
المخصوصة لو دعا بهنَّ على الجبال لأطارها وعلى الأرض لأزالها ( فهو الرحمن ) بجميع الخلق في الدُّنيا ( الرَّحيم ) بالمؤمنين في الآخرة ( الملك ) في عالم الملك والملكوت لكونه متصرِّفاً فيه كيف يشاء ( القدوس ) الطاهر عن النقايص والأضداد والمنزَّه عن الأولاد والأندار ( الخالق ) الموجد بلا مثال أو المقدِّر لهم لأنَّ الخلق جاء بمعنى التقدير أيضاً .
(الباري ) الخالق بلا همّة ولارويّة وقد يخصُّ بخلق النسمة ، وقال في المغرب الباري في صفات الله تعالى الّذي خلق الخلق بريئاً من التفاوت ( المصوِّر ) الخالق للخلق على صور مختلفة ليتعارفوا بها ، قال الشيخ بهاء الملّة والدِّين في مفتاح الفلاح : قد يظنُّ أنَّ هذه الأسماء الثلاثة مترادفة لأنّها بمعنى الإيجاد والإنشاء وليس كذلك بل هي أمور متخالفة ألا يرى أنَّ البنيان يحتاج إلى التقدير في الطول والعرض وإلى إيجاد بوضع الأحجار والأخشاب على نهج خاصّ وإلى تزيين ونقش وتصوير فهذه اُمور ثلاثة مترتّبة يصدر عنه جلَّ شأنه في إيجاد الخلائق من كتم العدم ، فله سبحانه باعتبار كلِّ منها اسم على ذلك الترتيب .
( الحيُّ القيّوم )
المدرك الدَّائم بلا زوال القائم على كلِّ شيء بالحفظ والرِّعاية ( لا تأخذه سنة ولا نوم ) إشارة إلى اعتبارات سلبيّة ، والسنّة فتور يتقدَّم النوم ( العليم ) بجميع الأشياء كلّيها وجزئّيهاوقبل وجودها وبعدها ( الخبير ) بدقائقها وحقايقها ( السميع ) العليم بالمسموعات ( البصير ) العالم بالمبصرات ( الحكيم الموجد للأشياء على وفق المصالح والتقدير والمتقن لإيجادها على وفق الحكمة والتدبير ( العزيز ) الّذي لا يعاد له شيء ولا يغلبه أحد ( الجبّار ) الّذي يجبر الخلق ويقهرهم على ما ليس لهم فيه اختيار ، أو يجبر حالهم ويصلح نقائصهم ( المتكبّر ) المنزَّه عن الحاجة والنقص ( العليّ ) العالي على الخلق بالقدرة عليهم أو المرتفّع عن الأشياء والاتّصاف بصفاتهم ( العظيم ) الّذي لا يدرك أحد كنه جلاله ولا يعرف نهاية كماله ( المقتدر ) الذي له اقتدار تام بحيث لا يجري شيء في ملكه بخلاف حكمه ( القادر ) الّذي إن شاء فعل وإن لم يشأ لم يفعل ( السلام ) وهو مصدر معناه ذو السلامة من كلِّ عيب وآفة ، أو معناه المسلّم لأنَّ السلامة تنال من قبله ( المؤمن ) الّذي يصدق وعده أو يصدق ظنون عباده ولا يخيب آمالهم أو يؤمنهم من الظلم والجور أو يؤمن من عذابه من أطاعه ( المهيمن ) وهو الرقيب الحافظ لكلِّ شيء أو الشاهد على خلقه بما يكون منهم من قول وفعل وأصله مُأءمن بهمزتين من أءمن قلبت الثانية ياء كراهة اجتماعهما فصار مأيمناً ثمَّ صيّرت الاُولى هاء كما قالوا أهراق الماء وأراقه .
سبيل التخييل والتمثيل أو على التحقيق باعتبار حروف هذه الأسماء فإنّ الحروف المكنونة في كلِّ واحد من الأسماء المذكورة أربعة وسمّيت حروفها أركاناً باعتبار أنَّ تمامها وقوامها إنّما يتحقّق بتلك الحروف ، ويحتمل أن يراد بالأركان كلمات تامّة مشتقّة من تلك الكلمات الثلاثة أو من حروفها وإن لم نعلمها بعينها ( فذلك اثنى عشر ركناً ) حاصل من ضرب ثلاثة في أربعة .
( ثمَّ خلق لكلِّ ركن منها ثلاثين إسماً فعلاً ) أي اسماً دالاً على فعل من أفعاله تعالى حتّى حصل ثلاثمائة وستون اسماً ( منسوباً إليها ) أي إلى الأركان الأربعة بأن يقال لها أسماء الأركان أو إلى الأسماء الثلاثة الظاهرة بتوسّط الأركان كنسبة الفرع إلى الأصل ونسبة المشتقِّ إلى المشتقِّ منه ومن علم هذه الأسماء الثلاثة وأركانها الأربعة والأسماء المتعلّقة بتلك الأركان ولا حظ المناسبات .
