١- نعم، يصح.
٢- الحديث ضعيف سنداً انفرد بروايته قطب الدين محمّد الديلمي اللاهيجي في (محبوب القلوب)(1)، وهو مرسل، فيكون ضعيفاً، وقد ذكر الديلمي أنّ الفاضل الشهرزوري قال في (تاريخ الحكماء): هكذا سمعناه.
وعليه فلا يُحتجّ بهذا الحديث أصلاً.
وأثر الديلمي في كتاب محبوب القلوب (ص ١٤ ط ١) هكذا: يروى أنّ عمرو بن العاص قدم من الإسكندرية على سيدنا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فسأله عمّا رأى؟ فقال: رأيت قوماً يتطلسون ويجتمعون حلقا ويذكرون رجلا يقال له أرسطو طاليس لعنه الله.
فقال صلوات الله وتسليماته عليه وآله: مه يا عمرو! إنّ أرسطو طاليس كان نبياً فجهله قومه.
وأردف الديلمي: قال الفاضل الشهرزوري في تأريخ الحكماء: هكذا سمعناه.
ثم قال: أقول ويؤيد هذه الرواية ما نقل السيد الطاهر ذو المناقب والمفاخر رضي الدين علي بن طاووس قدس الله روحه في كتابه فرج المهموم في معرفة الحلال والحرام من علم النجوم قولا بأن ابرخس وبطليموس كانا من الأنبياء، وأن أكثر الحكماء كانوا كذلك وإنما التبس على الناس أمرهم لأجل أسمائهم اليونانية، أي لما كانت أسماؤهم موافقة لأسماء بعض حكماء يونان الذين ينسب إليهم فساد الاعتقاد اشتبه على الناس حالهم وظنوا أن أصحاب تلك الأسامي بأجمعهم على نهج واحد من الاعتقاد.
نعم روي عن الإمام الصادق صلوات الله عليه في المقام كلام في توحيد المفضل، قال عليه السلام (البحار ج ٢ ط ١ ص ٤٦ و ٤٧):
فأما أصحاب الطبائع فقالوا: إن الطبيعة لا تفعل شيئاً لغير معنى ولا [تتجاوز] عمّا فيه تمام الشئ في طبيعته، وزعموا أنّ المحنة تشهد بذلك فقيل لهم: فمن أعطى الطبيعة هذه الحكمة والوقوف على حدود الأشياء بلا مجاوزة لها، وهذا قد تعجز عنه العقول بعد طول التجارب؟
فإن أوجبوا للطبيعة الحكمة والقدرة على مثال هذه الأفعال فقد أقروا بما أنكروا لأن هذه هي صفات الخالق، وإن أنكروا أن يكون هذا للطبيعة فهذا وجه الخلق يهتف بأن الفعل للخالق الحكيم.
وقد كان من القدماء طائفة أنكروا العمد والتدبير في الأشياء، وزعموا أن كونها بالعرض والاتفاق، وكانوا مما احتجوا به هذه الإناث التي تلد غير مجرى العرف والعادة كالانسان يولد ناقصا أو زائداً إصبعاً ويكون المولود مشوّهاًً مبدل الخلق، فجعلوا هذا دليلاً على أن كون الأشياء ليس بعمد وتقدير بل بالعرض كيف ما اتفق أن يكون.
وقد كان أرسطا طاليس رد عليهم فقال: إن الذي يكون بالعرض والاتفاق إنما هو شئ في الفرط مرة مرة لأعراض تعرض للطبيعة فتزيلها عن سبيلها وليس بمنزلة الأمور الطبيعية الجارية على شكل واحد جرياً دائماً متتابعاً.
وأنت يا مفضل ترى أصناف الحيوان أن يجري أكثر ذلك على مثال ومنهاج واحد كالانسان يولد وله يدان ورجلان وخمس أصابع كما عليه الجمهور من الناس. فأما ما يولد على خلاف ذلك فإنّه لعلّة تكون في الرحم أو في المادة التي ينشأ منها الجنين، كما يعرض في الصناعات حين يتعمد الصانع الصواب في صنعته فيعوق دون ذلك عائق في الأداة، أو في الآلة التي يعمل فيها الشئ، فقد يحدث مثل ذلك في أولاد الحيوان للأسباب التي وصفنا فيأتي الولد زائدا أو ناقصا أو مشوها ويسلم أكثرها فيأتي سويا لا علة فيه، فكما أن الذي يحدث في بعض الأعمال الأعراض لعلة فيه لا توجب عليها جميعا الاهمال وعدم الصانع، كذلك ما يحدث على بعض الأفعال الطبيعية لعائق يدخل عليها لا يوجب أن يكون جميعها بالعرض والاتفاق.
فقول من قال في الأشياء أن كونها بالعرض والاتفاق من قبل أن شيئا منها يأتي على خلاف الطبيعة يعرض له خطأ وخطل.
فإن قالوا: ولم صار مثل هذا يحدث في الأشياء؟ قيل لهم: ليعلم أنه ليس كون الأشياء باضطرار من الطبيعة ولا يمكن أن يكون سواه كما قال قائلون، بل هو تقدير وعمد من خالق حكيم، إذ جعل الطبيعة تجري أكثر ذلك على مجرى ومنهاج معروف، ويزول أحيانا عن ذلك لأعراض تعرض لها فيستدل بذلك على أنها مصرفة مدبرة فقيرة إلى إبداء الخالق وقدرته في بلوغ غايتها وإتمام عملها تبارك الله أحسن الخالقين.
. فكفى بهذا الخبر أن يرفع من شأن أرسطا طاليس؛ لأنّ الإمام عليه السلام ذكره باسمه وأنّه كان يسلك الناس إلى بارئهم من طريق وحدة الصنع والتدبير.
(1) محبوب القلوب: 117 مقدّمة المؤلّف.