logo-img
السیاسات و الشروط
امير المياحي ( 26 سنة ) - العراق
منذ 5 سنوات

صفات المتقين

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ماهي صفات المتقين؟


وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته الكلام الجامع الذي جمع صفات المتقين هو كلام أمير المؤمنين (عليه السلام) لهمّام في وصف المتقين فقد وصف المتقين له بقوله:"…فالمتقون فيها هم أهل الفضائل : منطقهم الصواب ، وملبسهم الاقتصاد ، ومشيهم التواضع ، غضوا أبصارهم عمّا حرم الله عليهم ، ووقفوا أسماعهم على العلم النافع لهم ، نزلت أنفسهم منهم في البلاء كالذي نزلت في الرخاء ، لولا الأجل الذي كتب الله عليهم لم تستقر أرواحهم في أجسادهم طرفة عين ، شوقاً إلى الثواب ، وخوفاً من العقاب .عظُم الخالق في أنفسهم فصغر ما دونه في أعينهم ، فهم والجنة كمَن قد رآها ، فهم فيما منعمون ، وهم والنار كمَن قد رآها فهم فيها معذبون ، قلوبهم محزونة وشرورهم مأمونة ، أجسادهم نحيفة ، وحاجاتهم خفيفة ، وأنفسهم عفيفة ، صبروا أياماً قصيرةً أعقبتهم راحة طويلة ، تجارة مربحة يسرها لهم ربهم ، أرادتهم الدنيا فلم يريدوها وأسرتهم ففدوا أنفسهم منها . أمّا الليل فصافون أقدامهم ، تالين لأجزاء القرآن ، يرتلونه ترتيلاً يحزنون به أنفسهم ، ويستشيرون به دواء دائهم ، فإذا مروا بآية فيها تشويق ركنوا إليها طمعاً ، وتطلعت نفوسهم إليها شوقاً ، وظنوا أنّها نصب أعينهم ، وإذا مروا بآية فيها تخويف أصغوا إليه مسامع قلوبهم ، وظنوا أنّ زفير جهنم وشهيقها في أصول آذانهم . فهم حانون على أوساطهم ، مفترشون لجباههم ، وأكفهم ، وركبهم ، وأطراف أقدامهم ، يطلبون إلى الله تعالى فكاك رقابهم . وأمّا النهار فحلماء ، علماء ، أبرار ، أتقياء ، قد براهم الخوف بري القداح ينظر إليهم الناظر فيحسبهم مرضى ، وما بالقوم من مرض ، ويقول : قد خولطوا ولقد خالطهم أمر عظيم لا يرضون من أعمالهم القليل ، ولا يستكثرون الكثير ، فهم لأنفسهم متهمون ، ومن أعمالهم مشفقون ، وإذا زكي أحد منهم خاف ممَّا يقال له فيقول : أنا أعلم بنفسي من غيري ، وربي أعلم منّي بنفسي ، اللهمّ لا تؤاخذني بما يقولون ، واجعلني أفضل ممَّا يظنون واغفر لي ما لا يعلمون . فمن علامة أحدهم أنّك ترى له قوة في دين ، وحزماً في لين ، وإيماناً في يقين وحرصاً في علم ، وعلماً في حلم ، وقصداً في غنى ، وخشوعاً في عبادة ، وتجملاً في فاقة ، وصبراً في شدة ، وطلباً في حلال ، ونشاطاً في هدى ، وتحرجاً عن طمع يعمل الأعمال الصالحة وهو على وجل ، يمسي وهمّه الشكر ، ويصبح وهمّه الذكر يبيت حذراً ، ويصبح فرحاً: حذراً لما حذر من الغفلة ، وفرحاً بما أصاب من الفضل والرحمة . إن استصعبت عليه نفسه فيما تكره ، لم يعطها سؤلها فيما تحب ، قرة عينه فيما لا يزول ، وزهادته فيما لا يبقى ، يمزج الحلم بالعلم ، والقول بالعمل ، تراه قريباً أمله ، قليلاً زلله ، خاشعاً قلبه ، قانعةً نفسه ، منزوراً أكله ، سهلاً أمره حريزاً دينه ، ميتةً شهوته ، مكظوماً غيظه ، الخير منه مأمول ، والشر منه مأمون . إن كان في الغافلين كتب في الذاكرين ، وإن كان في الذاكرين ، لم يكتب من الغافلين ، يعفو عمَّن ظلمه ، ويعطي مَن حرمه ، ويصل مَن قطعه ، بعيداً فحشه ليناً قوله ، غائباً منكره ، حاضراً معروفه ، مقبلاً خيره ، مدبراً شره . في الزلازل وقور ، وفي المكاره صبور ، وفي الرخاء شكور ، لا يحيف على مَن يبغض ، ولا يأثم فيمَّن يحب ، يعترف بالحق قبل أن يشهد عليه ، لا يضيع ما استحفظ ، ولا ينسى ما ذكر ، ولا ينابز بالألقاب ، ولا يضار بالجار ، ولا يشمت بالمصائب ، ولا يدخل في الباطل ، ولا يخرج من الحق . إن صمت لم يغمه صمته ، وإن ضحك لم يعلُ صوته ، وإن بغي عليه صبر حتى يكون الله هو الذي ينتقم له ، نفسه منه في عناء ، والناس منه في راحة ، أتعب نفسه لآخرته ، وأراح الناس من نفسه ، بعده عمَّن تباعد عنه زهد ونزاهة ، ودنوه ممَّن دنا منه لين ورحمة ، ليس تباعده بكبر وعظمة ، ولا دنوه بمكر وخديعة ". قال : فصعق همام صعقة كانت نفسه فيها ، فقال أمير المؤمنين (عليه السلام) :" أَما والله لقد كنت أخافها عليه". خطب نهج البلاغة: خطبة١٩٣).

4