المخصوصة لو دعا بهنَّ على الجبال لأطارها وعلى الأرض لأزالها ( فهو الرحمن ) بجميع الخلق في الدُّنيا ( الرَّحيم ) بالمؤمنين في الآخرة ( الملك ) في عالم الملك والملكوت لكونه متصرِّفاً فيه كيف يشاء ( القدوس ) الطاهر عن النقايص والأضداد والمنزَّه عن الأولاد والأندار ( الخالق ) الموجد بلا مثال أو المقدِّر لهم لأنَّ الخلق جاء بمعنى التقدير أيضاً . ( الباري ) الخالق بلا همّة ولارويّة وقد يخصُّ بخلق النسمة ، وقال في المغرب الباري في صفات الله تعالى الّذي خلق الخلق بريئاً من التفاوت ( المصوِّر ) الخالق للخلق على صور مختلفة ليتعارفوا بها ، قال الشيخ بهاء الملّة والدِّين في مفتاح الفلاح : قد يظنُّ أنَّ هذه الأسماء الثلاثة مترادفة لأنّها بمعنى الإيجاد والإنشاء وليس كذلك بل هي أمور متخالفة ألا يرى أنَّ البنيان يحتاج إلى التقدير في الطول والعرض وإلى إيجاد بوضع الأحجار والأخشاب على نهج خاصّ وإلى تزيين ونقش وتصوير فهذه اُمور ثلاثة مترتّبة يصدر عنه جلَّ شأنه في إيجاد الخلائق من كتم العدم ، فله سبحانه باعتبار كلِّ منها اسم على ذلك الترتيب . ( الحيُّ القيّوم ) المدرك الدَّائم بلا زوال القائم على كلِّ شيء بالحفظ والرِّعاية ( لا تأخذه سنة ولا نوم ) إشارة إلى اعتبارات سلبيّة ، والسنّة فتور يتقدَّم النوم ( العليم ) بجميع الأشياء كلّيها وجزئّيها قبل وجودها وبعدها ( الخبير ) بدقائقها وحقايقها ( السميع ) العليم بالمسموعات ( البصير ) العالم بالمبصرات ( الحكيم الموجد للأشياء على وفق المصالح والتقدير والمتقن لإيجادها على وفق الحكمة والتدبير ( العزيز ) الّذي لا يعاد له شيء ولا يغلبه أحد ( الجبّار ) الّذي يجبر الخلق ويقهرهم على ما ليس لهم فيه اختيار ، أو يجبر حالهم ويصلح نقائصهم ( المتكبّر ) المنزَّه عن الحاجة والنقص ( العليّ ) العالي على الخلق بالقدرة عليهم أو المرتفّع عن الأشياء والاتّصاف بصفاتهم ( العظيم ) الّذي لا يدرك أحد كنه جلاله ولا يعرف نهاية كماله ( المقتدر ) الذي له اقتدار تام بحيث لا يجري
شيء في ملكه بخلاف حكمه ( القادر ) الّذي إن شاء فعل وإن لم يشأ لم يفعل ( السلام ) وهو مصدر معناه ذو السلامة من كلِّ عيب وآفة ، أو معناه المسلّم لأنَّ السلامة تنال من قبله ( المؤمن ) الّذي يصدق وعده أو يصدق ظنون عباده ولا يخيب آمالهم أو يؤمنهم من الظلم والجور أو يؤمن من عذابه من أطاعه ( المهيمن ) وهو الرقيب الحافظ لكلِّ شيء أو الشاهد على خلقه بما يكون منهم من قول وفعل وأصله مُأءمن بهمزتين من أءمن قلبت الثانية ياء كراهة اجتماعهما فصار مأيمناً
ثمَّ صيّرت الاُولى هاء كما قالوا أهراق الماء وأراقه .
( الباري ) الظاهر أنّه مكررٌ من الناسخ ( المنشئ ) بلا مثال من الغير ( البديع ) بلا مثال سابق منه ( الرفيع ) لرفعة ذاته وصفاته من ذوات الممكنات وصفاتهم ( الجليل ) لجلال ذاته وقدرته على الإطلاق بحيث يصغر دونه كلُّ جليل ( الكريم ) لإضافة جوده بلا استحقاق ( الرازق ) لجريان رزقه على كلِّ بَرّ وفاجر ( المحيي ) لإفاضة الحياة ابتداءً وبعد الموت ( المميت ) لإزالة الحياة عن كلِّ ذي حياة بلا مماسة ولا آلات ( الباعث ) لبعث الخلائق بعد الممات وإعادتهم بعد الوفاة ( الوارث ) لرجوع الأملاك إليه بعد فناء الملاّك واسترداد أملاكهم ومواريثهم بعد موتهم كما قال جلَّ شأنه ( لمن الملك اليوم لله الواحد القهّار ) . ( فهذه الأسماء وما كان من الأسماء الحسنى حتّى تتمَّ ثلاثمائة وستّون إسماً فهي نسبة لهذه الأسماء الثلاثة ) النسبة بالكسر مصدر والحمل على سبيل المبالغة أو المصدر بمعنى المفعول ( وهذه الأسماء الثلاثة أركان ) لتلك الأسماء الحسنى واُصول لها ( وحجب الاسم الواحد المكنون المخزون بهذه الأسماء الثلاثة ) الظاهر أنَّ الجارَّ متعلّق بحجب والباء للسببيّة يعني حجب ذلك الاسم الواحد عن الخلق بسبب ظهور هذه الأسماء الثلاثة وكفايتها لهم في جميع حوائجهم ….