logo-img
السیاسات و الشروط
مهدي الحسن ( 12 سنة ) - العراق
منذ سنتين

كره الشيعة لبني مروان

ما سبب كره الشيعة لبني مروان خصوصا عبد الملك بن مروان وعامله الحجاج؟


السلام عليكم ورحمة الله و بركاته ، مرحبًا بك أيها السائل الكريم جاء في كتاب حياة الإمام زين العابدين (عليه السلام)، للشيخ باقر شريف القرشي ،ج‏2،ص351-357: آلت الخلافة الإسلامية التي هي ظل اللّه في الأرض إلى جبار عنيد من جبابرة بني أمية هو عبد الملك بن مروان و كان قد بويع له في حياة أبيه فلما هلك أبوه جددت له البيعة بدمشق و مصر و يقول الرواة: إنه كان قبل أن يلي الخلافة يظهر النسك و العبادة و ذلك لأغراء العامة و تمهيد أرضية لحكومته و لما بشر بالملك كان بيده المصحف الكريم فأطبقه و قال: هذا آخر العهد بك أو قال: هذا فراق بيني و بينك‏ و صدق في ما قال: فقد فارق كتاب اللّه و أحكام الإسلام منذ اللحظة الأولى من حكومته و ساس المسلمين سياسة سوداء و سلط عليهم ذئاب البشرية فنشروا الجور و الظلم و الارهاب. لقد كان عبد الملك طاغية جبارا لا يبالي ما صنع على حد تعبير المنصور الدوانيقي‏ و هو القائل: لا يأمرني أحد بتقوى اللّه بعد مقامي هذا إلا ضربت عنقه‏ و اسمعوا ما يقول: إني لا أداوي هذه الأمة إلا بالسيف حتى تستقيم لي قناتكم‏ أ رأيتم كيف يعامل الرعية و يقسو عليها؟ إنه لا يداويها بالرحمة و الاحسان و إنما يداويها بالبطش و الجور و الظلم التي هي من عوامل استمتاعه النفسي بل و من عناصره و ذاتياته ، و قد اسرف في سفك الدماء بغير حق فنشر الثكل و الحزن و الحداد في بيوت المسلمين و قد قالت له أم الدرداء: بلغني أنك شربت الطلى - يعني الخمر- بعد العبادة و النسك فقال لها: إي و اللّه و الدماء شربتها لقد شرب من دماء المسلمين حتى ارتوى و اراق من دمائهم انهارا ، و يضاف إلى جبروته و بطشه و ظلمه أنه كان بخيلا حتى سمي رشح الحجارة و قد عانت الأمة في أيام حكمه الجوع و الفقر و الحرمان. صب عبد الملك على المسلمين وابلا من العذاب الأليم و أحال حياتهم إلى جحيم لا يطاق فقد سلط عليهم الحجاج بن يوسف الثقفي الذي هو أقذر ارهابي عرفته البشرية في جميع مراحل تاريخها و قد منحه صلاحيات واسعة النطاق فجعله يتصرف في أمور الدولة حسب رغباته و ميوله التي لم تكن تخضع بأي حال لمنطق القانون و إنما تخضع لمنطق البطش و الاستبداد فكان يعدم و يسجن و يطارد المواطنين لا من أجل حفظ النظام و إنما من أجل التشهي و رغباته النفسية و قد خلق جوا من الازمات السياسية لم يشاهد مثلها في قسوتها و مرارتها و نتحدث بايجاز عن بعض مظاهر ظلمه. لقد سفك هذا الطاغية الجبار دماء المسلمين بغير حق يقول الدّميري: كان الحجاج لا يصبر عن سفك الدماء و ارتكاب أمور لا يقدر عليها غيره و قد أحصي من قتلهم صبرا سوى من قتل في حروبه فكانوا مائة و عشرين ألفا و قيل مائة و ثلاثون ألفا و قد اعترف رسميا بسفكه للدماء بغير حق فكان يقول: و اللّه ما اعلم اليوم رجلا على ظهر الأرض هو أجرأ على دم مني‏ و قد وضع سيفه في رقاب القراء و العباد و العلماء لأنهم أيدوا ثورة ابن الأشعث و من جملة من قتلهم صبرا العالم الكبير سعيد بن جبير و هو أحد اعلام الشيعة و قد أبّنه الحسن البصري بقوله: و اللّه لقد مات سعيد بن جبير يوم مات و أهل الأرض من مشرقها إلى مغربها محتاجون لعلمه‏ . و كان الحجاج من ألد أعداء النبي (صلى الله عليه واله) و من أحقدهم عليه و كان يفضل عبد الملك على النبي العظيم (صلى الله عليه واله) فقد خاطب اللّه تعالى أمام الناس قائلا: أ رسولك أفضل - يعني النبي- أم خليفتك- يعني عبد الملك‏ - و كان ينقم و يسخر من المسلمين الذين يزورون قبر النبي (صلى الله عليه واله) و يقول: تبا لهم إنما يطوفون بأعواد و رمة بالية هلا طافوا بقصر أمير المؤمنين عبد الملك أ لا يعلمون أن خليفة المرء خير من رسوله‏ ؟ لقد فضل هذا الجلف عبد الملك على الرسول العظيم الذي بعثه اللّه رحمة للعالمين و كما استهان هذا الانسان الممسوخ بالنبي (صلى الله عليه واله) فقد استهان بالبقية الباقية من أصحابه و يقول المؤرخون: أنه عمل على اذلالهم‏ فقد ختم على أعناقهم و أيديهم‏ . و كان هذا المجرم الخبيث من أحقد الناس على آل البيت الذين أذهب اللّه عنهم الرجس و طهرهم تطهيرا و قد كتب إلى عبد الملك إن أردت أن يثبت ملكك فاقتل علي بن الحسين فلم يستجب له عبد الملك و كتب إليه: أما بعد: فجنبني دماء بني هاشم و احقنها فإني رأيت آل أبي سفيان لما ولغوا فيها لم يلبثوا أن أزال اللّه عنهم الملك ، و لما علم الإمام (عليه السلام) بذلك شكر عبد الملك و اثنى عليه‏ و يقول المؤرخون أن خير وسيلة للتقرب للحجاج هي انتقاص الإمام أمير المؤمنين فقد أقبل إليه بعض المرتزقة من أوغاد الناس و هو رافع عقيرته قائلا: أيها الأمير إن أهلي عقوني فسموني عليا و إني فقير بائس و أنا إلى صلة الأمير محتاج ، فسر الحجاج بذلك و قال له: للطف ما توسلت به فقد وليتك موضع كذا و روى هشام الكلبي قال: أدركت بن أود و هم يعلمون أبناءهم و حرمهم سب علي بن أبي طالب و فيهم رجل من رهط عبد الله بن ادريس بن هانئ فدخل على الحجاج بن يوسف فكلمه بكلام فاغلظ له الحجاج في الجواب فرد عليه قائلا: لا تقل هذا أيها الأمير فلا لقريش و لا لثقيف منقبة يعتدون بها إلا و نحن نعتد بمثلها ، و بهر الحجاج فقال ما مناقبكم؟. فانبرى الرجل قائلا: ما ينقص عثمان و لا يذكر بسوء في نادينا قط. و رفع الحجاج عقيرته قائلا: هذه منقبة. فقال الرجل: و ما رؤي منا خارجي قط. قال الحجاج: و هذه منقبة. و اندفع الرجل يعدد مآثر قومه قائلا: و ما شهد منا مع أبي تراب مشاهده إلا رجل واحد فأسقطه ذلك عندنا و أخمله فما له عندنا قدر و لا قيمة و سر الحجاج بذلك فقال: هذه منقبة . و قال الرجل: و ما أراد منا رجل قط أن يتزوج امرأة إلا سأل عنها هل تحب أبا تراب و تذكره بخير فإن قيل إنها تفعل ذلك اجتنبها فلم يتزوجها . قال الحجاج: هذه منقبه . قال الرجل: و ما ولد فينا ذكر فسمي عليا و لا حسنا و لا حسينا و لا ولدت فينا جارية فسميت فاطمة . قال الحجاج: هذه منقبة . قال الرجل: و نذرت منا امرأة حين أقبل الحسين إلى العراق أن قتله اللّه أن تنحر عشر جزر فلما قتل وفت بنذرها . و ابتهج الحجاج بهذه المنقبة فقال: و هذه منقبة . قال الرجل: و دعي رجل منا إلى البراءة من علي و لعنه فقال: نعم و أزيدكم حسنا و حسينا. و أسرع الحجاج قائلا: هذه منقبة و اللّه . و قال الرجل: و قال لنا أمير المؤمنين عبد الملك: أنتم الشعار دون الدثار و أنتم الأنصار بعد الأنصار . قال الحجاج: هذه منقبة . و حسب الإمام أمير المؤمنين (عليه السلام) فخرا و مجدا أنه لا يبغضه إلا من لا عهد له بالشرف و الفضيلة أمثال الحجاج بن يوسف من الممسوخين. و من جرائم هذا الطاغية و موبقاته اعتداؤه على البيت الحرام الذي جعله اللّه أمنا للناس فقد حاصره ستة أشهر و سبع عشر ليلة حينما استجار به ابن الزبير و قد أمر