( 22 سنة ) - العراق
منذ 3 سنوات

اصل وتاريخ الشيعة؟


هناك عدة اراء في نشوء التشيع وهي: آراء بعض المؤرخين والباحثين حول بداية التشيع ، فالمقدسي يقول : اعلم أن الشيعة أتوا في حياة علي ثلاث فرق ، فرقة على جملة أمرها في الاختصاص به والموالاة له مثل عمار وسلمان والمقداد وجابر وأبي ذر وعبد الله بن عباس وعبد الله بن عمر وجرير بن عبد الله البجلي ودحية بن خليفة ( 51 ) . والفرقة الثانية تغلو في عثمان وتميل إلى الشيخين مثل عمرو بن الحمق ومحمد بن أبي بكر ومالك الأشتر ( 52 ) . والفرقة الثالثة السبأية أتباع عبد الله بن سبأ ( 53 ) . فالمقدسي يذكر وجود فئات مختلفة من الشيعة زمن علي كما يذكر النوبختي ( 54 ) . ويبدو من كلام المقدسي أن التعبير استعمل بوضوح في خلافة الإمام علي . أما ابن النديم فيرى أن الشيعة تكونت لما خالف طلحة والزبير عليا وأبيا إلا الطلب بدم عثمان وقصدهما علي ليقاتلهما حتى يفيا إلى أمر الله تسمى من اتبعه على ذلك الشيعة فكان يقول شيعتي وسماهم طبقة الأصفياء ، طبقة الأولياء ، طبقة شرطة الخميس ، طبقة الأصحاب ، ويفسر معنى شرطة الخميس ، أن عليا قال لهذه الطائفة تشرطوا فإنما أشارطكم على الجنة ولست أشارطكم على ذهب ولا فضة ( 55 ) . فابن النديم لا يذكر البداية وإنما يذكر ظهور الشيعة كجماعة أو كتلة على مسرح الأحداث السياسة . أما ابن حزم فيذكر أن التشيع لعلي بدأ بمقتل عثمان حيث يقول : ثم ولي عثمان وبقي اثنا عشر عاما حتى مات وبموته حصل الاختلاف وابتدأ أمر الروافض ( 56 ) . ويلاحظ أن ابن حزم يستعمل كلمة رافضة عموما على الشيعة كما يستعملها في فترة سابقة لأوانها كما سنرى بعد ذلك . وممن ذهب مذهب ابن حزم في ذلك الحنفي قال : إن افتراق الأمة لم يكن في أيام أبي بكر وعمر وعثمان وعلي وإنما بعد مقتل عثمان ظهرت الرافضة ( 57 ) . أما ابن خلدون فيرى أن الشيعة ظهرت لما توفي الرسول صلى الله عليه وآله وسلم وكان أهل البيت يرون أنفسهم أحق بالأمر وأن الخلافة لرجالهم دون سواهم من قريش ( 58 ) . فابن خلدون يرى أن البداية كانت بعد وفاة الرسول صلى الله عليه وآله وسلم ، ثم يرى أن الشيعة وضح أمرها في أيام الشورى حيث يقول كان جماعة من الصحابة يتشيعون لعلي ويرون استحقاقه على غيره ولما عدل به إلى سواه تأففوا من ذلك وأسفوا له مثل الزبير وعمار بن ياسر والمقداد بت الأسود وغيرهم ، إلا أن القوم لرسوخ قدمهم في الدين وحرصهم على الإلفة لم يزيدوا في ذلك على النجوى بالتأفف والأسف ( 59 ) . ويرى فإن فوتن : إن الشيعة تفرعت من ذلك الحزب السياسي الذي قضى عليه الأمويون بحروراء ، ثم انتشرت وقامت بحركة دينية واسعة النطاق ضمت إليها جميع العناصر الإسلامية المعادية للأمويين وللعرب جميعا (60). ومن ملاحظة هذا الرأي يبدو لنا أن الجماعة التي خرجت بحروراء لم تكن من الشيعة وإنما من الخوارج بعد ان فارقوا عليا وذهبوا إلى قرية يقال لها حروراء ( 61) . ثم أنهم خرجوا أيام علي بن أبي طالب وقاتلهم في وقعة النهروان سنة 39 ه‍ ( 62) . كما أن ظهور الشيعة كان سابقا لهذه الفترة إذا رجعنا إلى التطورات السابقة كما تدل على ذلك الروايات التاريخية . وأن الشيعة حينما ظهرت كانت حزبا عربيا قام حول إمامة علي بن أبي طالب ومخالفة ومعاداة من أنكر خلافته لأنه الخليفة بأمر الرسول كما