logo-img
السیاسات و الشروط
mohammed ( 23 سنة ) - العراق
منذ سنتين

الله لم يسالنا يوم خلقنا؟

السلام عليكم هل سألنا الله قبل ان يبعثنا في هذه الدنيا والاختبار فيها وقبل ان يخلقنا لان الله عادل فهل من العدالة ان يختبرنا ويخلقنا من دون موافقة منا؟


بسم الله الرحمن الرحيم وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته اهلا بكم اخي محمد في تطبيقكم المجيب اولا: نسال صاحب السؤال عندما تتكلم عن عدل الله تعالى فلابد انك تؤمن بوجود خالق عادل لا يظلم احدا وانه ثبت ان هذا الخالق عالم بكل تفاصيل عالم الوجود وانه تعالى حكيم في اعلى مراتب الحكمة وانه غني عن جميع خلقه ولا يفتقر الى شيء من خلقه اذا اتضح كل هذا عندها يتضح الجواب وهو ان الله عز وجل العادل والحكيم والعالم والغني لا يمكن ان يفعل ان قبيح فان كان العدل الالهي يقتضي ان يسال العباد قبل ان يخلقهم فهذا يعني انه لا محالة سالهم ولعلك تقول لكني لا اتذكر انه سالني وجوابه واضح فلعل الانتقال عبر المراحل والعوالم له تاثير على الانسان فما كان في ذاك العالم لا يذكره في هذا العالم كما لعله عند الطفل في بطن امه فانه بالتاكيد كانت عنده متحسسات وكان يتغذى في بطن امه ولكنه لا يتذكر شيئا مما كان في بطن امه وعدم التذكر لا يعني انه لم يسالنا وهناك اية في القران الكريم استفاد منها بعض العلماء ان الباري اشهد جميع الخلق في عالم الذر على ما يكون ((وَإِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِنْ بَنِي آدَمَ مِنْ ظُهُورِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَأَشْهَدَهُمْ عَلى أَنْفُسِهِمْ أَ لَسْتُ بِرَبِّكُمْ قالُوا بَلى شَهِدْنا أَنْ تَقُولُوا يَوْمَ الْقِيامَةِ إِنَّا كُنَّا عَنْ هذا غافِلِينَ)) (الاعراف:172) اما اذا اثبتنا ان عدم السؤال لا يعني ان الله تعالى ظالم ولا يعني انه فعل القبيح فلا حاجة لكل هذه البيانات . ثانيا: لو دققنا في السؤال نجد ان صفة الظلم انما تكون في سلب حق من حقوق الناس والسؤال هنا هل لنا حق سلبه الله تعالى منا حتى نصفه بالظلم؟!! والجواب ان كنا نحن في حيز العدم كيف يمكن ان يكون للمعدوم حق في شيء وهو لا شيء اصلا ثالثا: وهو متفرع على ثانيا لما كان الانسان في حيز العدم كيف يمكن تصور ان الباري يساله هل يخلقه او لا يخلقه فهذا يلزم المحال فانه ان كان عدما كيف يمكن ان يسالنا الباري عز وجل وان فرضنا انه خلقنا حتى يسالنا فلا معنى للسؤال بعد ان خلقنا. رابعا: ما هو معنى ان يسالنا الله تعالى عن خلقنا وياخذ راينا ونحن لا نعرف شيئا عما سيكون لنا او علينا كما لو يسال الاب الطفل اول ما يولد يابني هل تريد ان تستمر بالحياة التي انت فيها او لا تستمر فان الطفل اذا اراد ان يجيب اباه يقول ابتي اي حياة انت تسالني عنها وما فيها من خير وما فيها من شر فانا لا اعرف شيئا منها لعلك تقول يبين له الله عز وجل عن الامور الاساسية التي سوف يمر بها وياخذ رايه فاني اجيبك بكل ود واحترام ان الله عز وجل لم يخلقه للشقاء وانما خلقه للتكامل والوصول الى اعلى المراتب ويقول له: سوف تكون في احسن تقوي فـ((لَقَدْ خَلَقْنَا الإِنْسانَ فِي أَحْسَنِ تَقْوِيمٍ))(التين: 4) ويقول له: اني اعددت لك برنامجا دقيقا وهو الدين كي تصل الى اعلى المراتب وتنال