logo-img
السیاسات و الشروط
هادي الساعدي ( 28 سنة ) - العراق
منذ سنتين

تفسير قول

السلام عليكم قال الامام الحسين عليه السلام لا تكلمنّ فيما لا يعنيك فإنّني أخاف عليك فيه الوزر ولا تكلمنّ فيما يعنيك حتّى ترى للكلام موضعا فربّ متكلّم قد تكلّم بالحقّ فعيب ولا تمارينّ حليماً ولا سفيهاً فإنّ الحليم يقليك والسّفيه يردي بك ممكن تفسير هذة القول


بسم الله الرحمن الرحيم هذه الرواية نقلها الشيخ أبو الفتح الكراجكي (قدّس سرّه) في كتابه كنز الفوائد (المجلّد ٢، صفحة ٣٢). ونقله وَرَّامُ بن أبي فراس (قدّس سرّه) في كتابه تنبيه الخواطر (المجلَّد ١، الصفحة ١٢) مع زيادات وبهذا اللفظ: ((لا تكلمنّ فيما لا يعنيك فإنّه أفضل، ولا آمَنُ عليك الوزر، ولا تكلمنّ فيما يعنيك حتّى ترى للكلام موضعا فربّ متكلّمٍ بحقٍّ تكلّم في غير موضعه فعيب، ولا تمارينّ سفيهاً ولا حليماً، فإنّ السفيه يؤذيك، والحليم يقليك)). أمّا قوله (ع): ((لا تَكَلَّمَنَّ فيما لا يَعنِيكَ)) فالظاهر أن المقصود: ترك الكلام حول الأخرين إذا لم يكن المتكلّم طرفاً في الموضوع، كمن يتكلّم حول سوء العلاقة بين فلانٍ وزوجته، أو حول شراء فلان للسلعة الكذائية، أو باع الشيء الكذائي، أو غير ذلك من القضايا التي لا علاقة للمتكلّم بها. وربما يتورّط المتكلّم بالوقوع في الحرام، كالغيبة، أو النميمة، أو الانتقاص من مؤمن، أو التشهير به، أو غير ذلك من المحرّمات، ولهذا قال (عليه السلام) بعد ذلك: ((فإنّني أخاف عليك فيه الوزر)) أو ((لا آمن عليك الوِزرَ))، والوِزرُ هو: الإثم. نعم يستثنى من ذلك ما إذا كان الكلام واجباً عليه شرعاً أو مستحباً، كما في موارد الأمر بالمعروف، والنهي عن المنكر. وأما قوله (ع): ((ولا تَكَلَّمَنَّ فيما يَعنِيكَ حَتَّى تَرَى للكلامِ مَوضِعاً)) فالمقصود: أن لا يتكلّم الإنسان مع شخص لا ينبغي الكلام مع أمثاله، فيكون قد وضع الكلام في غير موضعه اللائق به، كمن يتكلّم بالحقّ مع معاندٍ يعرف الحقّ ويتعمّد إنكاره، وكمن يتحدّث مع من يستهزئ به وبكلامه، ولهذا قال (عليه السلام) بعد ذلك: ((فرُبَّ مُتَكَلِّمٍ قد تكلَّم بالحقِّ فَعِيبَ))، أي: فعِيبَ عليه من قِبَل العقلاء، ويستحقُّ لومهم، وهذا شأن كلّ من يضع الأشياء في غير محلّها. وأمّا قوله (ع): ((ولا تمارينّ حليماً ولا سفيهاً، فإنّ الحليم يقليك والسّفيه يردي بك)) فالصحيح: يؤذيك وليس: يردي بك. وكلمة (تُمارِيَنَّ) مأخوذة من المِراء. والمِرَاءُ بحسب المستفاد من الروايات هو: الجدل لأجل غلبة الطرف الآخر، وهو منهيٌّ عنه في روايات أهل البيت (ع). والمقصود: أن يترك المِرَاءَ مع كل أحد، سواء كان. حليماً أم سفيهاً. ثم يبيّن الإمام (ع) بعض الآثار السلبيّة للمِراء والجدل، فلو جادل إنساناً عاقلاً حليماً فربما يتسبَّب الجدل في كراهية ذلك الحليم للمجادل، ولو جادل سفيهاً فربما يتأذّى من الجدل، وبالتالي ربما يؤذي مجادله. والله أعلم..

2