السلام عليكم
ما معنى عبارة الاثار الوضعية
مرة قرأت منشور مضمونه اذا اكلت اكل حرام ولم تعلم انه حرام ،هنا انت غير محاسب مع هذا الاثار الوضعية تبقى تأثر عليك ممكن توضيح لهذا الكلام وهل هو صح ام خطأ؟
السلام عليكم ورحمة الله و بركاته ، مرحبًا بك أيها السائل الكريم
إنّ الأثر الروحي المترتب على أكل الأطعمة، كاللحوم مثلاً، فالحيوان خلقه الله سبحانه وتعالى، فليس لك أن تذبحه أو تأكله إلا على أساس اسم الله، فتعيش حالة من العبودية لله سبحانه وتعالى، في طعامك وشرابك.
وقد ثبت اليوم في علم الأغذية، أن للأغذية تأثيراً على الأخلاق والمعنويات عن طريق التأثير في الغدد وإيجاد الهرمونات.
وهذا ما يعبر عنه بالآثار الوضعية التي تترك مجموعة من الآثار على الفرد متى ما قام بفعل من الأفعال وأتى به خارجاً.
فقد تترك مجموعة من الآثار السلبية مثلاً، على النطفة التي ستتكون من الغذاء الذي تناوله، مما يسبب خروج المولود، إما بنحو مشوه في الخلق، أو منحرف عن التعاليم الدينية، والقيم الأخلاقية.
لا شك في أن للطعام و الشراب آثاراً صحية و جسمية و روحية و نفسية و معنوية كثيرة غير قابلة للإنكار سواءً علمنا بها أم لم نعلم، فمن يأكل طعاماً طيباً و نظيفاً و طاهراً و حلالاً ليس كمن يأكل الطعام الخبيث و النجس و الحرام قطعاً، ذلك لأن لطيب المأكل و المشرب و حليتهما أو حرمتهما آثاراً كثيرة على حياة الإنسان ، بل و قد تتعدى هذه الآثار إلى غيره أيضاً أو تنتقل إلى ذريته.
إن الطعام له الأثر الوضعي بالبداهة، فمن يأكل حراما او مغصوبا فانه يتجرأ على ارتكاب المحرمات الأخرى أكثر فأكثر وقد يحرم التوفيق للعديد من الطاعات.
ولذا وردت روايات كثيرة تحث على الوقوف عند الشبهات "فَإِنَّ الْوُقُوفَ عِنْدَ الشُّبُهَاتِ خَيْرٌ مِنَ الِاقْتِحَامِ فِي الْهَلَكَات"،مع انها بعد الفحص مما يجوز شرعاً اقتحامها، بل حتى المكروهات فان لها أثرها الوضعي فمثلا: يكره اكل طعام السوق وقد عُلّل في بعض الروايات بان الفقراء تقع أعينهم عليه ولا يستطيعون شراءه، لذا فان البركة تُسلب منه وذلك نوع من الأثر الوضعي.
ان التدبر الدقيق يقودنا إلى ان سبب الكثير من النزاعات ورواج سوق الغيبة والتهمة والنميمة والظلم والاستبداد وشبه ذلك هنا وهناك، يعود إلى الاثار الوضعية للطعام الحرام الذي قد امتلأت البطون منه.
ولذا اعتبر الإمام الحسين (عليه السلام) ان اعداءه ما وقفوا بوجهه لان بطونهم ملئت من الحرام وقال: "قال لهم وَيْلَكُمْ مَا عَلَيْكُمْ أَنْ تُنْصِتُوا إِلَيَّ فَتَسْمَعُوا قَوْلِي وَإِنَّمَا أَدْعُوكُمْ إِلَى سَبِيلِ الرَّشَادِ فَمَنْ أَطَاعَنِي كَانَ مِنَ الْمُرْشَدِينَ وَمَنْ عَصَانِي كَانَ مِنَ الْمُهْلَكِينَ وَكُلُّكُمْ عَاصٍ لِأَمْرِي غَيْرُ مُسْتَمِعٍ قَوْلِي فَقَدْ مُلِئَتْ بُطُونُكُمْ مِنَ الْحَرَامِ وَطُبِعَ عَلَى قُلُوبِكُمْ وَيْلَكُمْ أَ لَا تُنْصِتُون ... المزید "([24])
وان أكل الحرام الثبوتي والشبهة مما كان واقعه محرماً يسلب التوفيق ويؤثر أثره الوضعي حتى مع الجواز الظاهري، وذلك تماماً كمن اضطر لأكل الميتة في الصحراء او لشرب المسكر خوفا على نفسه من الهلاك او غير ذلك فانه سوف يسكر حتماً حتى لو جاز له شرب الخمر بل حتى لو وجب عليه إذا خاف بترك شربه الموت.
ومن هنا نجد ان الكثير من الرجال في الغرب سُلبت منهم الغيرة بسبب أكلهم للحوم الخنزير، وقد ثبت علميا ان الخنزير عديم الغيرة على انثاه وان أكل لحمه له هذا الأثر.
وعليه فلا بد لنا ان نتحرى عن الطيب الواقعي قدر المستطاع لكن الواجب هو الطيب الظاهري والعرفي فقط إلا ان ذلك لا ينفي وجود الاثر التكويني الوضعي فيما لو صادف الحرام، فاحتط يا من قد رعاك الله!! إن الطعام له الأثر الوضعي بالبداهة، فمن يأكل حراما او مغصوبا فانه يتجرأ على ارتكاب المحرمات الأخرى أكثر فأكثر وقد يحرم التوفيق للعديد من الطاعات.
دمتم في رعاية الله