السلام علیکم ورحمة الله وبركاته
تحية طيبة
السؤال:
ما هي قصة شجرة الأراك التي كانت تستظل بها الزهراء (صلوات الله عليها) ومَن الذي قطعها؟
وهل من الممكن معرفة موقعها تقريبًا؟
وهل ذُكر شيءٌ عنها في مصادرنا؟
وجزاكم الله عنّا خير الجزاء 🌼
السلام عليكم ورحمة الله و بركاته ، مرحبًا بك أيها السائل الكريم
جاء في جواهر التاريخ - الشيخ علي الكوراني العاملي - ج ١ - الصفحة ١٣٥-١٣٨:
وقال السيد شرف الدين في النص والاجتهاد ص 301: (وهنا نلفت أولي الألباب إلى البحث عن السبب في تنحي الزهراء عليها السلام عن البلد في نياحتها على أبيها صلى الله عليه وآله وخروجها بولديها في لمة من نسائها إلى البقيع يندبن رسول الله صلى الله عليه وآله، في ظل أراكة كانت هناك، فلما قطعت بني لها علي عليه السلام بيتا في البقيع كانت تأوى إليه للنياحة يدعى بيت الأحزان، وكان هذا البيت يزار في كل خلف من هذه الأمة، كما تزار المشاهد المقدسة، حتى هدم في هذه الأيام بأمر الملك عبد العزيز بن سعود النجدي، لما استولى على الحجاز وهدم المقدسات في البقيع، عملا بما يقتضيه مذهبه الوهابي، وذلك سنة 1344 للهجرة. وكنا سنة 1339 تشرفنا بزيارة هذا البيت بيت الأحزان، إذ من الله علينا في تلك السنة بحج بيته وزيارة نبيه، ومشاهد أهل بيته الطيبين الطاهرين عليهم السلام في البقيع).
وقال صاحب الذريعة: 7 / 52: (أقول: إن دار تميم الداري معروفة بالمدينة وهو مشهد يزار حتى اليوم، وكذا دار أبي بكر وعثمان، ولكن انهدم بيت الأحزان في بقيع الغرقد لمجاورته مراقد أئمة الشيعة عليهم السلام، وذلك لأجل أنه: قد يؤخذ الجار بجرم الجار)! انتهى.
ورحم الله صاحب الذريعة على حسن ظنه، فقد تصور أن غرضهم هدم المشهد فقط، وأن بيت الأحزان لم يكن مقصودهم بالأصل بل بالعرض!
لكن الذي يعرف تفكيرهم أكثر يجزم بأن بيت الأحزان كان مقصودا لهم بالأصل كالمشهد وضريحه وقبته، إن لم يكن مقصودا بالكره أكثر منه!
لقد أصدر عمر الحكم بإعدام أراكة البقيع أو سدرته فقطعوها، ولم يكن ذنبها إلا أن الزهراء عليها السلام ونساء الأنصار استظللن بها وندبن النبي صلى الله عليه وآله تحتها. أما بيت الأحزان الذي بناه علي عليه السلام لهذا الغرض فيظهر أنهم لم يستطيعوا هدمه يومذاك، ثم توارث المسلمون تجديده، معلما وشاهدا!
ولئن كان بيت الأحزان وسدرة البقيع، اختصت شهرتهما بالشيعة، وناقش في أصل قصتهما مخالفوهم، فإن شجرة الرضوان عم خبرها ورواه حتى رواة الحكومة! واعترفوا بأن حكم الإعدام صدر في حق الشجرة ومن يصلي تحتها!
قال السيد شرف الدين رحمه الله في النص والاجتهاد ص 368:
(المورد 65 قطعة شجر الحديبية: شجرة الحديبية هذه بويع رسول الله صلى الله عليه وآله بيعة الرضوان تحتها، فكان من عواقب تلك البيعة أن فتح الله لعبده ورسوله فتحا مبينا ونصره نصرا عزيزا، وكان بعض المسلمين يصلون تحتها تبركا بها، وشكرا لله تعالى على ما بلغهم من أمانيهم في تلك البيعة المباركة. فبلغ عمر ما كان من صلاتهم تحتها فأمر بقطعها! وقال (1): ألا لا أوتى منذ اليوم بأحد عاد إلى الصلاة عندها إلا قتلته بالسيف، كما يقتل المرتد! (519).
سبحان الله وبحمده والله أكبر! يأمره بالأمس رسول الله بقتل ذي الخويصرة وهو رأس المارقة، فيمتنع عن قتله احتراما لصلاته ثم يستل اليوم سيفه لقتل من يصلي من أهل الإيمان تحت الشجرة شجرة الرضوان؟!
وي، وي! ما الذي أرخص له دماء المصلين من المخلصين لله تعالى في صلاتهم؟ إن هذه لبذرة أجذرت وآتت أكلها في نجد (حيث يطلع قرن الشيطان)!
وقال في هامشه: (1) كما في السطر الأخير من ص 59 من المجلد الأول من شرح النهج الحميدي (منه قدس). (519) الغدير للأميني: 6 / 146، شرح النهج الحديدي: 3 / 122، سيرة عمر لابن الجوزي ص 107، الطبقات الكبرى لابن سعد، السيرة الحلبية ج 3 / 29، فتح الباري: 7 / 361 وقد صححه، إرشاد الساري: 6 / 337، شرح المواهب للزرقاني: 2 / 207، الدر المنثور: 6 / 73، عمدة القاري: 8 / 284 وقال: إسناد صحيح.. إلى آخر ما ذكره من مصادر.
ورحم الله الشاعر الحلي الكواز حيث قال، كما في بيت الأحزان للقمي ص 128:
الواثبين لظلم آل ومحمد * ومحمد ملقى بلا تكفين
والقائلين لفاطم آذيتنا * في طول نوح دائم وحنين
والقاطعين أراكة كيما تقيل * بظل أوراق لها وغصون
دمتم في رعاية الله