السلام عليكم ورحمة الله و بركاته ، مرحبًا بك أيها السائل الكريم
جاء في تفسير مجمع البيان - الشيخ الطبرسي - ج ١٠ - الصفحة ٤٨٥-٤٨٦:
المعنى: (قل هو الله أحد) هذا أمر من الله، عز اسمه، لنبيه (ص) أن يقول لجميع المكلفين: هو الله الذي تحق له العبادة. قال الزجاج: هو كناية عن ذكر الله، عز وجل، ومعناه الذي سألتم تبيين نسبته هو الله أحد أي: واحد. ويجوز أن يكون المعنى الأمر الله أحد، لا شريك له، ولا نظير. وقيل: معناه واحد ليس كمثله شئ، عن ابن عباس. وقيل: واحد في الإلهية والقدم. وقيل: واحد في صفة ذاته، لا يشركه في وجوب صفاته أحد، فإنه يجب أن يكون موجودا عالما قادرا حيا، ولا يكون ذلك واجبا لغيره. وقيل: واحد في أفعاله، لأن أفعاله كلها إحسان، لم يفعلها لجر نفع، ولا لدفع ضرر، فاختص بالوحدة من هذا الوجه، إذ لا يشركه فيه سواه، واحد في أنه لا يستحق العبادة سواه، لأنه القادر على أصول النعم من الحياة والقدرة والشهوة، وغير ذلك مما لا تكون النعمة نعمة إلا به، ولا يقدر على شئ من ذلك غيره، فهو أحد من هذه الوجوه الثلاثة، وقيل: إنما قال أحد، ولم يقل واحد، لأن الواحد يدخل في الحساب، ويضم إليه آخر. وأما الأحد فهو الذي لا يتجزأ، ولا ينقسم في ذاته، ولا في معنى
صفاته. ويجوز أن يجعل للواحد ثانيا، ولا يجوز أن يجعل للأحد ثانيا، لأن الأحد يستوعب جنسه بخلاف الواحد. ألا ترى أنك لو قلت: فلان لا يقاومه واحد، جاز أن يقاومه اثنان. ولما قلت لا يقاومه أحد، لم يجز أن يقاومه اثنان، ولا أكثر، فهو أبلغ. وقال أبو جعفر الباقر (ع) في معنى (قل هو الله أحد) أي: قل أظهر ما أوحينا إليك، وما نبأناك به بتأليف الحروف التي قرأناها عليك، ليهتدي بها من ألقى السمع وهو شهيد، وهو اسم مكنى مشار إلى غائب. فالهاء تنبيه عن معنى ثابت، والواو إشارة إلى الغائب عن الحواس، كما أن قولك هذا إشارة إلى الشاهد عند الحواس، وذلك أن الكفار نبهوا عن آلهتهم بحرف إشارة إلى المشاهد المدرك، فقالوا: هذه آلهتنا المحسوسة بالأبصار، فأشر أنت يا محمد إلى إلهك الذي تدعو إليه، حتى نراه وندركه، ولا نأله فيه. فانزل الله سبحانه: (قل هو الله أحد) فالهاء تثبيت للثابت، والواو إشارة إلى الغائب عن درك الأبصار، ولمس الحواس، وأنه يتعالى عن ذلك، بل هو مدرك الأبصار، ومبدع الحواس.
دمتم في رعاية الله