logo-img
السیاسات و الشروط
عبدالله الموسوي ( 21 سنة ) - العراق
منذ 3 سنوات

قصة النبي يوسف

سلام عليكم هل الحسد يعد العامل الرئيسي في تصرف اخوة يوسف في القى اخاهم في البئر؟


السلام عليكم ورحمة الله و بركاته ، مرحبًا بك أيها السائل الكريم الظاهر من التدبر في قصة النبي يوسف (عليه السلام)،نجد ان الحسد من ابرز العوامل في إقدام اخوة يوسف عليه السلام على ذلك الفعل المشين ،فيقدّم النص القرآني نموذجاً جديداً من السلوك الحاسد ، متمثلا في السلوك الذي أقدم عليه إخوة يوسف ، ونعني به : إلقاءهم إيّاه في الجبّ . لقد أدرك يعقوب (عليه السلام) عندما قصّ عليه يوسف (عليه السلام) حُلمه وعندما رأى هو بنفسه حُلُماً في هذا الصدد ، أدرك أنّ إخوة يوسف سيتحرّك الحسد من خلال أعماقهم مادام يوسف أثيراً لدى والده ويحظى بحنانه وبخاصة أ نّه كان صغيرهم ، وكان أجملهم وجهاً . وكذلك كان الأمر بالنسبة إلى أخ صغير آخر لهم ، هو بنيامين . ولذلك حذّر يوسف (عليه السلام) من أن يحكي حلمه لإخوته ، إلاّ أنّ يوسف قصّ الرؤيا عليهم . ليس في القرآن ما يدلّ على أنّ يوسف قصّ الرؤيا عليهم ، وإنّما أُثير حسدهم على يوسف ممّا رؤا أنّ يوسف أحبّ إلى أبيهم منهم ، كما نصّ القرآن عليه هنا ، وفي قوله : ﴿يَخْلُ لَكُمْ وَجْهُ أَبِيكُمْ﴾ حينما يحكي القرآن صورة المؤامرة من الإخوة على يوسف (عليه السلام) . وفعلا جاء ردّ الفعل على قصّ الحُلُم عليهم في شكل محاولة شرّيرة سبقَتها مشاعر وأحاسيس واضحة الانتساب إلى الحسد . إذ قال بعضهم لبعض : ﴿قالُوا : لَيُوسُفُ وأَخُوهُ أَحَبُّ إِلى أَبِينا مِنّا ونَحْنُ عُصْبَةٌ﴾ ﴿إِنَّ أَبانا لَفِي ضَلال مُبِين﴾ إنّ هذا الحوار الجمعي بين الإخوة يكشف عن تحرّك الحسد في أعماقهم مادام الأمر متصلا بيوسف وأخيه لأبيه واُمه . فهذا الانتساب وحده كاف في تفجير الحسد مضافاً إلى ذلك أنـّهما كانا صغيرين . والصغير عادة يظلّ موضع حسد الأكبر منه . يضاف إلى ذلك التفوّق في الملامح الجسدية . وهذا عنصر مثيرٌ ثالث للحسد . أمّا العنصر الرابع المُثير للحسد ، فهو إيثار هذين الصغيرين لدى أبيهما . وأخيراً . . . كان الحلم هو المثير أو المنبّه الأكبر لتفجير الحسد ، حيث أدرك الإخوةُ تماماً أنّ نجمَ أخيهم سيتألّق ، لأنّ رمز الحُلُم هو سجود الأحد عشر كوكباً له ، بل حتى الشمس والقمر يسجدان له أيضاً . وإذن لنا أن نتصوّر كم سيكون حجم الحسد كبيراً لدى الإخوة مادام الأمر يصل إلى ذوبان شخصياتهم تماماً وتلاشيها قبال شخصية يوسف (عليه السلام) ؟ ومن هنا جاء ردّ الفعل أو الاستجابة على النحو الذي قصّه القرآنُ علينا : ﴿لَيُوسُفُ وأَخُوهُ أَحَبُّ إِلى أَبِينا مِنّا ونَحْنُ عُصْبَةٌ﴾ إنّ تحاورهم فيما بينهم من أنّ يوسف (عليه السلام) وأخاه أحبّ إلى أبيهم منهم ، يفصح عن مرارة المشاعر التي تلفّ أعماقهم . بل إنّ قولهم ﴿وَنَحْنُ عُصْبَةٌ﴾ يجسّد قمّة المشاعر الحاسدة ، ومعنى قولهم المتقدم : إنّهم جماعةً يتعصّب بعضهم لبعض ، ويعين بعضُهم البعضُ الآخر ، هذا النحو من التفكير بعقلية العُصبة إنّما يكشف عن أعماق لم تصل إليها يدُ التهذيب بعدُ . بل إنّهم ذهبوا أكثر من ذلك : لقد دفعهم الحسدُ إلى أن يتّهموا أباهم بالضلال . لقد قالوها بصراحة : ﴿إِنَّ أَبانا لَفِي ضَلال مُبِين﴾ دمتم في رعاية الله

4