logo-img
السیاسات و الشروط
مرتجى ( 25 سنة ) - العراق
منذ سنتين

أصحاب الحسين

السلام عليكم ورحمه الله وبركاته.. عند قراءة واقعة الطف في الكتب تجد جميع من خرج للمبارزة من أصحاب الحسين ع يردد أبيات شعرية مرتجلة هل جميعهم شعراء؟


السلام عليكم ورحمة الله و بركاته ، مرحبًا بك أيها السائل الكريم يعتبر الرجز في كربلاء مظهراً من مظاهر إبراز العقائد والمشاعر والآمال، يختاره الراجز للتعريف بنفسه ودواعي مشاركته في القتال، فتارة يتشرّف بذكر إمام زمانه وبنصرته والدفاع عنه وعن أهل بيته عليهم السلام، وأُخرى يُعبّر به عن اشتياقه إلى الآخرة، وثالثة يتوعّد به الكافرين بنار جهنم وبئس المصير، وغير ذلك من الأغراض. و إنّ الأراجيز في كربلاء أُنشدت في حال القوّة لا الضعف، حيث كشفت عن بطولات الأنصار وولائهم، وحبّهم وتضحياتهم للحسين عليه السلام، وكذلك أسهمت في حفظ معالم الدين، بتفسير ما غمض من حقائقه، أو بتبيان حدوده وأحكامه، وغير ذلك من الأُمور المتعلّقة بفهم الشريعة، وبواسطة الأراجيز المنشدة في كربلاء اتّضح لنا الكثير من سمات الكافرين والمارقين والفاسقين. إنّ الأراجيز التي أنشدها أصحاب الإمام الحسين عليه السلام وأهل بيته عليهم السلام في يوم عاشوراء تحمل في طيّاتها أسراراً وحقائق عديدة وعميقة،نذكر بعضا منها: أوّلاً: الذود عن الولاية والإمامة: انصبّ اهتمام الأصحاب في كربلاء على مسألة الإمامة والذود عنها بالغالي والنفيس، وكانت أحد المواضيع المهمّة التي تناولوها في أراجيزهم الحماسية، وتكمن أهمّية هذه الأراجيز في كونها رسالة للمسلمين، وإنذاراً وتحذيراً لجيش عمر بن سعد الذين نسوا أو تناسوا أمر الإمامة التي نصّ عليها الكتاب والسنة في مواضع مختلفة؛ لذا أشار الإمام الحسين عليه السلام في أوّل خطبة له في العاشر من المحرم إلى الوصية؛ تنبيهاً وتذكيراً لجيش عمر بن سعد بحقّ الإمام أمير المؤمنين عليه السلام وسبطي الرسول صلى الله عليه وآله وسلم في الحكم، فكان عليه السلام يقول: «أمّا بعد، فانسبوني فانظروا مَن أنا، ثمّ ارجعوا إلى أنفسكم وعاتبوها، فانظروا هل يصلح لكم قتلي وانتهاك حرمتي؟ ألست ابن بنت نبيكم، وابن وصيه وابن عمّه، وأوّل المؤمنين المصدق لرسول الله بما جاء به من عند ربّه، أو ليس حمزة سيد الشهداء عمي؟! أو ليس جعفر الطيار في الجنة بجناحين عمي؟! أو لم يبلغكم ما قال رسول الله لي ولأخي: هذان سيدا شباب أهل الجنة؟!». ومن أمتن هذه الأراجيز التي تصبّ في هذا الباب هي أُرجوزة أبي الفضل العبّاس بن أمير المؤمنين عليه السلام، عندما قطع الأعداء يمينه وشماله، وهو يلهج باسم الدين والإمام عليه السلام والنبي صلى الله عليه وآله وسلم والدفاع عن العقيدة: والله إن قطعتم يميني إنّي أُحامي أبداً عن ديني وعن إمامٍ صادق اليقين نجل النبي الطاهر الأمين ثانياً: الأُرجوزة تعبّر عن الإيمان الكامل بالله: لا يمكن أيّ فرد أن يحيط بالأُرجوزة ويتقنها؛ فإنّها لا تخلو من العواطف، والأخيلة، والأفكار الواسعة، وقد تكون في بعض الأحيان غامضة وعميقة في معانيها، فالعارف بالأُرجوزة يكون أقرب للابتكار والإبداع من غيره، وقد تشير إلى القوة الإلهية، فإذا رجعنا إلى أُرجوزة أُمّ عمر القائلة: إنّي عجوزٌ في النسا ضعيفه خـاويـةٌ بـالـيةٌ نـحيفه أضـربكم بـضربةٍ عنيفه دونَ بـني فاطمةَ الشريفه وقارنّا بين البيتين، نكون حينئذٍ أمام معنيين متناقضين؛ إذ لا تناسب بين كونها ضعيفة خاوية، ناحلة الجسم، منهدّة الركن من المصيبة؛ وبين ضربتها القوية، فالقوّة والضعف لا يجتمعان، وهذا يعني أنّ هناك تسديداً إلهياً لتلك الضربة، وأنّ هذه المرأة رغم ضعفها وما ألمّ بها من مصاب، أخذت برأس ابنها وقبّلته، ومسحت التراب والدم عنه، ورمت به ـ وهو رأس ثقيل ـ أحد الأعداء فقتلته؛ وذلك لأنّها كانت مستمدةً عزمها من الله تعالى، ومستندةً إلى الإيمان الذي يتزايد وينمو من قوّة الله المطلقة. ثالثاً: دفاعهم عن الحسين وأهل بيته عليهم السلام: وقف أبطال كربلاء وقفة الأُسود في نصرة إمامهم الحسين عليه السلام، والدفاع عن حرم أهل البيت عليهم السلام، وهو دفاع عن الشريعة المقدسة، والعقيدة الصحيحة، وبذلوا الجهود المضنية والكبيرة، واستماتوا في نصرة سيد الشهداء وأهل بيته عليهم السلام، وقد ورد هذا المعنى في أراجيزهم، منها: أرجوزة زهير بن القين، يقول فيها: أنـا زهيرٌ وأنا ابنُ القينِ أذودكم بالسيفِ عن حسينِ إنّ حـسيناً أحـدُ السبطينِ من عترةِ البرِّ التقيّ الزينِ ذاكَ رسولُ الله غيرُ المينِ أضربكم ولا أرى من شينِ يا لَيت نفسي قسّمت قسمينِ رابعاً: معرفة الحق: إن لم يتمكّن أصحاب الحقّ من بيان حقّهم، ولم يمتلكوا طريقة مجدية لإثباته وتمكينه وإقناع الآخرين به؛ فحينئذٍ سيأتي أهل الباطل ويُوهموا الناس أنّهم على حقّ؛ ولذلك سعى أصحاب الحسين عليه السلام لاستغلال كلّ الوسائل المشروعة من أجل بيان أنّ الحقّ معهم، ومن هذه الوسائل هي الأُرجوزة، لذلك كانت الأراجيز صرخة مدوية في وجه الظالمين تبين الحق والحقيقة للحاضر والغائب، ومن هذه الأراجيز هي أُرجوزة حبيب بن مظاهر الأسدي: أنـا حـبيبٌ وأبي مظاهرُ فارسُ هيجاءٍ وحرب تسعرُ أنـتم أعـدّ عـدّةً وأكـثرُ ونـحن أوفى منكم وأصبرُ ونـحنُ أعلى حجّةً وأظهرُ حـقّاً وأتقى منكم وأعذرُ خامساً: الانتساب إلى بيت النبوة: والشيء الذي لا يُنسى في هذه الأراجيز، هو انتساب بني هاشم إلى جدّهم المصطفى صلى الله عليه وآله وسلم، فذكر قرابتهم النسبية إليه صلى الله عليه وآله وسلم كان أحد المواضيع المهمّة التي تناولها بنو هاشم في أراجيزهم، فإنّها تعدّ وعظاً وتذكيراً وتوجيهاً لإيقاظ جيش عمر بن سعد، الذين غفلوا أو تغافلوا عن أنّ هؤلاء الذين بين أظهرهم، والذين يريدون قتلهم وسبيهم هم عترة نبيهم صلى الله عليه وآله وسلم، فكانت أبيات أراجيزهم حجّة دامغة وموعظة بالغة على مَن يحيد عن طريق الحق أو يحتال عليه، ومن تلك الأراجيز هي أُرجوزة علي الأكبر عليه السلام التي يُعرّف فيها نفسه وانتسابه إلى النبي صلى الله عليه وآله وسلم، قائلاً: أنا علي بن الحسين بن علي نحن وبيت الله أَولى بالنبي والله لا يحكم فينا ابن الدعي أطعنكم بالرمح حتّى ينثني أضربكم بالسيف حتّى يلتوي ضرب غلامٍ هاشميّ علوي وكذا أُرجوزة القاسم بن الحسن عليه السلام: إن تنكروني فأنا فرع الحسن سبط النبي المصطفى والمؤتمن هذا الحسينُ كالأسير المرتهن بين أُناس لا سُقوا صوب المزن المصدر /أسباب ارتجاز أصحاب الإمام الحسين عليه السلام في واقعة الطّف وعدم ارتجاز الأعداء { الشيخ إسماعيل الشويلي }، مؤسسة وارث الأنبياء،مجلة الإصلاح الحسيني .