السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
إن الوارد في النقل التأريخي المتواتر المتناول لسرد ما حدث في كربلاء يوم العاشر من محرم وما جرى فيه على اهل بيت النبوة صلوات الله عليهم اجمعين إن الامام الحسين عليه السلام واهل بيته واصحابه عندما دفنوا بلا تغسيل ولا تكفين فقد نقل السيد المقرم قدس الله نفسه الزكية :- ولمّا أقبل السجّاد (عليه السلام) وجد بني أسد مجتمعين عند القتلى متحيّرين لا يدرون ما يصنعون، ولم يهتدوا إلى معرفتهم، وقد فرق القوم بين رؤوسهم وأبدانهم، وربما يسألون من أهلهم وعشيرتهم! فأخبرهم (عليه السلام) عمّا جاء إليه من مواراة هذه الجسوم الطاهرة، وأوقفهم على أسمائهم، كما عرّفهم بالهاشميين من الأصحاب فارتفع البكاء والعويل، وسالت الدموع منهم كل مسيل، ونشرت الأسديات الشعور ولطمن الخدود ، ثم مشى الإمام زين العابدين (عليه السلام) إلى جسد أبيه واعتنقه وبكى بكاءً عالياً، وأتى إلى موضع القبر ورفع قليلاً من التراب فبان قبر محفور وضريح مشقوق، فبسط كفّيه تحت ظهره وقال: (بسم الله وفي سبيل الله وعلى ملّة رسول الله، صدق الله ورسوله، ما شاء الله لا حوّل ولا قوّة إلاّ بالله العظيم)، وأنزله وحده لم يشاركه بنو أسد فيه، وقال لهم: (إنّ معي من يعينني)، ولمّا أقرّه في لحده وضع خدّه على منحره الشريف قائلاً: - (طوبى لأرض تضمّنت جسدك الطاهر، فإنّ الدنيا بعدك مظلمة، والآخرة بنورك مشرقة، أمّا الليل فمسهّد، والحزن سرمد، أو يختار الله لأهل بيتك دارك التي فيها أنت مقيم، وعليك منّي السلام يا ابن رسول الله ورحمة الله وبركاته) ، وكتب على القبر: (هذا قبر الحسين بن علي بن أبي طالب (عليه السلام)، الذي قتلوه عطشاناً غريباً) ، ثم مشى إلى عمّه العباس (عليه السلام) فرآه بتلك الحالة التي أدهشت الملائكة بين أطباق السماء، وأبكت الحور في غرف الجنان، ووقع عليه يلثم نحره المقدّس قائلاً: (على الدنيا بعدك العفا يا قمر بني هاشم، وعليك منّي السلام من شهيد محتسب ورحمة الله وبركاته) ، وشق له ضريحاً وأنزله وحده كما فعل بأبيه الشهيد، وقال لبني أسد: (إنّ معي من يعينني)! نعم ترك مساغاً لبني أسد بمشاركته في مواراة الشهداء، وعيّن لهم موضعين وأمرهم أن يحفروا حفرتين، ووضع في الأُولى بني هاشم، وفي الثانية الأصحاب وأمّا الحر الرياحي فأبعدته عشيرته إلى حيث مرقده الآن) ، انتهى ، وكذلك ما جاء في زيارة شهداء كربلاء كما في مزار الشيخ المفيد ونقله عنه صاحب البحار:- السلام على الأبدان السليبة ... المزیدالسلام على المدفونين بلا أكفان…. الخ الزيارة .
بل إن الدفن بلا تغسيل ولا كفن هو الموافق لما ورد عن النبي وآله فإن الوارد في روايات اهل البيت عليهم السلام على الصعيد الفقهي والذي انعكس على فتاوى الفقهاء في هذا المجال ان الشهيد لا يغسل ولا يكفن انما يدفن بدمائه وثيابه ، فكيف بسيد الشهداء عليه السلام فقد روى في الفقيه بإسناده عن أبي مريم الأنصاري عن الصادق (عليه السلام) أنه قال : ( الشهيد إذا كان به رَمَقٌ غُسِّلَ وكُفِّنَ وحُنِّطَ وصُلِّيَ عليه، وإن لم يكن به رَمَقٌ كُـفِّنَ في أثوابه ) ، وروى في الكافي عن علي بن إبراهيم عن أبيه عن حماد(بن عيسى) عن حريز عن إسماعيل بن جابر وزرارة عن أبي جعفر (عليه السلام)قال قلت له : كيف رأيت الشهيد يدفن بدمائه ؟ قال : ( نعم، في ثيابه بدمائه، ولا يحنط ولا يغسل، ويدفن كما هو )، ثم قال : (دَفَنَ رسولُ الله (ص) عَمَّهُ حمزة في ثيابه بدمائه التي أصيب فيها، ورداه النبيُّ صلى الله عليه واله وسلم برداءٍ فقصر عن رجليه فدعا له بأذخر فطرحه عليه، وصَلَّى عليه سبعين صلاةً، وكَبَّرَ عليه سبعين تكبيرة ) ،