اعلى الدرجات فتكون افضل من ملائكتي: فـ ((ذلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ وَلكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ)) (يوسف:40) فيا عبدي ستنال كل الخير من هذا الدين ((فَأَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ حَنِيفاً فِطْرَتَ اللهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْها لا تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللهِ ذلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ وَلكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ)) (الروم:30) ويقول له: واني لن اتركك وحدك بل ابعث لك افضل الناس يساعدوك دائما وياخذوا بيدك فـ ((لَقَدْ مَنَّ اللهُ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ إِذْ بَعَثَ فِيهِمْ رَسُولاً مِنْ أَنْفُسِهِمْ يَتْلُوا عَلَيْهِمْ آياتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتابَ وَالْحِكْمَةَ وَإِنْ كانُوا مِنْ قَبْلُ لَفِي ضَلالٍ مُبِينٍ)) (آل عمران:164) ويقول له: اذا اخذت بكل هذا الخير الذي اعددته لك وسرت سيرا مستقيما لا تظلم فيها احدا ولا تظلم فيها نفسك ولا تتمرد على انسانيتك فابشر بكل خير في الاخرة فقد ((وَعَدَ اللهُ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِناتِ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الأَنْهارُ خالِدِينَ فِيها وَمَساكِنَ طَيِّبَةً فِي جَنَّاتِ عَدْنٍ وَرِضْوانٌ مِنَ اللهِ أَكْبَرُ ذلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ)) (التوبة:72) فبعد كل هذا الذي قاله له ما ترى يكون جواب هذا الانسان هل يوجد عاقل يقول انا لا اريد كل هذا لعلك تقول : هذا الجانب المنير في خلقة الانسان ولكن ينبغي ان يقول له الجانب المظلم ايضا فان الحياة فيها من يظلم وفيها من يقتل وفيها من يسلب الحقوق وفيها من يتمرد على الانسان ويستضعف العباد وفيها وفيها الكثير من هذه الامور. فالجواب واضح ولا حاجة ان يبين الباري عز وجل ما ليس منه فهذه الامور ليست من الله تعالى فالله عز وجل اعد الانسان ان يعيش بكرامة ولكن هناك من يتمرد ويتجاوز حتى ابسط مبادئ الانسانية فهذه الافعال ليست من الله تعالى ومن هنا فان الله تعالى لا يمكن ان يدع هؤلاء بلا عقاب ولا حساب فان اي ظلم لاي عبد من عباده مسجل ومحسوب بادق تفاصيله ((وَسَيَعْلَمُ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَيَّ مُنْقَلَبٍ يَنْقَلِبُونَ)) (الشعراء:227) خامسا: نحن نتكلم بصورة كأنّ لنا فضل على الله تعالى ونسينا او تناسينا ان ايماننا المطلق بالخالق وانه فيض الحكمة يحتم علينا ان نقبل بما يريده تعالى، فمن نحن حتى ناتي ونجعل فعل الله ظلما فالباري عز وجل ((لا يُسْئَلُ عَمَّا يَفْعَلُ وَهُمْ يُسْئَلُونَ)) (الانبياء:23) وسبب عدم السؤال لا لانه متجبر وانما لاجل ان كل فعله هو محض الحكمة فكما نحن لا نسال اي خبير في اي مجال من مجالات الحياة فلا نسال الطبيب عن وصفة الدواء ولا نسال المهندس على نسبة المواد في البناء ولا نسال المختص في مجاله العالم الحاذق الدقداق عن اي شيء يخص العمل الذي يقوم به لأنه العالم والخبير بافعاله. فبالتاكيد لن نسال الله عز وجل وهو العليم الذي لا يجهل شيئا والحكيم