أنا شيعية، لكن تأتيتي الكثير من الشكوك حول بعض الأمور،
منها ما نقوم به نحن الشيعة من التبرك بالأضرحة و تقبليها و التدفاع من أجل الوصول للضريح وهو عبارة عن حديد، صحيح أن المدفون معصوم، لكن ألسنا نتشاجر على صنم مثل المشركين؟؟،
أولسنا نهتم لزيارة الأربعين أكثر من الحج؟؟ ونتشوق للأربعين أكثر من الحج!؟
كيف يمكن لعقلي وقلبي أن يتيقّن أنّ مذهب الشيعة ليس إشراك بالله؟،
أريد جوابا يُبعد هذه الشكوك ويدلُّني على الطريق المستقيم، كلّما بحثت في البرنامج لم أجد الجواب الذي أريده، لذا اتمنى الإجابة عليّ بوضوح.
بسم الله الرحمن الرحيم
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته
اهلا بكم في تطبيقكم المجيب
اختنا الكريمة لابد ان نعرف ما هو الشرك حتى اولا حتى نعرف ان هذه الامور تعد من الشرك او لا تعد منه
الشرك له انواع عديدة
فهناك الشرك في الالوهية وهناك شرك في الربوبية وهناك شرك في العبادة وغير ذلك من انواع الشرك.
واجمالا اقول لكم ان من يعتقد ان هناك اله مع الله وهو الشرك في الالوهية
او ان الله تعالى ليس هو من يدير الكون فقط وانما هناك من يشاركه في ادارة الكون وهو الشرك في الربوبية
وايضا من يعبد مع الله تعالى ويجعل في عبادته غير الله فانه شرك في العبادة
فهذه الامور القلبية ان اعتقد بها الانسان باي واحد منها فانه قد دخل في الشرك
والان ناتي ونسال هل من يتوجه للقبر الشريف ويريد ان يحظى بتقبيله فهو مشرك او لا؟
وهنا نسال
لتحقيق الحال
هل هذا الزائر بهذا العمل يعتقد بان هذا الضريح او الامام المدفون فيه هو إله مع الله تعالى ام لا؟
ام انه يعتقد ان هذا الامام رب من دون الله وانه مستقل عن الله تعالى في ادارة الكون ولذلك يتوجه اليه الشيعة حتى يستجيب لهم من دون الله تعال؟
ام انهم يتوجهون له بالعبادة ويجعلونه شريكا لله في صلاتهم وصيامهم فيقولون اصلي قربة لله وللامام؟
بالتاكيد الجواب واضح جدا لابسط شيعي
فلا يوجد شيعي صغيرا كان فضلا عن الكبير يعتقد ان الامام هو إله ثاني غير الله تعالى
ولا يوجد شيعي يعتقد ان الامام رب من دون الله تعالى وانه يقضي الحوائج ويشفي المرضى ويرزق حتى لو يرد الله تعالى ذلك فهكذا شيء لا يد عند واحد من الشيعة وانما العقيدة التي هي عند الجميع ان هذا الامام بشر مخلوق من الله تعالى وانه ضعيف وفقير إلى ابعد مستوى الفقر والحاجة بحد نفسه لكن الله تعالى فضلهم واكرمهم وقربهم لانهم عباد اخلصوا لله تعالى في كل حياتهم وبذلوا الغالي والنفيس في طاعته
وهذا غير ما لاقوه من الظلم والقهر من الظالمين فشردوهم وقتلوهم فنالوا بكل هذا المقام العظيم عند الاه تعالى فاذا توجه اليهم عبد بحاجة فهو يتوجه إلى الله ويعلم ان الله تعالى هو من يقضي حاجته الا ان الامام له منزلة عند الله تعالى وان الله تعالى لا يرده اذا ساله قضاء حاجة عبده.
