logo-img
السیاسات و الشروط
( 19 سنة ) - العراق
منذ سنتين

عمر بن الخطاب لعنه الله

ماذا قال مولانا امير المؤمنين علي عليه السلام عن عمر الخطاب لعنه الله عندما جاء لمبايعته


اهلا وسهلا بالسائل الكريم رثاء علي عليه السلام لعمر في نهج البلاغة كلام يقال : إنه لأمير المؤمنين « عليه السلام » في رثاء بعض الناس ، زعم بعضهم : أن المقصود به عمر بن الخطاب ، وهو الكلام التالي : « لله بلاء فلان ، فقد قوّم الأود ، وداوى العمد ، خلف الفتنة ، وأقام السنة ، ذهب نقيَّ الثوب ، قليل العيب . أصاب خيرها ، وسبق شرها . أدى إلى الله طاعته واتقاه بحقه . رحل وتركهم في طرق متشعبة ، لا يهتدي فيها الضال ، ولا يستيقن المهتدي » 1 . ونقول : لم يثبت لنا : أنه « عليه السلام » قد قال ذلك في حق عمر بن الخطاب ، لأن النصوص قاصرة عن إثبات ذلك ، فلاحظ ما يلي : 1 ـ قال الطبري : « حدثنا عمر ، قال : حدثنا علي ، قال : حدثنا ابن دأب وسعيد بن خالد ، عن صالح بن كيسان ، عن المغيرة بن شعبة ، قال : لما مات عمر بكته ابنة أبي حثمة ، فقالت : وا عمراه ، أقام الأود ، وأبرأ العمد ، أمات الفتن ، وأحيا السنن . خرج نقي الثوب ، بريئاً من العيب . قال : وقال المغيرة ابن شعبة : لما دفن عمر أتيت علياً « عليه السلام » وأنا أحب أن أسمع منه في عمر شيئاً ، فخرج ينفض رأسه ولحيته ، وقد اغتسل وهو ملتحف بثوب ، لا يشك أن الأمر يصير إليه ، فقال : يرحم الله ابن الخطاب ، لقد صدقت ابنة أبي حثمة ، لقد ذهب بخيرها ، ونجا من شرها . أما والله ، ما قالت ، ولكن قولت » 2 . والظاهر : أن المغيرة قد حوَّر هذا الكلام ، لأن قوله « عليه السلام » : ما قالت ولكن قوّلت ، يشير إلى : أن الآخرين قد طلبوا منها أن تقول ذلك ، أو أنهم قد نسبوا إليها أمراً لم تقله ، وهذا لا يتلاءم مع قوله « عليه السلام » : لقد صدقت . فلعل الذي قال : يرحم الله ابن الخطاب ، لقد صدقت هو المغيرة . . فأجابه علي « عليه السلام » مقسماً بالله . . أنها ما قالت هي ذلك ، ولكن قولت . . أي أنه أمر مدبر بليل ، إما بالإملاء عليها ، أو بافتراء القول على لسانها . . ويدلُّ على ذلك : ذيل الكلام السابق ، وهو قوله : « رحل وتركهم في طرق متشعبة ، لا يهتدي فيها الضال ، ولا يستيقن المهتدي » 2 ـ إن الشريف الرضي « رحمه الله » لم يصرح باسم عمر بن الخطاب ، بل الموجود فيه هكذا : « ومن كلام له « عليه السلام » : لله بلاء فلان ، فقد قوّم الأود إلخ . . » . وإنما اجتهد بعض الناس في تطبيق هذا الكلام على عمر . . والظاهر : أنهم أخطأوا في اجتهادهم هذا . 3 ـ ذكر القطب الراوندي : أنه « عليه السلام » مدح بهذا الكلام بعض أصحابه بحسن السيرة ، وأنه مات قبل الفتنة التي وقعت بعد رسول الله « صلى الله عليه وآله » ، من الإختيار والإيثار 3 ، أي اختيار غير علي « عليه السلام » ، وإيثار غيره عليه . 4 ـ زعمت الجارودية من الزيدية : أن مراده « عليه السلام » عثمان ، وقالوا : إنه مدح يراد به الذم والتهكم 4 . 