logo-img
السیاسات و الشروط
علي المرتضى ( 20 سنة ) - العراق
منذ سنتين

بيت مال المسلمين

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته هل صحيح ان الامام علي(ع) كان يتقاضى اعلى اجر في خلافة عمر بن الخطاب لعنة الله ام هذا فقط في كتب السنة وكم كان يتقاضى الامام علي في خلافة الثلاثة لعنهم الله


السلام عليكم ورحمة الله و بركاته ، مرحبًا بك أيها السائل الكريم نجيب عن سؤالكم بعدة نقاط: النقطة الاولى: انفردت الشريعة الإسلامية من دون الشرائع ، بأنها توجب على الدولة أن تقدم عطاء شهرياً أو أسبوعياً أو يومياً بحسب تقدير الإمام ، إلى كل واحد من رعاياها ، على قدم المساواة بين جميع أفراد المجتمع .فعندما أعلن الرسول قيام الدولة الإسلامية في المدينة المنورة ، أمره الله سبحانه و تعالى أن يوزع ما زاد عن نفقات الدولة على رعاياها ، و بالسوية ، فقام الرسول بتنفيذ هذا الأمر الإلهي طوال عهده الخالد ، ولم يفرق في ذلك بين إنسان و إنسان ، حتى صار عمله سنة فعلية واجبة الإتباع ، علاوة على أنها أمر إلهي . النقطة الثانية : جاء أبو بكر و اتبع سنة الرسول الفعلية هذه ، فكان يقسم المال بالسوية بين الناس ، و لما تسلم عمر بن الخطاب الخلافة من بعد أبي بكر رأى أن سنة الرسول التي تسوّي بالعطاء بين الناس ليست مناسبة و لا عادلة ! لقد رأى هذا الخليفة أن التسوية بالعطاء ليست عدلاً ، و تصوّر أنه قد اكتشف فيها عيوباً ، فقرر بوصفه خليفة رسول الله أن يبطلها و يُحِلَّ محلها سنة جديدة أوحى له بها عقله ، فقسم الناس على مراتب في ‏نفسه ، و قسم العطاء عليهم بحسبها ! بل إن عمر لم يساو في العطاء حتى بين زوجات الرسول ، فأعطى عائشة اثني عشر و حفصة مثلها ، و أعطى لكل واحدة من زوجات الرسول الأخر عشرة آلاف درهم . و ينبغي التذكير بأن الصحابة كانوا حددوا راتب الخليفة أبي بكر بستين درهماً في الشهر ، و كانت تكفيه لنفقات عائلته و ضيوف الخلافة . كما أغدق عمر عطاياه على كبار رجالاته و أعوانه ، كعثمان و طلحة و الزبير و عبد الرحمن بن عوف و سعد بن أبي وقاص و عمرو بن العاص و غيرهم من كبار الأغنياء ، و خص بعطاياه رؤساء القبائل و وجهاء المجتمع ، و من هو بحاجة إلى ولايتهم و تأييدهم ، فكان يعطي الواحد منهم الآلاف المؤلفة ، أما بقية الناس فكان يعطي كل واحد منهم بضعة دراهم ! و بهذه السياسة أبطر عمر الأقلية المترفة و زاد الأغنياء غنى وصل إلى درجة الفحش ! و زاد المعدمين فقراً وصل إلى الإرقاع و التسول ! و استمر بهذه السياسة تسع سنين من عهده الظالم، مخالفاً لسنة رسول الله و عاملاً برأيه الشخصي ! النقطة الثالثة : لم يستفظع فعل عمر إلا أهل بيت النبوة و قلة من مواليهم ، فتجاهلهم الخليفة الغالب و نسي الناس أو أنسوا سنة الرسول ، و اتبعوا رأي عمر الذي تحول مع العمل و التكرار بقدرة قادر إلى سنة واجبة الإتباع ، ثم اكتشف عمر نفسه آثار رأيه المدمرة ، و مع هذا بقي سائراً عليه حتى مات ! و جاء الخليفة الثالث فسار على نهج صاحبه و بالغ بالعطاء إلى أقاربه بإسم « صلة الرحم » و كوَّنَ منهم طبقة اجتماعية جديدة مترفة ! النقطة الرابعة : عندما قتل الخليفة الثالث ، لاذ المؤمنون الصادقون بالإمام علي (عليه السلام )،و أصروا عليه أن يبايعوه ، فبايعوه فعلاً ، و بايعه الذين بايعوا الخلفاء الثلاثة السابقين ، و تخلف عن بيعة الإمام قسم من الطبقة المترفة التي استغنت من حكم الخلفاء الثلاثة السابقين ، كما تخلف عن بيعته المنافقون و أعداء الله السابقون الذين تستروا