قطارة الامام علي
السلام عليكم ماحقيقة وجود بناء الراهب في قطارة الامام علي ؟ وماهي القصة الحقيقية للراهب وهل هو فعلا في القطارة ام في براثا. ارجوا الاجابة
السلام عليكم ورحمة الله و بركاته ، مرحبًا بك أيها السائل الكريم ان حادثة القطارة تختلف عن حادثة براثا ،ونجيب عن سؤالكم بعدة نقاط: ١- إنّ الكرامة التي حصلت في زمن أمير المؤمنين علي بن ابي طالب (عليها السلام ) ثابتة ، وقد ذكرت في العديد من الكتب ،، فقد أوردها الشيخ الصدوق ( قدس سره ) في الأمالي : 251، مسندة إلى حبيب بن الجهم قال : لمّا دخل بنا علي بن أبي طالب عليه السلام إلى بلاد صفّين ، نزل بقرية يقال لها صندوداء ، ثمّ أمرنا فعبرنا عنها ، ثمّ عرّس بنا في أرض بلقع ، فقام إليه مالك بن الحارث الأشتر ، فقال : يا أمير المؤمنين : أتنزل الناس على غير ماء؟ فقال : « يا مالك ، إنّ الله عزّ وجلّ سيسقينا في هذا المكان ماءً أعذب من الشهد ، وألين من الزبد الزلال ، وأبرد من الثلج ، وأصفى من الياقوت » ، فتعجّبنا ولا عجب من قول أمير المؤمنين عليه السلام. ثمّ أقبل يجرّ رداءه ، وبيده سيفه حتّى وقف على أرض بلقع ، فقال : « يا مالك احتفر أنت وأصحابك ». فقال مالك : احتفرنا فإذا نحن بصخرة سوداء عظيمة ، فيها حلقة تبرق كاللجين ، فقال لنا : « روموها » ، فرمناها بأجمعنا ، ونحن مائة رجل ، فلم نستطع أن نزيلها عن موضعها ، فدنا أمير المؤمنين عليه السلام رافعاً يده إلى السماء يدعو ، وهو يقول : « طاب طاب مريا عالم طيّبوا ثابوثه شمثيا كوبا حاحانو ثاتو ديثابر حوثا آمين آمين ربّ العالمين ربّ موسى وهارون » ، ثمّ اجتذبها فرماها عن العين أربعين ذراعاً. قال مالك بن الحارث الأشتر : فظهر لنا ماء أعذب من الشهد ، وأبرد من الثلج ، وأصفى من الياقوت ، فشربنا وسقينا ، ثمّ ردّ الصخرة ، وأمرنا أن نحثو عليها التراب. ثمّ ارتحل ، فما سرنا إلاّ غير بعيد قال : « من منكم يعرف موضع العين »؟ فقلنا : كلّنا يا أمير المؤمنين ، فرجعنا فطلبنا العين ، فخفي مكانها علينا أشدّ خفاء ، فظننا أنّ أمير المؤمنين عليه السلام قد رهقه العطش ، فأومأنا بأطرافنا ، فإذا نحن بصومعة راهب فدنونا منها ، فإذا نحن براهب قد سقط حاجباه على عينيه من الكبر ، فقلنا : يا راهب عندك ماء نسقي منه صاحبنا؟ قال : عندي ماء قد استعذبته منذ يومين ، فأنزل إلينا ماء مرّاً خشناً ، فقلنا : هذا قد استعذبته منذ يومين؟ فكيف لو شربت من الماء الذي سقانا منه صاحبنا؟ وحدّثناه بالأمر ، فقال : صاحبكم هذا نبيّ؟ قلنا : لا ، ولكنّه وصيّ نبيّ. فنزل إلينا بعد وحشته منّا ، وقال : انطلقوا بي إلى صاحبكم ، فانطلقنا به ، فلمّا بصر به أمير المؤمنين عليه السلام قال : « شمعون »؟ قال الراهب : نعم شمعون ، هذا اسم سمّتني به أُمّي ، ما أطلع عليه أحد إلاّ الله تبارك وتعالى ، ثمّ أنت ، فكيف عرفته؟ فأتمّ حتّى أتمّه لك. قال : « وما تشاء يا شمعون »؟ قال : هذا العين واسمه ، قال : « هذا العين راحوما وهو من الجنّة ، شرب منه ثلاثمائة وثلاثة عشر وصيّاً ، وأنا آخر الوصيّين شربت منه ». قال الراهب : هكذا وجدت في جميع كتب الإنجيل ، وأنا أشهد أن لا إله إلاّ الله ، وأنّ محمّداً رسول الله ، وأنّك وصيّ محمّد صلى الله عليه وآله. ثمّ رحل أمير المؤمنين عليه السلام والراهب يقدمه حتّى نزل بصفّين ، ونزل معه بعابدين ، والتقى الصفّان ، فكان أوّل من أصابته الشهادة الراهب ، فنزل أمير المؤمنين عليه السلام ـ وعيناه تهملان ـ وهو يقول : « المرء مع من أحبّ ، الراهب معنا يوم القيامة ، ورفيقي