1 - حميد بن زياد، عن ابن سماعة، عن محمد بن زياد، عن عبد الله بن سنان، ومعاوية ابن عمار، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: سألته عن المرأة المتوفى عنها زوجها أتعتد في بيتها أو حيث شاءت؟ قال: بل حيث شاءت، إن عليا عليه السلام لما توفي عمر أتى أم كلثوم فانطلق بها إلى بيته، هل هذه الرواية صحيحة؟ وهل تعني بزواج عمر من ام كلثوم؟
اهلا وسهلا بالسائل الكريم
يظهر لمن راجع كتب الحديث و التاريخ أن هناك أخباراً تقول بأن عمر بن الخطاب قد خطب أم كلثوم [1] بنت الإمام أمير المؤمنين ( عليه السَّلام ) وتزوجها وذلك في زمن خلافته ، وهذه الأخبار روتها كتب الفريقين .
المؤيدون لهذا الخبر ونواياهم :
ولقد حاول بعض أهل السنة استناداً إلى هذه الأخبار ـ. مع ما فيها من التناقضات والاختلافات ـ إثبات وجود علاقات
ودّية و صِلاتٍ حميمة بين الإمام أمير المؤمنين ( عليه السَّلام ) وبين عمر بن الخطاب ! الشيء الذي لا يمكن قبوله ،
ذلك لأن مواقف عمر تجاه أهل البيت ( عليهم السَّلام ) غير خافية ، فلو صحّ ذلك ، فما معنى غصب الخلافة ، وما معنى غصب فدك والتهديد بإحراق بيت الزهراء بمن فيه ، إلى غيرها من الأمور الجسيمة التي كان للخليفة عمر فيها الدور المباشر أو المؤثر .
هذا و يظهر للمتتبع لدى التحقيق ، أن معظم هذه الأخبار لا يمكن الاستناد إليها والاعتماد عليها ، إما لضعف أسنادها
ورواتها ، وأما لتضاربها و تناقضها بصورة واضحة [2] . تقييم هذا الخبر : ثم أن هناك في المقابل روايات أخرى تنفي بشدة وقوع مثل هذا الزواج ، كما أن بعض العلماء نفى بشدة وقوع مثل هذا الزواج ،
وفيما يلي نشير إلى نماذج منها :
1- عن عمر بن أُذينة قال : قيل لأبي عبد الله ( عليه السَّلام ) : أن الناس يحتجون علينا و يقولون : أن أمير المؤمنين
( عليه السَّلام ) زوّج فلانا ـ أي عمر ـ أبنته أُم كلثوم ، و كان ـ أي الإمام الصادق ـ متكأً فجلس و قال :
" و تقبلون أن علياً أنكح فلاناً ابنته ؟! إن قوما يزعمون ذلك لا يهتدون إلى سواء السبيل و لا الرشاد ... المزید " [3] .
2. قال الشيخ المفيد ( قدَّس الله نفسه الزَّكية ) في جواب المسائل السروية : " إن الخبر الوارد بتزويج أمير المؤمنين ( عليه السَّلام ) ابنته من عمر لم يثبت ، و طريقته من الزبير بن بكّار ، و لم يكن موثوقاً به في النقل
و كان متهماً فيما يذكره من بغضه لأمير المؤمنين ( عليه السَّلام ) و غير مأمون ، و الحديث نفسه مُختلفٌ فتارة يروي أن أمير المؤمنين تولّى العقد له على أبنته، وتارةً يروي عن العباس أنه تولّى ذلك عنه، وتارةً يروي أنه لم يقع العقد إلا بعد وعيد من عمر
وتهديد لبني هاشم ، و تارة يروي أنه كان عن اختيار و إيثار [4] .
ثم بعض الرواة يذكر أن عمر أولدها ولداً سمّاه زيداً ، و بعضهم يقول إن لزيد بن عمر عقباً ، و منهم من يقول إنه
و أمه قتلا ، و منهم من يقول إن أمه بقيت بعده ، و هذا الاختلاف مما يبطل الحديث " [5] .
