تفسير القران الكريم
السلام عليكم ماتفسير الاية من سورة الفرقان قُلْ مَا يَعْبَؤُاْبِكُمْ رَبِّى لَوْلاَ دُعَآؤُكُمْ فَقَدْ كَذَّبْتُمْ فَسَوْفَ يَكُونُ لِزَامَا(77)﴾
السلام عليكم ورحمة الله و بركاته ، مرحبًا بك أيها السائل الكريم جاء في الامثل في تفسير كتاب الله المنزل ، للشيخ ناصر مكارم الشيرازي، الجزء : 11 صفحة : 325-326: هذه الآية التي هي الآية الأخيرة في سورة الفرقان، جاءت في الحقيقة نتيجة لكل السورة، و للأبحاث التي بصدد صفات «عباد الرحمن» في الآيات السابقة، فيقول تبارك و تعالى مخاطبا النّبي صلّى اللّه عليه و آله و سلّم: قُلْ ما يَعْبَؤُا بِكُمْ رَبِّي لَوْ لا دُعاؤُكُمْ. «يعبؤ» من مادة «عبء» بمعنى «الثقل»، و على هذا فجملة لا يعبأ يعني لا يزن، و بعبارة أخرى لا يعتني. و لو أن احتمالات كثيرة ذكرت هنا في مسألة معنى الدعاء، لكن أساس جميعها يعود إلى أصل واحد. فذهب البعض: إن الدعاء هو نفس ذلك المعنى المعروف للدعاء. بعض آخر فسّره بمعنى الإيمان. و بعض بمعنى العبادة و التوحيد. و آخر، بمعنى الشكر. و بعض: بمعنى التضرع إلى اللّه في المحن و الشدائد. لكنّ أساس جميعها هو الإيمان و التوجه إلى اللّه. و بناء على هذا، يكون مفهوم الآية هكذا: إن ما يعطيكم الوزن و القيمة و القدر عند اللّه هو الإيمان باللّه و التوجه إليه، و العبودية له. ثمّ يضيف تعالى: فَقَدْ كَذَّبْتُمْ فَسَوْفَ يَكُونُ لِزاماً. من الممكن التصور أن تضادا بين بداية الآية و نهايتها، أو أنّه لا يبدو على الأقل الارتباط و الانسجام اللازم بينهما، و لكن إذا دققنا قليلا يتّضح أنّ المقصود أساسا هو: أنّكم قد كذبتم فيما مضى بآيات اللّه و بأنبيائه، فإذا لم تتوجهوا إلى اللّه، و لم نسلكوا طريق الإيمان به و العبودية له، فلن تكون لكم أية قيمة أو مقام عنده، و ستحيط بكم عقوبات تكذيبكم. [1] و من جملة الشواهد الواضحة التي تؤيد هذا التّفسير، الحديث المنقول عن الإمام الباقر عليه السّلام، أنّه سئل: «كثرة القراءة أفضل أو كثرة الدعاء»؟ فقال عليه السّلام: «كثرة الدعاء أفضل و قرأ هذه الآية». [2] [1]- الآية أعلاه من الآيات التي هي مورد مناقشات كثيرة بين المفسّرين، و ما قلناه في تفسيرها هو أوضح تفسير، لكن جماعة من المفسّرين المعروفين ذكروا لها تفسير آخر خلاصته هكذا. لا اعتناء للّه بكم، ذلك لأنّكم كذبتم بآياته، إلّا أن اللّه يدعوكم إلى الإيمان (طبقا لهذا التّفسير: «دعاؤكم» من قبيل إضافة المصدر إلى المفعول، و فاعله ضمير يعود إلى «ربّي». لكن طبقا للتفسير الذي اخترناه فإن «دعاؤكم» من قبيل إضافة المصدر إلى الفاعل، و ظاهر إضافة المصدر إلى الضمير هي أن تكون الإضافة إلى الفاعل، إلّا أن تظهر قرينة على خلافه). ثمّة تفسير ثالث لهذه الآية و هو أنّ الهدف بيان: إنّكم أيّها البشر، غالبا ما سلكتم طريق التكذيب، فلا وزن و لا قدر لكم عند اللّه، إلّا لأجل تلك الأقلية مثل «عباد الرحمن» الذين يتوجهون إلى اللّه و يدعونه بإخلاص (هذا التّفسير و إن كان صحيحا من ناحية المعنى و المضمون، لكنّه لا يوافق ظاهر الآية كثيرا، ذلك لأنّ الضمير في «دعاؤكم» و «كذبتم» يعود ظاهرا إلى فئة واحدة لا فئتين (فتأمل!). [2]- تفسير الصافي، ذيل هذه الآية- نقلوا لهذه الرّواية أيضا تفاسير أخرى يتفاوت يسير، نقلت أيضا روايات أخرى شاهدة على التّفسير أعلاه، بعضها عن أمالي الشيخ الطوسي، و بعضها عن تفسير علي بن إبراهيم ذيل هذه الآية. دمتم في رعاية الله