في الجنّة » ٢- إنّ المكان الذي ذكر في الروايات ، هي قرية صندوداء ، ومكانها بالتحديد كما ذكر صاحب كتاب مراصد الاطلاع ج ٢ص ٨٥٣، صندوداء قرية كانت فى غربىّ الفرات فوق الأنبار، خربت، وبها مشهد لعلى بن أبى طالب رضى الله عنه. وفي كتاب معجم البلدان ٣: ٤٢٥ ". صندوداء: موضع بين العراق والشام " ٣- لم نعثر على مصدر معتبر يذكر لنا وجود القطارة في كربلاء . ٤-يذكر بعض المحققين ان المكان المذكور يحتمل مرور سبايا كربلاء به ،أو مرور جيش أمير المؤمنين علي بن ابي طالب عليه السلام حين ذهابه إلى حرب صفين أو حين العودة من الحرب لكن لم تذكر وقوع الكرامة في كربلاء. واما حادثة براثا تختلف عن حادثة القطارة ،ويظهر من التأمل في الرواية التي نقلت تلك الحادثة عدة أمور: الأمر الأول : إن الحادثة وقعت بعد الرجوع من واقعة النهروان، حيث نزل الإمام عليه السلام وعسكره في براثا ، فسمع بذلك الراهب ودار الحوار بينهما فقال الراهب : من هذا؟ ومن رئيس هذا العسكر؟ فقيل له: هذا أمير المؤمنين وقد رجع من قتال أهل النهروان. فجاء الحباب مبادراً يتخطى الناس حتّى وقف على أمير المؤمنين (عليه السلام) فقال: السلام عليك يا أمير المؤمنين حقاً حقاً. فقال (عليه السلام) له: وما علمك بأني أمير المؤمنين حقّاً حقّاً؟ قال له: بذلك أخبرنا علماؤنا وأحبارنا. فقال (عليه السلام) له: يا حباب. فقال له الراهب: وما علمك باسمي؟ فقال (عليه السلام) : أعلمني بذلك حبيبي رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) . فقال له الحباب: مد يدك فأنا أشهد أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله وأنك علي بن أبي طالب وصيه. فقال له أمير المؤمنين (عليه السلام) وأين تأوي؟ فقال: أكون في قلاية لي ههنا، فقال له أمير المؤمنين (عليه السلام) : بعد يومك هذا لا تسكن فيها، ولكن ابن ههنا مسجداً وسمه باسم فبناه رجل اسمه براثا فسمّى المسجد ببراثا باسم الباني له. فالمستفاد من هذا المقطع المتقدم يبين لنا مقام أمير المؤمنين عليه السلام حيث كان يعلم بأسم الراهب فلذا تعجب من ذلك، وعليه دخل الإسلام على يد الإمام عليه السلام. النقطة الثانية : نلاحظ في المقطع الاخر من الرواية ، سؤال الإمام عليه السلام عن قضية شرب الماء عندما سأله لماذا لاتحفر بئرا فقال :كلما حفرنا بئراً وجدناها مالحة غير عذبة وأراد من ذلك أن يبين مقامه العالي ومنزلته العظيمة عند الله وولايته التكوينية في تحويل الأشياء إلى أشياء أخرى بأذن الله ،فحول الماءالمالح إلى ماء عذب فحفروا بئرا فوجدوا حجارة لم يستطيوا ان يقلعوها فقلعها الإمام ،وماتقدم من معنى يتضح من المقطع عندما سأله لماذا لاتحفر بئر فقال :كلما حفرنا بئراً وجدناها مالحة غير عذبة ثم قال (عليه السلام) من أين تشرب يا حباب! فقال: يا أمير المؤمنين من دجلة ههنا، قال (عليه السلام) : فلم لا تحفر ههنا عيناً أو بئراً؟ فقال له: يا أمير المؤمنين كلما حفرنا بئراً وجدناها مالحة غير عذبة، فقال له أمير المؤمنين (عليه السلام) : أحفر ههنا بئراً فحفر فخرجت عليهم صخرة لم يستطيعوا قلعها، فقعلها أمير المؤمنين (عليه السلام) فانقلعت عن عين أحلى من الشهد وألذ من الزبد. النقطة الثالثة: لم تذكر المصادر التي نقلت الرواية أن جيش الإمام كانوا عطاشى بل ذكرت المصادر ان الإمام قد بادر إلى سؤال الراهب ، من أين تشرب وأراد بذلك ان يظهر كرامته في قلع تلك الحجارة التي عجزوا عن تحريكها وإخراج الماء عذبا بعد ان كان الراهب يحفر البئر فيكون ماءها مالحا. دمتم في رعاية الله