وهذه الامكانية والقدرة التي اعطاها الله تعالى لهم قد بينها القران الكريم وضرب لها امثلة لها في صريح القران الكريم: ((وَرَسُولاً إِلى بَنِي إِسْرائِيلَ أَنِّي قَدْ جِئْتُكُمْ بِآيَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ أَنِّي أَخْلُقُ لَكُمْ مِنَ الطِّينِ كَهَيْئَةِ الطَّيْرِ فَأَنْفُخُ فِيهِ فَيَكُونُ طَيْراً بِإِذْنِ اللَّهِ وَ أُبْرِئُ الْأَكْمَهَ وَ الْأَبْرَصَ وَ أُحْيِ الْمَوْتى بِإِذْنِ اللَّهِ وَ أُنَبِّئُكُمْ بِما تَأْكُلُونَ وَ ما تَدَّخِرُونَ فِي بُيُوتِكُمْ إِنَّ فِي ذلِكَ لَآيَةً لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ))(سورة آل عمران، آية 49)
فعيسى (على نبينا واله وعليه السلام) يخلق ويرزق ويعلم الغيب كله باذن الله تعالى فاذا كان هذا حال نبي الله عيسى (عليه السلام) فكيف بمن هو افضل منه وهم محمد واهل بيته الطاهرين فيمكن ان يخلقوا ويمكن ان يرزقوا ويمكن ان يعلموا الغيب وكله باذن الله تعالى
اذا اتضح كل هذا يتضح جليا جواب سؤالكم
فان الناس تتدافع للوصول إلى الضريح الشريف انما هو لشدة حبهم للامام وسبب حبهم للامام هو حبهم لرسول الله (صلى الله عليه واله) وسبب حبهم لرسول الله (صلى الله عليه واله) هو حبهم لله تعالى
فلاحظي اختي الكريمة المبالغة في حب اهل البيت (عليهم السلام) انما هو يرجع إلى حب الله تعالى
ولذا نحن لا نحب اعداء الله تعالى فيزيد وامثاله ممن يهدم الدين وقتل ذرية رسول الله (صلى الله عليه واله) فانا نبغضه اشد البغض ليس لشيء الا لأنه تمرد على الله تعالى باعلى مستويات التمرد
فاين الشرك في هذا العمل
فنحن ان لم نكن نفهم عمق العقيدة عند الاخرين نذهب ونتهمهم بكل سهولة بالشرك ام لابد ان نتعمق في العقيدة والفكر كي نكون على مستوى من العمق الذي يؤهلني لفهم الناس وعدم التهمة لهم.
اما قضية الاهتمام باهل البيت (عليهم السلام) ولا نهتم بالحج فهذا الكلام ليس دقيقا وذلك اننا لم تتيسر لنا الفرصة في الحج كما تيسرت لنا في زيارة اهل البيت (عليهم السلام) وبعبارة اوضح ان الطريق إلى الحج ليس شيئا ميسورا للجميع وكل من يريد الذهاب للحج فانه يتيسر له الذهاب او يتيسر لنا ان نخدم الحجيج كما هو متيسر لما خدمة الزوار فعليه لا يمكن ان نجعل المقارنة بين امرين مع اختلاف تفاصيل الظروف بينهما هذا اولا
وثانيا: هذه المفاضلة ليست صحيحة من جهة اخرى وهي اننا لو فرضنا اهتمامنا بما يرتبط باهل البيت (عليهم السلام) اكثر من اهتمامنا بالحج فهذا لا ينتج ان هؤلاء مشركون نعم اقصى ما يدل انهم اخطأوا في تقييم الامور كمن يفضل الالتزام بالصوم على الالتزام بالصلاة فتجد بعض الناس تصوم ولكن لا تصلي فهذا لا يعني انهم مشركون ونما يعني انهم مقصرون في جانب وان كانوا مطيعين في جانب اخر فالنتيجة التي يريدها جنابكم الكريم لا يمكن تحقيقها من جهة تفضيل ما يرتبط باهل البيت (عليهم السلام) على الحج
ثالثا: من قال لك ان الشيعة لا يهتمون بالحج فهذا كلام غير صحيح فعندما ينفتح التسجيل على الحج فان مئات الالاف يسجلون في القرعة عسى ان يكون الحج من نصيبهم ولكن لا يذهب منهم الا بضعة الالف
رابعا: الحج مقيد من الله تعالى بالاستطاعة وليس هو واجب على كل فرد وليس مطلوبا من الجميع الحج وانما يخاطب المستطيع بالحج وبالتاكيد المستطيع نسبته ليست كبيرة فكثير من الناس حالهم الفقر ان لم نقل تحت خط الفقر
بينما زيارة اهل البيت (عليهم السلام) ليس فيه تقييد بالاستطاعة بل الجميع يذهب إلى زيارتهم وان زيارة الاربعين شعيرة الجميع ولعل الفقراء الذين هم الاكثر وهم السائرون إلى امامهم والجميع تعلق قلبه باهل البيت (عليهم السلام) وبالامام الحسين (عليه السلام) ويريد ان يواسي اهل البيت (عليهم السلام) بهذا المصاب
فاذا اتضحت النسبة المطلوبة في الحج والنسبة بين الحج وبين زيارة الاربعين عندها تتضح جليا اثار كل واحد منهما وهذا لا يعني انهم لا يهتمون بالحج وانما الحج هو خاص بفئة قليلة وبالتاكيد المظاهر الخارجية تناسب الاشخاص المخاطبين بالحج والمخاطبين بالزيارة.
وهذا المقدار يكفي مع اني اطلت قليلا
واخر دعوانا ان الحمة لله رب العالمين وصلى الله على محمد واله الطاهرين
تحياتي لكم
ودمتم بحفظ الله ورعايته