الذي لا يعمل سفها والغني عن كل خلقه وكل ما يفعله لاجل خلقه فكيف لنا ان نسال علام الغيوب وهو ابصر بنا من انفسنا عن خلقنا وخلقنا بلا شك ولا ريب خير لنا مادام الباري اراد ان يخلقنا. فالله تعالى هو صاحب النعمة العظيمة علينا ((وَإِنْ تَعُدُّوا نِعْمَةَ اللهِ لا تُحْصُوها))(النحل:18) والاجمل انه قال : ((لَئِنْ شَكَرْتُمْ لأَزِيدَنَّكُمْ))(ابراهيم:7) فالباري تعالى اعطانا كل هذه النعم ((وَآتاكُمْ مِنْ كُلِّ ما سَأَلْتُمُوهُ وَإِنْ تَعُدُّوا نِعْمَتَ اللهِ لا تُحْصُوها)) ولكن مع الاسف الشديد ((إِنَّ الإِنْسانَ لَظَلُومٌ كَفَّارٌ)) (النحل:34) واي متمرد هذا الذي يتمرد على نعم الله عز وجل ويتمرد على خالقه ويعطي لنفسه شيئا يتصوره حقا له حتى يتهم الذي انعم عليه بانه ظالم، ليس لشيء الا لاجل انه لم يعطه حقا هو اوجده لنفسه. فمن اعطى للمخلوق الحق بان يحاسب الخالق ومن اعطى للمملوك الحق ان يحاسب المالك حتى تاتي وتقول انه ظالم لانه لم يعطني حقي ((كَلاَّ إِنَّ الإِنْسانَ لَيَطْغى ))(العلق:6) و ((إِنَّ الإِنْسانَ لِرَبِّهِ لَكَنُودٌ)) (العاديات:6). سادسا: ان من يفكر هكذا تفكير ويشكك في عدل الله تعالى هو الانسان الذي يمر بضائقة في الحياة وانما هذه من ظلامات الناس لا من الله في شيء ومن هنا فانه جهلا ينسب هذا لخالقه وبالتالي يريد ان يكيّف هذا التمرد بطريقة يقنع نفسه ان الذي خلقه يظلمه ولكنه اذا تريث وفهم الحال جيدا يجد ان ما يصيبه من السوء انما هو من ظلامات الظالمين لا من رب رحيم. فاذا اتضحت الصورة وان الباري عز وجل اعد له كل هذا الخير وانه اذا لم ينل بعضه في الدنيا فانه ادخره له في الاخرة وانه سوف يجد ما لا عين رات ولا اذن سمعت فانه بالتاكيد سوف يشعر بالخجل من نفسه اذ اتضحت له حقائق الامور. سابعا: تفريعا على سادسا ان الانسان انما يخالجه هكذا شعور عندما يجهل مصيره الذي اعده الله تعالى له فالنعيم الذي اعده الباري عز وجل في الاخرة لو دقق الانسان فيما اخبر به الباري عن ذاك النعيم فانه بلا شك لا يخالجه هكذا شعور بل سوف يقضي عمره شاكرا لله تعالى على ما يعده له من العطاء الجزيل يوم الذي خلقه في الدنيا كي يصل الى النعيم المقيم. ويمكن ان نوضحه بمثال طالب الابتدائية الذي يتذمر من الدراسة وكثرة الامتحانات والاختبارات فيها ويلوم بعض الاحيان اباه على ما اختاره له في التحاقه بالمدرسة فانه بعد مرور السنين ووصوله الى اعلى مراتب العلم فيكون برفوسور في مجاله فانه بالتاكيد سوف يقر بنعمة المدرسة في الابتدائية ويشكر اباه ويكن له العرفان على جميل فعله وعظيم صنعه يوم الذي اخذه الى المدرسة. هكذا هو الانسان عندما يجهل عظيم النعم التي تنتظره فانه بالتاكيد يتذمر من الحياة التي هو فيها وكثرة الاختبارات والامتحانات ولكنه عندما يرى ما اعده الله عز وجل له فانه سيكون ممتنا للباري على عظيم نعمه التي انعمها عليه. ومن هنا علينا ان نتدبر بالايات والروايات التي وردت في بيان ما اعده الله تعالى للانسان المؤمن من المقامات والدرجات الرفيعة والنعيم المقيم يوم القيامة مما يجعلنا على يقين بما اعده الله تعالى وبالتالي نجد هذا السؤال ليس في محله بل نخجل من ان نسأله لله عز وجل وكأننا نعاتبه على ما يتفضل به علينا . تحياتي لكم ودمتم بحفظ الله ورعايته

1