5 ـ ذكر ابن أبي الحديد المعتزلي : أن المقصود هو عمر بن الخطاب ، وحجته في ذلك : أن السيد فخار بن معد الموسوي الأودي الشاعر حدثه : أنه وجد النسخة التي بخط الرضي . . وتحت فلان : عمر 5 . ونقول : هذا لا يصلح دليلاً على ذلك ، إذ لا شيء يثبت أن الرضي « رحمه الله » هو الذي كتب كلمة « عمر » ، فلعل صاحب النسخة ومالكها هو الذي كتب كلمة « عمر » تحت قوله : فلان . . وذلك اجتهاداً منه ، حيث رأى ـ بزعمه ـ : أن هذه الصفات تنطبق على عمر دون سواه . ولو أن الرضي قد كتب ذلك لكان أدخله في عنوان الخطبة وشطب كلمة « فلان » من النص ، كما فعل في سائر الموارد ، وقال : ومن كلام له « عليه السلام » في عمر بن الخطاب . 6 ـ إن المعروف من رأي أمير المؤمنين « عليه السلام » في عمر بن الخطاب يخالف هذا الكلام . . وسيأتي بعض ما قاله فيه ، حيث سنذكر فقرات من الخطبة المعروفة بالشقشيقة . ولو فرض أن علياً « عليه السلام » هو القائل ، فلا بد أن يراد به معنى يتناسب مع نظرة علي « عليه السلام » ، والكلام موهم في نفسه محتمل لمعاني متضادة . . 7 ـ ومما يدلُّ على أن ثمة تصرفاً في النص : أن ابن عساكر يروي هذا الحديث من دون كلمة « لقد صدقت ابنة أبي حثمة » فهو يقول : « لما كان اليوم الذي هلك فيه عمر ، خرج علينا علي مغتسلاً ، فجلس ، فأطرق ساعة ، ثم رفع رأسه فقال : لله در باكية عمر قالت : وا عمراه ، قوم الأود ، وأبرأ العمد ، وا عمراه ، مات نقي الثوب ، قليل العيب ، وا عمراه ذهب بالسنة ، وأبقى الفتنة » 6 . وزاد في أخرى : فقال علي : « والله ما قالت ، ولكن قولت » 7 . وفي نص آخر لابن عساكر : أنه « عليه السلام » قال : « أصدقت » ؟! 8 ، على سبيل الإستفهام ، ولم يقل : لقد صدقت . ثم إن الشيخ التستري اعتبر أن قوله : ذهب بخيرها ونجا من شرها . يراد به : أنه استفاد منها ، ولم يصبه أي مكروه ، فهو نظير قوله « عليه السلام » في الخطبة الشقشقية : لشد ما تشطرا ضرعيها 9 . (السيد جعفر مرتضى العاملي - رحمه الله - ) ——————————————————————————— 1. نهج البلاغة (ط مؤسسة الأعلمي ـ بيروت) ص 473 و (ط دار الذخائر ـ قم سنة 1412هـ) ج2 ص222 والإيضاح لابن شاذان ص540 وشرح نهج البلاغة للمعتزلي ج12 ص3 . 2. تاريخ الأمم والملوك (ط مؤسسة عز الدين ـ بيروت سنة 1405 هـ) ج2 ص218 و(ط مؤسسة الأعلمي) ج3 ص285 والفايق في غريب الحديث ج1 ص50 و(ط دار الكتب العلمية) ج1 ص59 وراجع : البداية والنهـايـة ج7 ص158 وشرح نهج البلاغة للمعتزلي ج 12 ص 5 و 164 وتاريخ المدينة لابن شبة ج 3 ص941 والكامل في التاريخ لابن الأثير ج 3 ص 61 وغريب الحديث لابن قتيبة ج1 ص291 . 3. منهاج البراعة في شرح نهج البلاغة للراوندي ج2 ص402 وعنه في شرح نهج البلاغة للمعتزلي (ط دار مكتبة الحياة سنة 1963 م) ج3 ص754 و (ط مؤسسة إسماعيليان) ج12 ص4 وراجع : مصباح البلاغة (مستدرك نهج البلاغة) ج1 ص 60 ـ 62 . 4. شرح نهج البلاغة للمعتزلي ج3 ص 753 و754 و(ط مؤسسة إسماعيليان) ج12 ص4 . 5. المصادر السابقة . 6. تاريخ مدينة دمشق ج44 ص457 ومختصر تاريخ دمشق ج19 ص48 و49 وكنز العمال ج12 ص700 . 7. تاريخ مدينة دمشق ج44 ص458 ومختصر تاريخ دمشق ج19 ص48 و49 وراجع : شرح نهج البلاغة للمعتزلي ج12 ص5 وتاريخ الأمم والملوك ج3 ص285 والكامل في التاريخ ج3 ص61 والبداية والنهاية ج7 ص158 . 8. بهج الصباغة (ط دار أمير كبير ـ طهران ـ إيران سنة 1418هـ) ج9 ص482 . 9. المصدر السابق .

9