هذا مضافا إلى أن المتتبع يجد أن الأخبار المذكورة في كتب أهل السنة قد اشتملت على أمور قبيحة ومشينة تتنافى مع الغيرة والحياء و الإيمان، وهذا مما يبعث على الشك في صحة هذه القضية من الأساس [6] ،
ويقوي في الذهن أن القضية مصطنعة بهدف الحط من شأن الإمام أمير المؤمنين ( عليه السَّلام ) و أهل بيته ، و النيل من كرامته و مقامه الشامخ ، الأمر الذي جهدت من أجله بنو أمية أعواماً متمادية .
كتب أُلفت في الموضوع :
أن عدداً من العلماء ناقشوا موضوع هذا الزواج من خلال دراسة تحليلية ، و كانت نتيجة دراستهم نفي وقوع مثل هذا الزواج ،
وفيما يلي نذكر أسماء بعض الكُتب التي أُلفت بهذا الخصوص :
1. إفحام الأعداء و الخصوم بتكذيب ما افتروه على سيدتنا أُم كلثوم ، للعلامة السيد ناصر حسين الموسوي الهندي ، تحقيق الشيخ محمد هادي الأميني .
2. رسالة في خبر تزويج أم كلثوم من عمر ، تأليف العلامة السيد علي الحسيني الميلاني . [1] السيدة أم كلثوم أسمها زينب الصغرى و كنيتها أم كلثوم ، وهي بنت الإمام أمير المؤمنين ( عليه السلام ) و أمها فاطمة الزهراء ( عليها السلام ) ، ولدت ما بين السنة السادسة و العاشرة للهجرة بالمدينة المنورة ، و رحلت مع أبيها إلى الكوفة ثم رجعت مع أخيها الحسن (عليه السلام ) إلى المدينة ، ثم حضرت كربلاء مع أخيها الحسين ( عليه السلام ) ثم رجعت مرة أخرى إلى المدينة مع أبن أخيها زين العابدين ( عليه السلام ) إلى المدينة ، و بقيت هناك حتى توفّاها الله في سنة 61 هجرية ، و دفنت في البقيع ، و قيل أنها خرجت إلى الشام مع أختها زينب الكبرى و ماتت و دفنت هناك . يراجع : دائرة المعارف الحسينية ، تاريخ المراقد : 1 / 171 ، لآية الله المُحقق الشيخ محمد صادق الكرباسي ( حفظه الله ) .
[2] يراجع : الاستيعاب ، لأبن عبد البر : 3 / 1367 ، و الإصابة ، لأبن حجر : 3 / 44 ، و أُسد الغابة : 4 / 157 .
[3] موسوعة الإمام الصادق (عليه السَّلام): 9 / 680، للعلامة السيد كاظم القزويني…الطبعة الأولى، سنة: 1418، قم / إيران .
[4] لمزيد من المعلومات حول رواة هذا الخبر عند أهل السنة ، وما جاء فيهم من أنهم غير موثوقين راجع : الاستيعاب ،
لأبن عبد البر : 3 / 1367 ، و الإصابة ، لأبن حجر : 3 / 44 ، و أُسد الغابة : 4 / 157 .
[5] لمزيد من التفصيل يراجع : بحار الأنوار ( الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار ( عليهم السلام ) ) : 42 / 107 ، للعلامة الشيخ محمد باقر المجلسي ، المولود باصفهان سنة : 1037 ، و المتوفى بها سنة : 1110 هجرية ، طبعة مؤسسة الوفاء ، بيروت / لبنان ، سنة : 1414 هجرية .
[6] لمزيد من التفصيل يراجع : الذرية الطاهرة : 157 ، للدولابي ، و الطبقات الكبرى : 8 / 462 ، لأبن سعد ، و تاريخ بغداد : 6 / 182 ، للخطيب البغدادي ، و الاستيعاب : 4 / 1954 ، لأبن عبد البر . منقول