بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
اهلاً وسهلاً بكم في شؤون الاسرة
ابنتي العزيزة انت تعاملي مع الاخرين من منطلق دينك وايمانك وما ارشدك اليه كتاب الله المجيد وتعاليم رسول الله واهل بيته الطاهرين صلوات الله عليه وعليهم اجمعين ، فالمؤمن الحقيقي يكون عمله وسلوكه منبعثاً مما تمليه عليه الشريعة المقدسة واحكامها وهي بدورها تعلمنا كيف نتعامل مع الاخرين المحسن منهم والمسيء القريب والبعيد والعدو والصديق فالدين هو المعاملة اي ان تعامل الانسان مع غيره كاشف عن عن حقيقة دينه وثباته واستقامته وقد يبتلى المؤمن ببلاء ليكون محطة اختبار وامتحان له او رفع منزلة ودرجة وحتى ان البلاء لا يفارق الانسان المؤمن بحال من الاحوال وقد ذكر القران الكريم الكثير من القصص التي تروي ابتلاءات الانبياء والصالحين وقد روي عن رسول الله صلى الله عليه وآله ( لا تكون مؤمنا حتى تعد البلاء نعمة والرخاء محنة، لأن بلاء الدنيا نعمة في الآخرة، ورخاء الدنيا محنة في الآخرة )
وعن صلى الله عليه وآله ( إن الله ليتعهد عبده المؤمن بأنواع البلاء كما يتعهد أهل البيت سيدهم بطرف الطعام )
وروي الإمام الكاظم عليه السلام ( لن تكونوا مؤمنين حتى تعدوا البلاء نعمة والرخاء مصيبة، وذلك أن الصبر عند البلاء أعظم من الغفلة عند الرخاء )
وعن الإمام العسكري عليه السلام ( ما من بلية إلا ولله فيها نعمة تحيط بها )
وروي عن الإمام علي عليه السلام ( إذا رأيت ربك يوالي عليك البلاء فاشكره، إذا رأيت ربك يتابع عليك النعم فاحذره )
وروي عن الامام الصادق عليه السلام ( إن أشد الناس بلاء الأنبياء، ثم الذين يلونهم، ثم الأمثل فالامثل )
وقد يبتلى المؤمن بشتى انواع الابتلاءات الا ان المؤمن حينما يلاحظ عظيم الاجر الذي اعده الله تعالى للصابرين والذين يتعاملون بايجابية مع هذه الامتحانات يهون عنده كل خطب وكل عسير لانه يتعامل مع الله تعالى ويرجو عظيم ثوابه كالطالب الذي يعرضه المدرس للامتحان فان الغاية منه تميزه عن غيره من الطلبة الكسالى وفي نفس الوقت يعده لنيل مرتبة اكمل ومرحلة اعلى وقد قال تعالى ( قُلْ يا عِبادِ الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا رَبَّكُمْ لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا فِي هذِهِ الدُّنْيا حَسَنَةٌ وَ أَرْضُ اللَّهِ واسِعَةٌ إِنَّما يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُمْ بِغَيْرِ حِسابٍ ) وقال تعالى ( يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَ الصَّلاةِ إِنَّ اللَّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ ) البقرة ١٥٣ .
وقد يبتلى المؤمن بسوء معاملة الابوين او احدهما وعلى المؤمن هنا ان يكون اكثر حكمة في التعامل مع هذا النوع من الابتلاء فمن جهة هو يعاملني بقسوة وشدة ومن جهة اخرى فان الله تعالى امرني بالبر به والاحسان اليه والمؤمن الحقيقي يتحرى رضا الله تعالى وعدم الوقوع في معصيته وسخطه فقد امرنا بعد عبوديته ان نحسن الى اباءنا وامهاتنا فقال تعالى ( وَ قَضى رَبُّكَ أَلاَّ تَعْبُدُوا إِلاَّ إِيَّاهُ وَ بِالْوالِدَيْنِ إِحْساناً إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِنْدَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُما أَوْ كِلاهُما فَلا تَقُلْ لَهُما أُفٍّ وَ لا تَنْهَرْهُما وَ قُلْ لَهُما قَوْلاً كَرِيماً * وَ اخْفِضْ لَهُما جَناحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ وَ قُلْ رَبِّ ارْحَمْهُما كَما رَبَّيانِي صَغِيراً ) الاسراء ٢٣ - ٢٤
وجاء عن النبي الاكرم صلى الله عليه واله ( ثلاثة من الذنوب تعجل عقوبتها ولا تؤخر إلى الآخرة : عقوق الوالدين ، والبغي على الناس ، وكفر الاحسان)
و قال الامام محمد بن علي الباقر (عليه السلام)
( ثلاث لم يجعل الله عزوجل لاحد فيهن رخصة : أداء الامانة إلى البر والفاجر ، والوفاء بالعهد للبر والفاجر ، وبر الوالدين برين كانا أو فاجرين )
فالركيزة الاساسية في التعامل مع الوالدين تنطلق من مبدأ الاحسان اليهما والبر بهما وعدم الاساءة لهما وجاء في دعاء الامام زين العابدين عليه السلام المروي في الصحيفة السجادية ( ( . اللهم وما تعديا ( يعني بذلك الوالدين ) علي فيه من قول، أو أسرفا علي فيه من فعل، أو ضيعاه لي من حق أو قصرا بي عنه من واجب فقد وهبته وجدت به عليهما، ورغبت إليك في وضع تبعته عنهما فإني لا أتهمهما على نفسي، ولا أستبطئهما في بري، ولا أكره ما تولياه من أمري يا رب فهما أوجب حقا علي، وأقدم إحسانا إلي وأعظم منة لدي من أن أقاصهما بعدل، أو اجازيهما على مثل، أين إذا يا إلهي طول شغلهما بتربيتي؟ وأين شدة تعبهما في حراستي؟ وأين إقتارهما على أنفسهما للتوسعة علي؟ هيهات ما يستوفيان مني حقهما، ولا ادرك ما يجب علي لهما ولا أنا بقاض وظيفة خدمتهما. فصل على محمد وآله وأعني يا خير من استعين به. ووفقني يا أهدى من رغب إليه، ولا تجعلني في أهل العقوق للآباء والامهات يوم تجزى كل نفس بما كسبت وهم لا يظلمون. )
واما تفكيرك بماذكرتِ فهو مما لا يفكر به مومنٌ اطلاقاً لان ذلك يتنافى مع كونه مؤمناً فقد روي عن الامام الصادق عليه السلام ( إن المؤمن يبتلى بكل بلية ويموت بكل ميتة، إلا أنه لا يقتل نفسه ) اضف الى ذلك ان هذا الفعل يكون حراماً يستوجب خلود صاحبه في النار نستجر بالله تعالى وذلك يتنافى ايضاً مع مبدأ الصبر على البلاء وهو يعد انهزاماً وفشلاً في الاختبار والامتحان
خلاصة الكلام هو
* ان نعود انفسنا على الصبر على البلاء ونحاول ان ننجح ولا ننهزم
* مهما اساء ابوك فكوني به بارة فستجدين اثر ذلك في الدنيا والاخرة
* تقربي بكل ما تفعلينه الى الله تعالى ولا تتنظري الجزاء من غيره ابداً
* لا تفكري ابداً بما يخالف دينكِ وايمانكِ
وفقكِ الله وازال عنك الهم
دمتم في رعاية الله وحفظه