ترى الشيعة . ولكن يبدو أن فان فلوتن يخلط بين الشيعة العلوية وبين الغلاة الذين استظلوا بالراية . أما فلهاوزن فيذكر ظهور الشيعة كحزب فيرى أنه كان ظهر بمقتل عثمان وانقسام الإسلام إلى حزبين حزب علي وحزب معاوية ، والحزب يطلق عليه في العربية أيضا اسم الشيعة ، فكانت شيعة علي مقابل شيعة معاوية ( 63 ) . أما الدوري فيرى أن تكون الحزب العلوي أو الشيعة العلوية كان بعد مقتل عثمان ، فالانقسام بين المسلمين أدى إلى ظهور شيعة عثمان مقابل شيعة علي ، كما أن مقتل علي أعطى مؤيديه وشيعته أول رابطة قوية وبلور اتجاههم وكون الحزب العلوي ( 64 ) . وفي هذه الفترة أصبح العراق يدين بالولاء لعلي ، وكان أكثر أهله أنصارا له ، ولكن يبدو أنهم لم يكونوا شيعة حقا ويظهر هذا من كلام علي وكثرة لومه وعتابه لأهل الكوفة والعراق ( 65 ) . ويعلل الدوري سبب هذا فيقول : إن ذكرى حكمه ربطت قضية العراق بالقضية العلوية فقد جعلت الكثيرين من أهل العراق يؤيدون بيته دون أن يكونوا شيعة حقا لأنه يمثل بنظرهم زعامة العراق بين الأمصار ( 66 ) . أما المصادر الإمامية فتذكر ان ظهور الشيعة كان على عهد الرسول صلى الله عليه وآله وسلم ، ويوضح سعد القمي بداية الشيعة فيقول : فأول الفرق الشيعة وهي فرقة علي بن أبي طالب المسمون شيعة علي في زمان النبي وبعده ، معروفون بانقطاعهم إليه والقول بإمامته ( 67 ) . ويرى أن أول الشيعة هم المقداد بن الأسود وعمار بن ياسر وأبو ذر وسلمان وهم أول من سموا باسم التشيع من هذه الأمة ( 68 ) . أما الرازي فيوضح مفهوم كلمة شيعة حيث يقول إن اللفظة اختصت بجماعة ألفوا علي في حياة الرسول وعرفوا به مثل سلمان الفارسي وأبي ذر والمقداد بن الأسود وعمار بن ياسر . . . ( 69 ) . وكان يقال لهم شيعة علي وأنصار علي ، وفيهم قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم اشتاقت الجنة إلى أربعة سلمان وأبي ذر والمقداد وعمار ( 70 ) . وترد في بعض التفاسير الإمامية كلمة شيعة في زمن الرسول صلى الله عليه وآله وسلم فيذكر فرات في تفسيره سورة الفاتحة قال ، قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم صراط الذين أنعمت عليهم غير المغضوب عليهم ولا الضالين هم شيعة علي الذين أنعمت عليهم بولاية علي بن أبي طالب لم تغضب عليهم ولم يضلوا ( 71 ) . كما يورد الشيخ الصدوق عدة أحاديث يذكر فيها أن الشيعة كانت على عهد رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم حيث أن الرسول صلى الله عليه وآله وسلم دعا لهم وبشرهم بالجنة ( 72 ) . وبهذا تدلل المصادر الإمامية ان التشيع لعلي بدأ منذ زمن الرسول صلى الله عليه وآله وسلم وكان الرسول صلى الله عليه وآله وسلم من أول المنوهين بفكرة التشيع والمغذين إياها بأوامره المطاعة ( 73 ) . وترى الشيعة ان الرسول حينما حج حجة الوداع دعا الناس إلى موالاة علي وقال : من كنت مولاه فهذا علي مولاه اللهم وال من والاه وعاد من عاداه . . . ( 74 ) . وتفسر المصادر الإمامية حديث من كنت مولاه فكلمة مولى تعني أن يكون أولي بهم من أنفسهم لا أمر لهم معه ولما كان معنى الموالاة الطاعة والمتابعة فلذلك كل من حضر الغدير تعتبرهم الإمامية شيعة لعلي ( 75 ) . وهكذا تستدل الإمامية على أن التشيع لعلي بدأ منذ زمن الرسول صلى الله عليه وآله وسلم .

2