السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
اهلا بكم
هناك فرق بين إهلاك الاقوام السابقين وبين قضية الامام الحسين (عليه السلام)
اما العذاب الذي نزل على اقوام الانبياء السابقين فانه نزل بعد ان كفروا بما أُرسل به انبياؤهم وبعد ان بالغ الانبياء في نصحهم وهدايتهم ومع كل هذا تمردوا واستعجلوا العذاب، ومنهم قوم صالح فهم استعجلوا نزول العذاب عليهم ((فَعَقَرُوا النَّاقَةَ وَ عَتَوْا عَنْ أَمْرِ رَبِّهِمْ وَ قالُوا يا صالِحُ ائْتِنا بِما تَعِدُنا إِنْ كُنْتَ مِنَ الْمُرْسَلِينَ)) سورة الأعراف، آية 77، صفحة 160
فأتاهم العذاب.
واما الذين قاتلو الامام الحسين (عليه السلام) فانهم مسلمون ظاهرا ويرون انفسهم ناصرين لخليفة المسلمين يزيد، فحالهم ليس كحال الكفرة والمشركين.
جواب تفصيلي:
المشروع الالهي في قضية الامام الحسين (عليه السلام) هو ان يمضي الامام الحسين (عليه السلام) مع اصحابه واهل بيته فتكون هذه الفاجعة هي الحياة الحقيقية للدين، والنصوص مسـتفيضة عن النبي والأئمـة (صلوات االله عليهم أجمعـين) بما يؤكد ان التخطيط الهي وكان النبي واهل بيته يعلمون بما سيقع على الامام الحسين (عليه السلام) ونكتفي منها بصحيـح ضريس الكناسي عن الإمام أبي جعفر محمد بن علي الباقر (عليه السلام) قال: ((قال له حمران: جعلت فداك أرأيت ما كان من أمر قيام علي بن أبي طالب والحسن والحسين عليهم السلام وخروجهم وقيامهم بدين الله عز ذكره، وما أصيبوا من قتل الطواغيت إياهم والظفر بهم حتى قتلوا وغلبوا؟ فقال أبو جعفر عليه السلام: يا حمران إن الله تبارك وتعالى قد كان قدر ذلك عليهم وقضاه وأمضاه وحتمه على سبيل الاختيار ثم أجراه فبتقدم علم إليهم من رسول الله صلى الله عليه وآله قام علي والحسن والحسين عليهم السلام، وبعلم صمت من صمت منا،……)) الكافي ج١/ص٢٦٢.
وحديـث العمري عن الإمـام أبي عبد االله جعفر بـن محمد الصادق (عليه السلام) قال: إن الله عز وجل أنزل على نبيه صلى الله عليه وآله كتابا قبل وفاته، فقال: يا محمد هذه وصيتك إلى النجبة من أهلك، قال: وما النجبة يا جبرئيل؟ فقال: علي بن أبي طالب وولده عليهم السلام، وكان على الكتاب خواتيم من ذهب فدفعه النبي صلى الله عليه وآله إلى أمير المؤمنين عليه السلام وأمره أن يفك خاتما منه ويعمل بما فيه، ففك أمير المؤمنين عليه السلام خاتما وعمل بما فيه، ثم دفعه إلى ابنه الحسن عليه السلام ففك خاتما وعمل بما فيه، ثم دفعه إلى الحسين عليهما السلام، ففك خاتما فوجد فيه أن اخرج بقوم إلى الشهادة، فلا شهادة لهم إلا معك واشر نفسك لله عز وجل، ففعل……) الكافي ج١/ ص٢٨٠.
فهذه الروايات وغيرها تبين ان قضية الامام الحسين (عليه السلام) تخطيطها الهي وكانت باختيار الامام الحسين (عليه السلام) وانه كان يعلم بأنه يقتل في هذه النهضة المقدسة، وهو اختار اعلاء ونصرة الدين، وقد ورد في خطبته (عليه السلام) عندما اراد الخروج من مكة متوجها إلى العراق ((فقال: الحمد لله، وما شاء الله، ولا حول ولا قوة إلا بالله وصلى الله على رسوله وسلم خط الموت على ولد آدم مخط القلادة على جيد الفتاة، وما أولهني إلى أسلافي اشتياق يعقوب إلى يوسف، وخير لي مصرع أنا لاقيه، كأني بأوصالي يتقطعها عسلان الفلوات، بين النواويس وكربلا، فيملآن مني أكراشا جوفا وأجربة سغبا لا محيص عن يوم خط بالقلم، رضى الله رضانا أهل البيت، نصبر على بلائه، ويوفينا أجور الصابرين، لن تشذ عن رسول الله لحمته، وهي مجموعة له في حظيرة القدس تقربهم عينه، وتنجز لهم وعده، من كان فينا باذلا مهجته، موطنا على لقاء الله نفسه فليرحل معنا فاني راحل مصبحا إنشاء الله)) (مثير الاحزان ص٢٩). (يراجع فاجعة الطف اية الله السيد محمد سعيد الحكيم ص١٥)
فتلخص من كل هذا ان قضية الامام الحسين (عليه السلام) لها خصوصية، فحركته لأجل احياء الدين، ولعل هذا مغزى ما يقال: من أن دين الاسلام كما انه محمدي الحدوث فهو حسيني البقاء.
وبهذا يتضح جليا ان الحكمة الالهية شاءت ان يسقي الامام الحسين (عليه السلام) شجرة الاسلام بكل ماعنده من الغالي والنفيس ويأبى الله الا ان يتم نوره ولو كره الكافرون.