( 16 سنة ) - السعودية
منذ سنتين

تفسير الاية

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته لدي سؤال حول الآية : (وَكَيْفَ يُحَكِّمُونَكَ وَعِنْدَهُمُ التَّوْرَاةُ فِيهَا حُكْمُ اللَّهِ ثُمَّ يَتَوَلَّوْنَ مِنْ بَعْدِ ذَٰلِكَ ۚ وَمَا أُولَٰئِكَ بِالْمُؤْمِنِينَ) ما تفسير الآية الكريمة ؟واذا كانت التوراة محرفة فكيف يستنبط حكم الله من الحكم المحرف؟


السلام عليكم ورحمة الله و بركاته ، مرحبًا بك أيها السائل الكريم جاء في الأمثل في تفسير كتاب الله المنزل - الشيخ ناصر مكارم الشيرازي - ج ٤ - الصفحة ١١-١٢: تتابع هذه الآية موضوع الحكم بين اليهود تطرقت إليه الآيتان السابقتان، اللتان بينتا أن اليهود كانوا يأتون إلى النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) ويطلبون منه الحكم فيهم، وقد أظهرت هذه الآية الأخيرة الاستغراب من حالة اليهود الذين كانوا مع وجود التوراة بينهم، واحتوائها على حكم الله، يأتون إلى النبي محمد (صلى الله عليه وآله وسلم) ويطلبون منه الحكم فيهم بالرغم من وجود التوراة عندهم، فتقول: وكيف يحكمونك وعندهم التوراة فيها حكم الله ... المزید. ويجب الانتباه إلى أن المقصود من الحكم في الآية هو حكم الرجم للزاني المحصن من الرجال والنساء والذي ورد في التوراة أيضا، في سفر التثنية الفصل الثاني والعشرين. والعجيب في أمر هؤلاء اليهود أنهم مع وجود التوراة بينهم وعدم اعترافهم بنسخها من قبل القرآن ورفضهم للشريعة الإسلامية، كانوا حين يرون حكما في التوراة لا يوافق ميولهم وأهوائهم يتركون ذلك الحكم ويبحثون عن حكم آخر في مصادر لم يقروا ولم يعترفوا بها. والأعجب من ذلك أنهم حين كانوا يطلبون التحكيم من نبي الإسلام بينهم، كانوا لا يقبلون بحكمه إذا كان مطابقا لحكم التوراة لكنه لم يوافق ميولهم ورغباتهم حيث تقول الآية: ثم يتولون من بعد ذلك وما ذلك إلا لأن هؤلاء لم يكونوا بمؤمنين في الحقيقة، ولو كانوا مؤمنين لما استهزؤوا هكذا بأحكام الله، حيث تؤكد الآية قائلة: وما أولئك بالمؤمنين. وقد يرد اعتراض في هذا المجال وهو: إن الآية الشريفة تقر بوجود حكم الله في التوراة ونحن نعلم عن طريق القرآن والروايات الإسلامية، بأن التوراة قد أصابها التحريف قبل ظهور نبي الإسلام محمد (صلى الله عليه وآله وسلم)؟ إن جوابنا على هذا الاعتراض هو أننا أولا: لا نقول بأن التحريف قد أصاب التوراة كلها، بل نقر بوجود أحكام في التوراة تطابق الحقيقة والواقع، وحكم الرجم - الذي هو موضوع بحثنا الآن - من الأحكام التي لم تصبها يد التحريف في التوراة. ثانيا: إن التوراة مهما كان حالها لا يعتبرها اليهود كتابا محرفا، ولذلك فإن الغرابة هنا تكمن في رفض اليهود العمل بحكم الله مع وجوده في توراتهم. دمتم في رعاية الله