( 14 سنة ) - العراق
منذ سنتين

معركه الطف

لماذا الامام الحسين عليه السلام لم ينصب خيامه بالقرب من المشرعه لانه لو خيم بالقرب من الخيم لما عطش اطفاله و عياله


السلام عليكم ورحمة الله و بركاته ، مرحبًا بك أيها السائل الكريم إنّ الامام الحسين عليه السلام تعامل بواقعية عند وضعه الخطة العسكرية للحرب ،بمعسكره لا يبعد عن شاطئ الفرات بأكثر من خمسمائة متر وهي مسافة لا أهمية لها للفارس الذي يريد الوصول إلى المكان والسؤال الذي يبدو واقعياً، لماذا لم يختر الإمام موقعاً على النهر ويبني معسكره على ذلك الموقع في الإجابة نقول: 1- منطقة شاطئ الفرات المسمى فيما بعد بالعلقمي، منطقة مكشوفة يمكن محاصرتها بسهولة، ولما كانت المنطقة فيها النخيل والأشجار فلا تصلح كمعسكر إذ يمكن تعريضها للنيران بسهولة حتى من مكان بعيد، إذ بمعنى آخر يمكن القضاء على معسكر الإمام بالنيران فقط ودون أي قتال، أو على الأقل يمكن تشتيت قوته بفعل هجوم أو بفعل النيران. 2- يرى البعض؛ لو كان الإمام قد اختار معسكره في المكان المناسب الذي اختاره ثم وضع قوة على النهر، أي أن يكون للإمام معسكران أحدهما في المرتفع المذكور والآخر على شاطئ النهر. في الجواب نقول: أنّ القوة التي كانت مع الإمام لم تكن كافية لإيجاد معسكرين في العدد متلاحمة في مكان واحد، لأن وجودهما في نقطة واحدة يجعلها قوة مشتتة وهذا ما كان يخشاه الإمام كثيراً وكان يعمل على تجنبه عند وقوع الهجوم من قبل العدو، حيث كانت قوته محدودة في وسط بحر متلاطم من الأعداء فكان يخشى لهذه القوة أن تتبعثر وتتشتت مما يفقدها تمركزها القتالي. من هنا نجد أنّ الإمام (عليه السلام) كان قد رتب أصحابه يوم عاشوراء على أعلى درجات التنظيم من أجل أن لا تتشتت هذه القوة أثناء الهجوم. وهذا ما نلاحظه في موضع المعسكر الذي بناه، فقد جاء معسكره على شكل هلال حتى تتم المواجهة مع العدو في أصغر نقطة ممكنة، لأن زيادة طول جبهة القتال ليس في صالح المعسكر الذي لا يملك إلاّ أعدداً محدودة من المقاتلين، وقد نوّه الطبري إلى ذلك قائلاً: وأخذوا لا يقدرون على أن يأتوهم إلاّ من وجه واحد لاجتماع أبنيتهم وتقارب بعضها في بعض، فلما رأى ذلك عمر بن سعد أرسل رجالاً يقوضونها على إيمانهم وعن شمائلهم ليحيطوا بهم، فأخذ الثلاثة والأربعة من أصحاب الحسين يتخللون البيوت فيشدون على الرجل وهو يقوّض وينصب فيقتلونه ويرمونه من قريب. 3- وقد طرح السؤال المتقدم على احد المحققين فأجاب: بأن الإمام جعل نهر الفرات منطقة حيادية بينه وبين العدو، وقد ظلّ الوضع هكذا حتى يوم السابع من محرّم عندما جاءت الأوامر من عبيد الله بن زياد بقطع الماء عن الإمام الحسين (عليه السلام)، هذا من ناحية، ومن ناحية أخرى يمكننا القول أنّ المفترض بجيش الكوفة أن لا يرتكب هذه الجريمة الفضيعة لعدة أسباب هي: أ- إرواء الإمام الحسين لجيش حر بن يزيد الرياحي عندما وصل إلى ذي الحُسم، وهو يكاد أن يهلك من الظمأ فمن المفترض من أن لا ينسى هذا الجيش هذه المأثرة وأن يردوا جميل الإمام الحسين (عليه السلام) بأقل ما يمكن وهو السماح له بأخذ الماء من الفرات. ب- كان العرب يستهجنون قطع الماء، ويعدون مثل هذا العمل منافياً للشهامة والرجولة فالشجاع الذي يقابل أقرانه بحد السيف لا يتوسل بهذه الوسائل الدنيئة، وأول من ارتكب هذه الجريمة في الإسلام هو معاوية بن أبي سفيان، وعندما نقرأ رسالة عبيد الله بن زياد نجد أنّ مثل هذا العمل خارج عن العُرف القتالي وهو مستهجن. ج- إنّ إغلاق الفرات ومنع الإمام وأصحابه من الوصول إلى شواطئه بحاجة إلى قوة عسكرية كبيرة جداً، ولم تكن القوة التي جاءت مع الإمام الحسين بقيادة الحر بن يزيد الرياحي التي بلغت الألف، ولا حتى الحصار الكامل على الماء ولم يكن المتوقع من عبيد الله بن زياد أن يبعث لقتال الإمام الحسين إلاّ قوة تناسب العدد الموجود في معسكر الإمام، لكن أن يصل تعداد هذه القوة إلى ثمانين ألف على رأي أبي مخنف ، أو ثلاثين ألفاً على رأي ابن عنبة. وخمس وثلاثين ألف على رأي أبن شهر آشوب، فهذا أمر غير قابل للتصور، فلقد أعد ابن زياد قوة كانت كافية لفتح دولة بأكملها وليّس لمواجهة جيش لا يزيد قوامه على مائة وعشرين نفراً في أحسن الفروض. من هنا نعرف أنّ القوة الإضافية التي أرسلت من الكوفة كانت للسيطرة على شاطئ الفرات أولاً وللسيطرة على الطرق الموصلة إلى كربلاء لمنع وصول أيّة إمدادات إلى الإمام الحسين (عليه السلام). من هنا فإن إرسال قوة من ثمانين ألف لمواجهة مجموعة لا يزيد عددها عن مائة وعشرين هو خلاف كل القواعد العسكرية، فالمستقرئ للوضع العسكري كان يرى أنّ عبيد الله بن زياد سوف يكتفي بقوة لا تزيد في أكثر الفروض عن أربعة آلاف نسمة، وفي هذه الحالة لا يمكن لهذه القوة من فرض سيطرتها بصورة تامة على ماء الفرات بالإضافة إلى قيامها بأدوارها العسكرية الأخرى. دمتم في رعاية الله

2