السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
هل بكاء الإنسان من خشية الله وحباً وشوقاً لله سبحانه وتعالى دلالة على صدق نية الإنسان وصلاحه وهو إنسان مؤمن؟
لان كثرة الذنوب تورث قساوة القلب..
وحزاكم الله خير الجزاء
السلام عليكم ورحمة الله و بركاته ، مرحبًا بك أيها السائل الكريم
إن البكاء سمة وعلامة الخشية والخشوع والتذلل والاستكانة والمسكنة لله تعالى ودليل الحب والعشق ، وأنه ليرقق القلب وليّنه ، والمداومة على البكاء خير معين لرقة القلب ونورانيته ، وتطهيره من الأدران التي تتعلق على جدرانه قال تعالى (ومِمَّنْ هَدَيْنَا وَاجْتَبَيْنَا إِذَا تُتْلَى عَلَيْهِمْ آَيَاتُ الرَّحْمَنِ خَرُّوا سُجَّدًا وَبُكِيًّا ) ١ وقال سبحانه (ويخرون للأذقان يبكون ويزيدهم خشوعا).
وان من اعظم الارزاق الإلهية والألطاف المعنوية ان يُوفَّق العبد للبكاء من خشية الله، ومن جمالية البكاء انه خليط الحزن والحرقة والنشوة والراحة روي عن الإمام علي (عليه السلام): بكاء العيون وخشية القلوب من رحمة الله تعالى ذكره ، فإذا وجدتموها فاغتنموا الدعاء .
وان البكاء مع التذلل خير سبيل لاستنزال الغيث والرحمات الالهية ، فالصغار يمتلكون وسائل جميلة وأساليب لطيفة امام اهلهم كالتملق والتودد ومنها البكاء لأجل دفع عقوبة عن انفسهم او لحصول اشياء منهم.
فالبكاء سواء كان خوفا من عقوبة أو طمعا في مثوبة أو تملقاً للمحبوب او شكرا للمعبود كل تلكم المقاصد هن من علائم العبودية لله عز وجل وإن كان هناك بون واسع بينهن من جهة الاخلاص والمعرفة .
إذن البكاء هو من أظهر تجليات المسكنة والفقر والفاقة والإنابة ويتسبب في إطفاء الغضب الإلهي وسخطه روي عن النبي (صلى الله عليه وآله): من خرج من عينيه مثل الذباب من الدمع من خشية الله آمنه الله به يوم الفزع الأكبر .
نقل عن الإمام الصادق (عليه السلام): ما من شئ إلا وله كيل أو وزن إلا الدموع ، فإن القطرة منها تطفي بحارا من نار، وإذا اغرورقت العين بمائها لم يرهق وجهه قتر ولا ذلة، فإذا فاضت حرّمه الله على النار، ولو أن باكيا بكى في أمة لرحموا .
نُقل عن علي عليه السلام وهو يتكلم مع نوف قال: أراقد أنت يا نوف ؟» قال: لا يا أمير المؤمنين، ما أنا براقد، ولقد أطلت بكائي هذه الليلة، فقال : «يا نوف، إن طال بكاؤك في هذا الليل مخافة من اللَّه عزّ وجلّ قرّت عيناك غداً بين يدي اللَّه عزّ وجلّ. يا نوف، إنّه ليس من قطرة قطرت من عين رجل من خشية اللَّه إلّا أطفأت بحاراً من النيران. يا نوف ، إنّه ليس من رجل أعظم منزلة عند اللَّه من رجل بكى من خشية اللَّه وأحبّ في اللَّه وأبغض في الله .
يكشف عن التحوّل العظيم في نفس الباكي، والتفاعل الكامل مع الله سبحانه وتعالى ومع أوامره ونواهيه، وتجلّي عظمته تعالى في قلب الباكي وخشوعه له. ومن هنا يكون البكاء ـ أيضاً ـ كاشفاً عن مستوىً عالٍ من الندم على المعاصي، وموجباً لغفران الذنوب، كما ورد في الحديث عن الإمام الحسن العسكريّ عليه السلام عن آبائه عليهم السلام، عن الإمام الصادق عليه السلام: "إنّ الرجل ليكون بينه وبين الجنّة أكثر ممّا بين الثرى إلى العرش, لكثرة ذنوبه، فما هو إلاّ أن يبكي من خشية الله عزّ وجلّ ـ ندماً عليها حتّى يصير بينه وبينها أقرب من جفنه إلى مقلته".
وروي عن رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) :
طوبى لصورة نظر الله إليها تبكي على ذنب من خشية الله عز وجل ، لم يطلع على ذلك الذنب غيره.
وروي عن الإمام علي ( عليه السلام ) :
من كرم المرء بكاؤه على ما مضى من زمانه.
دمتم في رعاية الله