احسان هشام ( 24 سنة ) - بوركينا فاسو
منذ سنتين

دعاء الجوشن الكبير

ما معنى الكلمات الاتيه التي وردت في دعاء الجوشن الكبير (يا فاتِقُ، يا راتِقُ، يا سابِقُ، يا سامِقُ …)


السلام عليكم ورحمة الله و بركاته ، مرحبًا بك أيها السائل الكريم إنّ هاتين العبارتين امتداد لما سبقتها من صفات أو اسماء او مظاهر لعظمة الله تعالي من حيث الخلق والإبداع لمختلف الموجودات، وهنا يعرض الدعاء لمظهرين او إسمين او صفتين تتصلان بعظمة الله تعالي من حيث السماء والارض، حيث ان الرتق والفتق، اي: السد والفصل للأشياء، يظلان مظهرين لعظمة الله تعالي. ولكي تتضح دلالة هاتين الصفتين، أي (يا راتق) و (يا فاتق) يجدر بنا ان نتجه الي القرآن الكريم وتفسيره، حتى نتبين مفصلاً ما تعنيه العبارتان المتقدمتان. قال الله تعالي في القرآن الكريم «أَوَلَمْ يَرَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنَّ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ كَانَتَا رَتْقًا فَفَتَقْنَاهُمَا» (سورة الانبياء)، هنا نلفت نظرك الي ان الرتق والفتق يظلان مرتبطين بالسماء والارض: تبعاً لهذه الآية المباركة، وهذا ما اوضحه لنا الامام الباقر (عليه السلام) والامام الصادق (عليه السلام) حينما ذكراً بان السماء كانت رتقاً لا مطر، والارض كانت رتقاً لا تنبت، ففتق الله تعالي السماء بالمطر، وفتق الله تعالي الارض بالنبات. اذن، جاءت العبارتان الورادتان في دعاء الجوشن، (يا راتق، يا فاتق) مقتبستين من الآية المباركة المتقدمة، لتشيراً الي معطيين من معطيات الله تعالي: المطر والنبات، ولا حاجة للتعقيب على هذين المعطيين اللذين تعتمد حياة الانسان عليهما: كما هو واضح. بعد ذلك تواجهنا عباراتان يختم المقطع بهما، وهما: (يا سابق، يا سامق). هاتان العبارتان نعرض لدلالتهما اللغوية، فنقول: بالنسبة الي (سابق) فان (السبق) هو: عدم تقدم شيء علي السابقه وقد ورد في القرآن الكريم «وَمَا نَحْنُ بِمَسْبُوقِينَ»، اي: لم يسبقنا موجود بهذه الظاهرة او تلك، حيث وردت العبارة بفقرة «نَحْنُ قَدَّرْنَا بَيْنَكُمُ الْمَوْتَ»، المهم: ان مقطع الدعاء مادام قد استهل بمظاهر تتصل بالابداع او الخلق مثل (يا خالق، يا راتق، يا فاتق، ... المزید) حينئذ فان عبارة يا سابق، تظل واضحة الصلة بظاهرة الخلق وانه تعالي غير مسبوق بأحد سواه. و(السمق) او (السموق) تعني لغوياً: العلّو، وحينئذ اذا عرفنا ان هذه العبارة وردت في ختام المقطع الذي بدأ بعبارة(اللهم اني اسألك يا خالق) ثم بالعبارات المرتبطة بالخلق وبأشكاله التي لاحظناها من رتق وفتق، حينئذ نستخلص بوضوح بان الله تعالي وهو: العالي والمتعالي، انما ختم المقطع بهذه الصفة، وهي (العلو) سائر مظاهر العظمة، لان العلّو هو المتجانس تماماً مع عظمة ما يبدع تعالي من الظواهر: كما هو واضح. دمتم في رعاية الله

6