تفسير القرآن
ما معنا تفسير {وما خلقنا الجن والإنس إلا ليعبدون} هل هذا يعني كما قال الامام التفسير انهو ( ما خلقت الجن والإنس إلا لايعرفون)
السلام عليكم ورحمة الله و بركاته ، مرحبًا بك أيها السائل الكريم جاء في العلل بإسناده إلى أبي عبد الله عليه السلام قال: خرج الحسين بن علي عليه السلام على أصحابه فقال: إن الله عز وجل ما خلق العباد إلا ليعرفوه، فإذا عرفوه عبدوه، فإذا عبدوه استغنوا بعبادته عن عبادة من سواء. فحقيقة العبادة نصب العبد نفسه في مقام الذلة و العبودية وتوجيه وجهه إلى مقام ربه، وهذا هو مراد من فسر العبادة بالمعرفة يعني المعرفة الحاصلة بالعبادة. فحقيقة العبادة هي الغرض الأقصى من الخلقة و هي أن ينقطع العبد عن نفسه وعن كل شئ ويذكر ربه. وجاء في تفسير الميزان - السيد الطباطبائي - ج ١٨ - الصفحة ٣٨٦: قوله تعالى: (وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون) فيه التفات من سياق التكلم بالغير إلى التكلم وحده لان الافعال المذكورة سابقا المنسوبة إليه تعالى كالخلق وإرسال الرسل وإنزال العذاب كل ذلك مما يقبل توسيط الوسائط كالملائكة وسائر الأسباب بخلاف الغرض من الخلق والايجاد فإنه أمر يختص بالله سبحانه لا يشاركه فيه أحد. وقوله: (إلا ليعبدون) استثناء من النفي لا ريب في ظهوره في أن للخلقة غرضا وأن الغرض العبادة بمعنى كونهم عابدين لله لا كونه معبودا فقد قال: ليعبدون لم يقل: لأعبد أو لأكون معبودا لهم. على أن الغرض كيفما كان أمر يستكمل به صاحب الغرض ويرتفع به حاجته والله سبحانه لا نقص فيه ولا حاجة له حتى يستكمل به ويرتفع به حاجته، ومن جهة أخرى الفعل الذي لا ينتهي إلى غرض لفاعله لغو سفهي ويستنتج منه أن له سبحانه في فعله غرضا هو ذاته لا غرض خارج منه، وأن لفعله غرضا يعود إلى نفس الفعل وهو كمال للفعل لا لفاعله، فالعبادة غرض لخلقة الانسان وكمال عائد إليه هي وما يتبعها من الآثار كالرحمة والمغفرة وغير ذلك، ولو كان للعبادة غرض كالمعرفة الحاصلة بها والخلوص لله كان هو الغرض الأقصى والعبادة غرضا متوسطا. دمتم في رعاية الله