السلام عليكم ورحمة الله وبركاته..
كيف نثبت بأنّ الله تعالى صادق وأنّ ما ورد في القرآن كلّه حقّ؟ وإذا كان دليل ذلك أنّ الكذب حيلة العاجز والله تعالى ليس بعاجز، فكيف نثبت أنّ اللّٰه تعالى ليس بعاجز؟
بسم الله الرحمن الرحيم
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته
اهلا بكم في تطبيقكم المجيب
لاننا نعتقد ان الله تعالى عليم وحكيم وغني ومن كان هكذا لا يمكن ان يفعل القبيح
اما انه عليم وحكيم فان هذا الكون بكل ما فيه امامك والذي اعجز العقول عن ان يدركوا غوره وان يسبروا اسراره فهذه الدقة العظيمة في مخلوقاته تكشف عن عظيم علم الباري وتنظيمها بكل هذه الدقة يظهر عظيم الحكمة
اما انه تعالى غني فالفقير لشيء لا يمكن ان يصدر منه كل شيء فكل شي من ابداعه وخلقه فكيف يفتقر إلى شيء من خلقه فهذا خلاف كونه الخالق والمبدع لجميع الخلق
اذا اتضح ذلك نقول
ما هي اسباب الكذب؟
فان كان سببه جهل المتكلم بأنه لا يعلم ما يكون فيكذب فهذا مستحيل في حق الباري تعالى لأنه علام الغيوب وان كان يعلم ويكذب فهذا لا يخلو من امرين
اما لعدم الحكمة وانه يكذب عبثا ولعبا فهذا مستحيل لأنه تعالى حكيم في اعلى مراتب الحكمة كما تقدم ولا يصدر منه عبثا ولا لعبا
واما لأجل منفعة لنفسه ينتفهعا وهذا مستحيل ايضا لأنه تعالى غني عن العالمين ولا يمكن ان يحتاج إلى شي فكل شيء هو من بديع صنعه وعظيم قدرته فكيف يعقل افتقاره واحتياجه بل هو الغني عن العالمين.
ومايجدر ملاحظته ان الكذب لغة : هو الاخبار بما هو خلاف الواقع فتقول كذَب الشَّخصُ : أخبر عن الشّيء بخلاف ما هو عليه في الواقع
واذا اردنا تطبيق ذلك فيما جاء بالقران الكريم فانه ينحصر في قصص الانبياء والامم السابقة وهذه لا معنى للكذب فيها من الله تعالى وذلك
اولا: انها وردت لأجل نصح الانسان وتحمل العبر والفوائد للانسان الاخلاقية والتربوية وهذه يصدقها جبلة الانسان وفطرته الانسانية
ثانيا: اثبتت التنقيبات الاثرية الكثير من هذه الاخبارات القرانية كاصحاب الكهف وما يرتبط بنبي الله ابراهيم وقبور الانبياء والصالحين الذين اخذوا من المسلمات وتناقلت عن الامم يدا بيد.
ثالثا: ماورد في تاريخ الامم الذي كتبه من كان معاصرا لتلك الاحداث
رابعا: يؤكد ذلك ماجاء في التوراة والانجيل فقد اخبرت عن تلك الامم السابقة وهو يؤكد صحة ماجاء في القران الكريم.
اما ماجاء في القران الكريم غير هذه الاخبارات من الاحكام الشرعية والاخلاقيات والاخبارات الغيبية فهذه لاتوصف بالكذب نعم توصف بالحق والباطل ولهذا تفصيل لا يسعه المقام لكن اقول بنحو الاجمال
ان هذه الاحكام الشرعية هي واحدة من معجزات القران الكريم فان فيها من الدقة والشمولية ما ليس في شريعة غيرها لا سماوية ولا ارضية فهي بنفسها تنبئ عن حقانيتها وانها حق وخير للانسان
اما الاخبارات الغيبية كالجنة والنار والنعيم والجحيم فهذه يدل على لزوم وجودها العقل قبل النقل فان مقتضى العدل الالهي وحكمته ان الانسان لم يخلق لهذه الدنيا فلابد بمقتضى حكمة الله تعالى ان يكون هناك عالم اخر ارقى واعلى من هذا العالم تتجلى فيه حكمته من خلق عباده بما اعده لهم من المقامات والمنازل العظيمة
ومقتضى عدله تعالى ان لا يتساوى الكافر مع المؤمن والمذنب والمفسد مع المطيع والمصلح فمن هنا كان لكل واحد ما يستحقه فالكافر والعاصي والمسيء يستحق جزاء كفره وعمله والمؤمن والمطيع والمصلح يستحق جزاء ايمانه وعمله.
فاذا جاء القران واخبر عن تفاصيل النعيم والجحيم وما في جنان والنار كان منسجما تمام مع حكم العقل وما وصل اليه من النتائج.
فيثبت ان كل ما ورد في القران صدق وحق لاباطل فيه.
تحياتي لكم
ودمتم بحفظ الله ورعايته