بالشهادتين ! و الناس مجتمعون يلحون على الإمام للقبول بالخلافة أعلن الإمام برنامجه ، و كان على رأس بنود هذا البرنامج : العدل في الرعية و تقسيم المال بالسوية . و سأل الإمام الذين ناشدوه القبول بمنصب الخلافة إن كانوا يوافقون على هذا البرنامج ، فأجابوه نعم بالإجماع ، عندئذٍ قبل الإمام و بايعه الناس على ذلك . كان هدف الإمام أن يعيد شرع الله و سنة نبيه ، و من أبرزها تقسيم المال بين الناس بالسوية لأنها سنة تميز دين الإسلام عملياً و نظامه السياسي عن غيره ، و تشكل الأساس للنظام الإقتصادي الإسلامي ، و تشكل تأميناً ضد البطالة و العوز ، و تضمن تلبية الحاجات الأساسية لكل أفراد المجتمع الإسلامي ، و لأنها الفائدة العملية التي يجنيها كل فرد من وجود الدولة . لذلك أعطى الإمام اهتمامه لهذه السنة التي أوشك الناس أن يتناسوها ، بعد أن هجرها الخليفتان قرابة عشرين سنة و حملا الناس على تناسيها و تركها بقوة الدولة و سلطانها . ولم تكن مهمة الإمام سهلة فقد أحدث الخليفتان الثاني و الثالث انقلاباً حقيقياً بالمفاهيم و القيم ، و لذلك وجد الإمام مقاومة عنيفة من كل أولئك الذين استفادوا في العهود السابقة من عدم التسوية في العطاء ، فكان الإمام يسألهم : « أليس كان رسول الله يقسم بالسوية بين المسلمين ؟! » و كان طوال عهده المبارك يقسم المال بالسوية ، و يأخذ لنفسه العطاء الذي يأخذه أي واحد من الناس ، بل إن الإمام بذل جهوده لاسترجاع الأموال التي خص بها الخليفتان الثاني و الثالث أفراد الطبقة المترفة على اعتبار أنها أموال عامة أخذوها بغير حق ، و لا تسقط بالتقادم ! و تابع أئمة الهدى ما بدأه الإمام ، حتى أصبح واضحاً للخاصة و العامة بأن التسوية بالعطاء جزء لا يتجزأ من الشريعة و ليس من حق الحاكم و لا المجتمع ، أن يحرم إنساناً من هذا الحق الإلهي الثابت ثبوتاً مطلقاً كحق الإنسان بالحياة والحرية . قال الإمام علي لأخيه عقيل بن أبي طالب: « ما أنا و أنت فيه ـ يعني في بيت المال و بالعطاء ـ إلا بمنزلة رجلين من المسلمين » . و قال ( عليه السلام ) في بيان عمله الحاسم بسنة رسول الله ، و رده المستحدثات : « و أعطيت كما كان رسول الله يعطي بالسوية ، ولم أجعلها دولة بين الاغنياء » . و جاءه الصحابيان طلحة بن عبيد الله و الزبير بن العوام ، يطلبان التفريق و التفضيل بالعطاء! « فقالا له : إنا أتينا إلى عمالك على قسمة هذا الفئ ، فأعطوا كل واحد منا مثل ما أعطوا سائر الناس ، قال : و ما تريدان ؟ قالا : ليس كذلك كان يعطينا عمر . قال : فما كان رسول الله يعطيكما ؟ فسكتا ، فقال : أليس كان يقسم بالسوية بين المسلمين من غير زيادة ؟ قالا : نعم . قال : أفسنة رسول الله أولى بالإتباع عندكما أم سنة عمر ؟ قالا : سنة رسول الله ، و لكن يا أمير المؤمنين لنا سابقة و غناء و قرابة ، فإن رأيت أن لا تسوينا بالناس فافعل ، قال : سابقتكما أسبق أم سابقتي ؟ فقالا سابقتك ، قال الإمام : فقرابتكما أم قرابتي ؟ قالا : قرابتك ، قال الإمام : فغناؤكما أعظم أم غنائي ؟ قالا : غناؤك ، فقال الإمام : فوالله ما أنا و أجيري هذا إلا بمنزلة واحدة ، و أومئ بيده إلى الأجير » النقطة السادس : إنّ أمير المؤمنين علي عليه السلام كان يسير على نهج رسول الله (صلى الله عليه واله)،في توزيع المال فكان من أشد المعارضين لسياسة عمر فكيف يعطيه عمر أعلى راتب في الدولة ،لوسلمنا أنه يستلم راتبا من الدولة ،فهذا الكلام غير دقيق ،ولم نعثر على مصدر معتبر ينقل لنا هكذا حادثة . دمتم في رعاية الله

1