توزيع المال
س / هل هنالك فرق بين المجاهدين والقاعدين في توزيع المال في حكومة أمير المؤمنين ع ؟؟ يعني المجاهد اله اكثر راتب من القاعد ؟؟
السلام عليكم ورحمة الله و بركاته ، مرحبًا بك أيها السائل الكريم إنّ امير المؤمنين علي (عليه السلام) سار على سنة رسول الله(صلى الله عليه واله )بكون العطاء بالسوية ، فعند ما أعلن الرسول قيام الدولة الإسلامية في المدينة المنورة ، أمره الله سبحانه و تعالى أن يوزع ما زاد عن نفقات الدولة على رعاياها ، و بالسوية ، لا فضل في ذلك لعربي على أعجمي ، و لا لمهاجر على أنصاري ، و لا لسيد على مولى ، فقام الرسول بتنفيذ هذا الأمر الإلهي طوال عهده الخالد ، ولم يفرق في ذلك بين إنسان و إنسان ، حتى صار عمله سنة فعلية واجبة الإتباع ، علاوة على أنها أمر إلهي . وكان هدف الإمام أن يعيد شرع الله و سنة نبيه ، و من أبرزها تقسيم المال بين الناس بالسوية لأنها سنة تميز دين الإسلام عملياً و نظامه السياسي عن غيره ، و تشكل الأساس للنظام الإقتصادي الإسلامي ، و تشكل تأميناً ضد البطالة و العوز ، و تضمن تلبية الحاجات الأساسية لكل أفراد المجتمع الإسلامي ، و لأنها الفائدة العملية التي يجنيها كل فرد من وجود الدولة . لذلك أعطى الإمام اهتمامه لهذه السنة التي أوشك الناس أن يتناسوها ، بعد أن هجرها الخليفتان قرابة عشرين سنة و حملا الناس على تناسيها و تركها بقوة الدولة و سلطانها . ولم تكن مهمة الإمام سهلة فقد أحدث الخليفتان الثاني و الثالث انقلاباً حقيقياً بالمفاهيم و القيم ، و لذلك وجد الإمام مقاومة عنيفة من كل أولئك الذين استفادوا في العهود السابقة من عدم التسوية في العطاء ، فكان الإمام يسألهم : « أليس كان رسول الله يقسم بالسوية بين المسلمين ؟! » و كان طوال عهده المبارك يقسم المال بالسوية ، و يأخذ لنفسه العطاء الذي يأخذه أي واحد من الناس ، بل إن الإمام بذل جهوده لاسترجاع الأموال التي خص بها الخليفتان الثاني و الثالث أفراد الطبقة المترفة على اعتبار أنها أموال عامة أخذوها بغير حق ، و لا تسقط بالتقادم ! و تابع أئمة الهدى ما بدأه الإمام ، حتى أصبح واضحاً للخاصة و العامة بأن التسوية بالعطاء جزء لا يتجزأ من الشريعة و ليس من حق الحاكم و لا المجتمع ، أن يحرم إنساناً من هذا الحق الإلهي الثابت ثبوتاً مطلقاً كحق الإنسان بالحياة والحرية . قال الإمام علي لأخيه عقيل بن أبي طالب: « ما أنا و أنت فيه ـ يعني في بيت المال و بالعطاء ـ إلا بمنزلة رجلين من المسلمين » . و قال ( عليه السلام ) في بيان عمله الحاسم بسنة رسول الله ، و رده المستحدثات : « و أعطيت كما كان رسول الله يعطي بالسوية ، ولم أجعلها دولة بين الاغنياء ». و قال لما عوتب على تصييره الناس أسوة في العطاء من غير تفضيل أولي السابقات و الشرف: « أتأمروني أن أطلب النصر بالجور فيمن وليت عليه ؟ والله ما أطور به ما سمر سمير ، و ما أمّ نجم في السماء نجماً ، و لو كان المال لي لسويت بينهم فكيف و إنما المال مال الله . ألا و إن إعطاء المال في غير حقه تبذير و إسراف ، و هو يرفع صاحبه في الدنيا و يضعه في الآخرة ، و يكرمه في الناس و يهينه عند الله . ولم يضع امرؤ ماله في غير حقه و لا عند غير أهله إلا حرمه الله شكرهم و كان لغيره ودهم ، فإن زلت به النعل يوما فاحتاج إلى معونتهم فشر خدين و ألام خليل ) ! » . و جاءه الصحابيان طلحة بن عبيد الله و الزبير بن العوام ، يطلبان التفريق و التفضيل بالعطاء! « فقالا له : إنا أتينا إلى عمالك على قسمة هذا الفئ ، فأعطوا كل واحد منا مثل ما أعطوا سائر الناس ، قال : و ما تريدان ؟ قالا : ليس كذلك كان يعطينا عمر . قال : فما كان رسول الله يعطيكما ؟ فسكتا ، فقال : أليس كان يقسم بالسوية بين المسلمين من غير زيادة ؟ قالا : نعم . قال : أفسنة رسول الله أولى بالإتباع عندكما أم سنة عمر ؟ قالا : سنة رسول الله ، و لكن يا أمير المؤمنين لنا سابقة و غناء و قرابة ، فإن رأيت أن لا تسوينا بالناس فافعل ، قال : سابقتكما أسبق أم سابقتي ؟ فقالا سابقتك ، قال الإمام : فقرابتكما أم قرابتي ؟ قالا : قرابتك ، قال الإمام : فغناؤكما أعظم أم غنائي ؟ قالا : غناؤك ، فقال الإمام : فوالله ما أنا و أجيري هذا إلا بمنزلة واحدة ، و أومئ بيده إلى الأجير » . دمتم في رعاية الله