السلام عليكم
ينتشر بين الناس اعتقاد... ان تكون زيارة الميت يوم اربعينه قبل اذان الفجر كون الميت ينتظر اهله..... هل هذا الاعتقاد صحيح؟ وما اصل زيارة الميت بعد وفاته باربعين يوم؟ هل هي تقاليد عرفية تاريخية ام لها اصل ديني؟
السلام عليكم ورحمة الله و بركاته ، مرحبًا بك أيها السائل الكريم ، نشكر تواصلك معنا
إن موقف الشريعة الإسلامية المقدسة من الأعراف والتقاليد الاجتماعية ليس واحداً، بل يختلف باختلافها، حيث إن منها ما يكون مبايناً للتشريعات الإسلامية ومنافراً لها، ومنها ما ظل الإسلام حيادياً تجاهه، فلم يتخذ منه موقفاً إيجابياً أو سلبياً، وهي العادات الواقعة في دائرة المباحات الشرعية، ومنها ما يقع في دائرة المحبوبية والمطلوبية في نفسه لما فيه من انعكاس إيجابي على حياة الفرد والجماعة سواء في بعدها الدنيوي والأخروي.
ومن هذه المسائل مسألة زيارة الميت بعد اربعين يوم من وفاته أو دفنه ، فإنها وإن لم تقع ضمن دائرة المطلوبية بهذا العنوان في الآيات القرآنية والأحاديث الشريفة، إلا أنّ ذلك لا يعني عدم مطلوبيتها وحسنها، نظراً للحث على زيارة القبور من ناحية، وعلى إدخال السرور على قلوب المؤمنين من ناحية أخرى، ومن أبرز مصاديق إدخال السرور من انقطع عملهم ولم يبق لهم إلا انتظار الهدايا والحسنات من القادرين عليها وهم الأموات كما لا يخفى.
ولا شبهة في أن زيارة القبور أمرٌ حسنٌ في نفسه، ومَرْضيٌّ من قبل الشريعة المقدّسة، لما فيه من تذكُّرٍ لمصير الإنسان، واعتبارٍ في هذه الحياة، وصلةٍ للآباء والأرحام، الأمر الذي يهدِّئ المشاعر والاحساس. وقد ورد الكثير من الأحاديث الشريفة عن النبي الأعظم وأئمّة الهدى صلوات الله عليهم أجمعين، الدالة على مطلوبية ذلك ومحبوبيته في نفسه، وأنهم كانوا يقومون بذلك ويحثّون عليه.
فقد ورد أن النبيّ صلى الله عليه واله زار قبر أمّه في عمرة الحديبيّة وأصلح قبرها وبكى عندها .
وعن داود الرقي قال: «قلت لأبي عبد الله : يقوم الرجل على قبر أبيه وقريبه وغير قريبه هل ينفعه ذلك؟ قال: نعم، إن ذلك يدخل عليه كما يدخل على أحدكم الهدية يفرح بها».
وكانت السيدة فاطمة الزهراء تأتي قبور الشهداء كل غداة سبت، فتأتي قبر حمزة فتترحم عليه وتستغفر له .
.
ومن ناحية أخرى، تشكّل زيارة القبور هديَّة يقدِّمها الزَّائر إلى ميِّته؛ ليدخل السُّرور على قلبه من خلالها. ولما كانت هدايا الأموات لا تمتُّ إلى عالم المادة بصلة، بل تتَّسم بالبعد المعنويّ وإرسال الرّحمة إليه.
وقد ورد : «إذا زرتم موتاكم قبل طلوع الشمس سمعوا وأجابوكم، وإذا زرتموهم بعد طلوع الشمس سمعوا ولم يجيبوكم» .
وعن محمد بن مسلم قال: «قلت لأبي عبد الله : نزور الموتى؟ قال: نعم، قلت: فيعلمون بنا إذا أتيناهم؟ قال: إي والله، ليعلمون بكم، ويفرحون بكم، ويستأنسون إليكم إلخ.. الحديث» .
وهذه الزّيارة كما تنعكس على الميِّت فائدةً ورحمة، فقد ورد أن النبي قال: «ما من أحد يقول عند قبر ميت ثلاث مرات: اللهم إني أسألك بحق محمد وآل محمد أن لا تعذِّب هذا الميت إلا رفع الله عنه العذاب يوم القيامة» ، فإنها تنعكس على الحي فائدةً ومنفعةً في الدنيا، لما فيها من اعتبارٍ وبرٍّ وصلةٍ وموعظة، كما تنعكس عليه منفعة في الآخرة كذلك، فقد ورد عن الإمام الرضا أنه قال: «من أتى قبر أخيه ثم وضع يده على القبر وقرأ إنّا أنزلناه في ليلة القدر سبع مرات أَمِن يوم الفزع الأكبر ... المزید» .
دمتم في رعاية الله