برمي الكعبة المشرفة فرميت من جبل أبي قبيس بالمنجنيق و كان قومه يرمونها و يرتجزون. خطّارة مثل الفنيق المزبد نرمي بها أعواد هذا المسجد و لم يرج هذا الطاغية و قارا لبيت اللّه الحرام فقد انتهك حرمته و قبله يزيد بن معاوية لم يقم له أي حرمة. و لما هدم الحجاج الكعبة المشرفة و أراد عمارتها كان العلماء و القضاة يضعون الحجر الأسود في مكانه فلا يستقر فاقبل الإمام زين العابدين عليه و قد أحيط بهالة من التعظيم فأخذ الحجر فوضعه في مكانه فاستقر و علت أصوات الناس بالتكبير . و اتخذ هذا الإرهابي المحترف سجونا لا تقي من حر و لا برد و كان يعذب المساجين بأقسى ألوان العذاب و أشده فكان يشد على يد السجين القصب الفارسي المشقوق و يجر عليه حتى يسيل دمه يقول المؤرخون: أنه مات في حبسه خمسون ألف رجل و ثلاثون ألف امرأة منهن ست عشرة الفا مجردات و كان يحبس الرجال و النساء في موضع واحد و احصي في سجنه ثلاثة و ثلاثون ألف سجين لم يحبسوا في دين و لا تبعة و كان يمر على أهل السجن فيقول لهم: اخسئوا فيها و لا تكلمون شبههم بأهل النار و شبه نفسه بالخالق العظيم عتوّا و تكبرا. و انتقم اللّه من هذا المجرم الخبيث الذي أغرق البلاد بالمحن و الخطوب فقد أصابته الأكلة في بطنه و سلط اللّه عليه الزمهرير فكانت الكوانين تجعل حوله مملوءة نارا و تدنى منه حتى تحرق جلده و هو لا يحس بها و أخذت الآلام منه مأخذا عظيما فشكا ما هو فيه إلى الحسن البصري فقال له: قد كنت نهيتك أن تتعرض للصالحين فلججت فقال له: يا حسن لا اسألك أن تسأل اللّه أن يفرج عني و لكن اسألك أن تسأله أن يعجل قبض‏ روحي و لا يطيل عذابي‏ و ظل الجلاد الخبيث يعاني آلام الموت و شدة النزع حتى هلك و مضت روحه الخبيثة إلى جهنم مقرنة بالأصفاد و قد انكسر بموته باب الجور و انحسرت روح الظلم فأهون به هالكا و مفقودا و لما بلغ هلاكه الحسن البصري قال: اللّهم أنت أمته فأمت سنته أتانا اخيفش قصير البنان و اللّه ما عرق له عذار في سبيل اللّه قط فمن كفره و كبره أن قال: بايعوني و إلا ضربت أعناقكم‏ ؛ و قال عمر بن عبد العزيز : لو جاءت كل أمة بخبيثها و جئنا بالحجاج لغلبناهم‏ ؛ و قال الشعبي: لو جاءت كل أمة بخبيثها و فاسقها و جئنا بالحجاج وحده لزدنا عليهم‏ لقد تلقى المسلمون نبأ وفاة هذا المجرم الخبيث بمزيد من الافراح و كانت لعناتهم تلاحقه من يوم هلاكه حتى يرث اللّه الأرض و من عليها. و سلط عبد الملك على العالم الإسلامي شرار خلق اللّه فأشاعوا الجور و الظلم و قد استعمل على يثرب هشام بن اسماعيل المخزومي فأساء السيرة و جار في الأحكام و تحامل على آل النبي (صلى الله عليه واله) كما تعرض للفقيه سعيد بن المسيب فضربه ستين سوطا ظلما و عدوانا و طاف به‏ و قد عج المواطنون بالشكوى إلى عبد الملك فلم يجدوا الاستجابة بل وجدوا اللوم و التقريع و قد شكا النمري إليه ما حل بقومه من الظلم و الاضطهاد و نهب الأموال قال في قصيدة له: أما الفقير الذي كابت حلوبته‏ وفق العيال فلم يترك له سبد و اختل ذو المال و المثرون قد بقيت‏ على القلاقل من أموالهم عقد فإن رفعت بهم رأسا نعشتهم‏ و إن لقوا مثلها من قابل فسدوا معنى هذا الشعر أن السلطة قد صادرت أقوات الفقراء و سلبتهم جميع ثرواتهم و لم تترك لهم حتى وبر الأبل و كذلك اعتدت على الأغنياء فعطلت نمو أموالهم و الشاعر يستعطف عبد الملك لينعش قومه و يرفع عنهم المظالم و ان لم ينجدهم فإنهم سوف يهلكون. دمتم في رعاية الله

1